أمام مخاطر الوصول إلى طريق مسدودة والخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق؛ ما يعني قطعاً حاداً للعلاقات التي نسجت على مدى أكثر من أربعة عقود، تنظر لندن في إمكانية تأخير موعد الخروج، كما صرحت مصادر عدة لصحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية.
وقالت الصحيفة في في تقرير أمس إن السلطات البريطانية «تدرس إمكانات» طلب تمديد محتمل للمادة 50 من معاهدة لشبونة التي تحدد آلية مغادرة دولة عضو في التكتل. لكن الحكومة سرعان ما نفت هذه التقارير. وأكدت الحكومة أن الخروج سيتم في موعده المحدد، أي في 29 مارس (آذار) المقبل، بغض النظر عما يمكن التوصل إليه بخصوص اتفاق «بريكست» المثير للجدل، والذي يرفضه الكثير من أعضاء البرلمان من معسكري الخروج والبقاء. واستبعدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مراراً تأجيل الخروج من الاتحاد، رغم أنها حذرت أعضاء البرلمان أيضاً من أنهم إذا رفضوا اتفاقها فقد يتعطل الخروج، أو قد تنفصل بريطانيا عن الاتحاد دون اتفاق.
وقالت الحكومة، أمس (الثلاثاء) إن النواب في مجلس العموم سيصوتون الثلاثاء المقبل على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي تفاوضت حوله لندن مع بروكسل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأشارت إلى أن البرلمان سيستأنف النقاشات حول هذا النص اليوم (الأربعاء) وغداً (الخميس) في مجلس العموم، ويمكن أن تمدد حتى الجمعة، لكن اعتماده يبقى مهدداً، لأن نواباً عدة من مؤيدي ومعارضي «بريكست» على حد سواء يعارضونه.
وأعلنت ماي أنها ستواصل العمل مع بروكسل للحصول على ضمانات من شأنها إقناع النواب حول قضايا شائكة عدة، مثل الحدود بين آيرلندا الشمالية، التي هي جزء من المملكة المتحدة، وبين جمهورية آيرلندا، التي هي عضو في التكتل الأوروبي، وذلك بعدما أجرت محادثات مع مسؤولين أوروبيين خلال فترة أعياد الميلاد.
وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون «بريكست» مارتن كالانان عند وصوله الثلاثاء لحضور اجتماع بين وزراء أوروبيين في بروكسل «نحن واضحون جداً: سياسة الحكومة هي أن المادة 50 لا يمكن تمديدها». وأضاف: «سنغادر الاتحاد الأوروبي في 29 مارس هذه السنة؛ لأن هذا ما تنص عليه المادة 50؛ لأن هذا ما صوّت عليه البرلمان، وهذا ما ينص عليه القانون الوطني البريطاني الآن».
وكانت صحيفة «ديلي تلغراف» المؤيدة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي نقلت عن مصادر لم تحددها، أن مسؤولين من بريطانيا والاتحاد الأوروبي يناقشون احتمال مد أجل الانفصال الرسمي عن التكتل في ظل مخاوف من عدم الموافقة على اتفاق الانفصال بحلول يوم 29 مارس. ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تذكرها في الاتحاد الأوروبي قولها إن مسؤولين بريطانيين «يستكشفون» و«يختبرون» إمكانية مد أجل المادة 50.
ورد ستيفن باركلي، وزير شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي عند سؤاله بشأن تقرير «تلغراف» قائلاً: «سنغادر الاتحاد الأوروبي يوم 29 مارس. لا نتطلع لمد الأجل».
وعند سؤاله مباشرة عما إذا كان ينفي صحة التقرير قال باركلي: «نعم. لأنني أوضح تماماً أن سياسة الحكومة هي المغادرة يوم 29 مارس». وأضاف: إن مد أجل المادة 50 ليس قراراً أحادياً للمملكة المتحدة. وإنما يحتاج أيضاً إلى موافقة بالإجماع من رؤساء دول الاتحاد الأوروبي.
وما زالت ضبابية شديدة تكتنف مستقبل الخروج البريطاني، حيث من المتوقع أن يصوّت أعضاء البرلمان البريطاني في الأسبوع المقبل بالرفض على الاتفاق الذي أبرمته ماي مع الاتحاد. ويخشى مستثمرون ورؤساء شركات من أن تؤدي مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق إلى اضطراب التبادل التجاري وأسواق المال وخلخلة سلاسل الإمداد لخامس أكبر اقتصاد عالمي. وإضافة إلى الانفصال دون اتفاق أو الخروج وفقاً لبنود اتفاق نوفمبر تشمل الخيارات الأخرى تأجيل الخروج رسمياً أو الدعوة لانتخابات برلمانية أو إجراء استفتاء آخر على عضوية الاتحاد الأوروبي.
وتسعى ماي للحصول على تطمينات من الاتحاد الأوروبي بشأن أكثر البنود إثارة للجدل في اتفاقها وهو مسألة الحدود في شمال آيرلندا. وقال ليو فارادكار، رئيس وزراء آيرلندا: إن الاتحاد الأوروبي مستعد لمنح بريطانيا تطمينات بشأن الترتيب الخاص بآيرلندا الشمالية قبل تصويت أعضاء البرلمان البريطاني على اتفاق الخروج في الأسبوع المقبل.
ونقلت عنه صحيفة «أيرش تايمز» قوله: «لا نريد إجبار بريطانيا على فعل شيء ما - نريد أن نجري محادثات بشأن العلاقات المستقبلية على الفور. أعتقد أن هذا هو نوع التطمينات التي نسعد بمنحها».
لكن ديفيد ديفيز، الوزير البريطاني السابق المسؤول عن شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي والمعارض لاتفاق ماي، قال: إن تطمينات مثل التي اقترحها فارادكار لن تكون كافية لإقناع المعارضين بدعم الاتفاق.
وفي سياق متصل، حذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أمس، من المخاطر التي قد تنتج من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق منظم لذلك. وقال ماس خلال مؤتمر منعقد في دبلن، عاصمة جمهورية آيرلندا: إن عدم التوصل إلى اتفاق يمكن أن يؤدي إلى أضرار جسيمة في بريطانيا، وكذلك في الاتحاد الأوروبي. وأضاف الوزير الاتحادي قائلاً: «إننا نحثّ أصدقاءنا البريطانيين بشكل ملح على التصرف على نحو مسؤول»، وتعهد ماس لجمهورية آيرلندا بتضامن بلاده بشأن مسألة الحدود بين جمهورية آيرلندا وآيرلندا الشمالية، التي تمثل نقطة محورية حاسمة في مفاوضات خروج بريطانيا من التكتل.
ضبابية شديدة تكتنف مستقبل خروج بريطاني من التكتل الأوروبي
مصادر في لندن وبروكسل تتوقع التأجيل... وألمانيا تحذّر من مخاطر المغادرة دون اتفاق
ضبابية شديدة تكتنف مستقبل خروج بريطاني من التكتل الأوروبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة