خطة لتطويق بيت لحم بزنار استيطاني جديد

بيت لحم
بيت لحم
TT

خطة لتطويق بيت لحم بزنار استيطاني جديد

بيت لحم
بيت لحم

في الوقت الذي تذمّر فيه المجلس الأعلى للمستوطنات في الضفة الغربية من أن وتيرة الزيادة السكانية في مستوطنات الضفة الغربية تباطأت في السنوات العشر الأخيرة، سارعت السلطات الإسرائيلية إلى الإعلان عن خطة استيطانية جديدة، خصصت بموجبها 1200 دونم من الأراضي الفلسطينية المحتلة لبناء أحياء استيطانية جديدة تطوّق بها مدينة بيت لحم وبعض القرى القريبة منها.
فقد صادقت «الإدارة المدنية»، التابعة للجيش الإسرائيلي، على طلب وزارة الإسكان تخصيص هذه الأراضي لأغراض استيطانية عدة. من بينها تخطيط حي استيطاني جديد من شأنه توسيع مستوطنة «أفرات» باتجاه بيت لحم، وتوسيع المنطقة السكنية في المجمع الاستيطاني «غوش عتصيون» (مستوطنة ممتدة ما بين بيت لحم والخليل) إلى الضواحي الجنوبية لمدينة بيت لحم، وتخطيط الحي الاستيطاني «غفعات عيتام»، ومصادرة أراضٍ تابعة لقرية إرطاس التي أقيمت مستوطنة «أفرات» على جزء من أراضيها. وينطوي هذا المشروع على شقّ طرقات جديدة للمستوطنين وإقامة مشروعات بنى تحتية، ما يثير المخاوف من موجة مصادرة أخرى للأراضي الفلسطينية.
وقد شرعت الحكومة الإسرائيلية بالتخطيط للتوسع الاستيطاني حول بيت لحم في العام 2013، وبناء مئات من الوحدات الاستيطانية في «غفعات عيتام»، لكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو جمّد المخطط في ضوء الضغوط الدولية. وفي العام 2014 حاول وزير الإسكان الأسبق، أوري أرييل، من حزب «البيت اليهودي»، تعزيز التوسع الاستيطاني حول بيت لحم، لكن مخطط التوسيع تم تجميده مرة أخرى بضغوط مباشرة من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وفي العام 2016 أعلنت السلطات الإسرائيلية أنها أنجزت عملية مسح لمسطحات الأراضي، بغرض تأمين تواصل جغرافي بين «غفعات عيتام» و«أفرات»، عبر البناء الاستيطاني في المنطقة فوق أراضٍ، تدعي شركة «كيرن كييميت» الحكومية ملكيتها.
وكانت حركة «سلام الآن» الإسرائيلية قد توجهت إلى المحكمة العليا، في نهاية الشهر الماضي، لوقف التوسع الاستيطاني في هذه المنطقة. ويقول رئيس طاقم رصد الاستيطان في حركة «سلام الآن»، شبتاي بيندي، إن «الحكومة الإسرائيلية تتجاوز الخطوط الحمراء في التوسع الاستيطاني في هذه المنطقة، المعروفة باسم (E2)، ويمكن أن تضر ممارساتها الاستيطانية بشكل خطير فرص السلام وحل الدولتين». ولفت إلى أنه تم الإعلان عن التوسع الاستيطاني في نهاية الشهر الماضي بالتزامن مع إعلان تبكير الانتخابات ومع احتفال العالم بأعياد نهاية السنة.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، قد وجّه انتقادات شديدة اللهجة إلى إسرائيل بسبب مواصلة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس المحتلتين؛ حيث تمت الموافقة أو طرح مناقصات بشأن بناء 2334 وحدة استيطانية، مؤكداً أن ذلك يشكل انتهاكاً للقانون الدولي وعقبة أمام تحقيق حل الدولتين.
يذكر أن مجلس المستوطنات الإسرائيلي عقد جلسة طارئة للبحث فيما أسماه «خطر التباطؤ في النمو السكاني» في المستوطنات، شكا خلالها الأعضاء من أن «سنة 2018 سجلت أدنى نسبة نمو»، وقالوا إن سبب ذلك يعود إلى «سياسة إدارة الرئيس أوباما». ومع أن المجلس أشار إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو صادقت في العام 2017 على بناء عدد كبير من المساكن في المستوطنات، فقد انتقدها أعضاء مجلس المستوطنات وادّعوا أنها «لا تبني ما يكفي لاحتياجات التكاثر الطبيعي واحتياجات تنقل المواطنين من إسرائيل إلى المستوطنات».
وبحسب معطيات المجلس، يتضح أن وتيرة الزيادة السكانية في المستوطنات بلغت 3 في المائة في العام 2018، بينما كانت هذه النسبة 3.4 في المائة في العام 2017، و3.9 في المائة في العام 2016. ومن هنا جاء حديثهم عن «تباطؤ» النمو. وبلغت الزيادة السكانية في المستوطنات 12964 مستوطناً في العام 2018، بينما بلغت هذه الزيادة 14299 في العام 2017، لكن نسبة التكاثر السكاني في المستوطنات أعلى منها داخل «الخط الأخضر» حيث تبلغ 2 في المائة.
وقال مجلس المستوطنات إن الانخفاض في وتيرة التكاثر السكاني بدأ في العام 2009 بعد أن رضخت حكومة بنيامين نتنياهو، التي تشكلت في ذلك العام، لمطلب أوباما بتجميد البناء في المستوطنات في الضفة الغربية. لكن في العام 2008، إبان ولاية رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، سجل التكاثر السكاني في المستوطنات نسبة قياسية وصلت إلى 5.6 في المائة. وإثر ذلك ترسخت قناعة قادة الاستيطان بأنه مع نسبة نمو عالية كهذه سيتجاوز عدد المستوطنين نصف المليون نسمة في غضون سنوات قليلة. ولكنهم لم يحققوا الهدف، إذ يبلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية اليوم 448672 مستوطناً، وفق أرقام مجلس المستوطنات.
وفي رام الله، ندّدت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية، أمس، بالخطط الاستيطانية الجديدة في الضفة. وقالت الوزارة، في بيان أوردته وكالة الأنباء الألمانية، إنها تدين بأشد العبارات إقدام إسرائيل على تخصيص أراضٍ فلسطينية لصالح إقامة مستوطنة جديدة تضم آلاف الوحدات الاستيطانية جنوب بيت لحم، محذّرة من أن الخطوة الإسرائيلية تهدد بتطويق بيت لحم بجدار استيطاني من الجهات كافة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.