مصر تواصل تنفيذ خطة القضاء على العشوائيات بحلول 2030

تشكل 40 % من مساحة العمران ويسكنها 22 مليون مواطن

تطوير العشوائيات في مصر
تطوير العشوائيات في مصر
TT

مصر تواصل تنفيذ خطة القضاء على العشوائيات بحلول 2030

تطوير العشوائيات في مصر
تطوير العشوائيات في مصر

تواصل الحكومة المصرية العمل على تنفيذ خطة تطوير المناطق العشوائية، والتي تشكل أحد التحديات الكبيرة في مجال الإسكان والعقارات، فإلى جانب إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، أو إسكان اجتماعي، أو مدن جديدة، تعمل الحكومة المصرية على تطوير المساكن القائمة بالفعل في مناطق صنف بعضها على أنها مناطق شديدة الخطورة لا تصلح للسكن، وتأمل الحكومة أن تستطيع القضاء على العشوائيات بحلول عام 2030.
المهندس خالد صديق، رئيس صندوق تطوير العشوائيات، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، عن خطة تطوير العشوائيات، وقال إن «الدولة انتهت من تطوير من 102 ألف وحدة، ويجري العمل على تطوير 93 ألف وحدة سكنية أخرى، ضمن المناطق التي كانت تصنف على أنها مناطق غير آمنة وشديدة الخطورة».
وأوضح صديق أن «عدد الوحدات المتبقية هو 27 ألف وحدة، من الأملاك الخاصة، والتي سيتم التعامل معها باستراتيجية مختلفة، تسمى استراتيجية التمكين بالتحسين، حيث يتحمل الصندوق تكلفة التخطيط التفصيلي للمنطقة، واستخراج رخصتي الهدم والبناء، وإزالة المخلفات، ووضع التصميمات المعمارية والإنشائية للمباني، بينما يدخل صاحب العقار شريكا لمطور عقاري يتحمل تكاليف البناء»، مشيرا إلى أن «هذه الاستراتيجية تم تنفيذها بطريقة بدائية في 24 ألف وحدة سكنية، في القاهرة والإسكندرية».
وافتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيرا عددا من المناطق العشوائية التي تم الانتهاء من تطويرها، مثل منطقة «روضة السيدة» بالقاهرة، التي كانت تعرف باسم «تل العقارب»، ومشروع «بشائر الخير 2»، في الإسكندرية، والذي أقيم بمنطقة «غيط العنب»، فعلى مدار سنوات انتظر سكان منطقة «تل العقارب»، بوسط القاهرة تنفيذ وعود التطوير، التي تكررت في كل العصور، حتى أنهم كانوا يصفون حيهم، بأنه «وردة ذابلة في وسط القاهرة»، فهم يعيشون في مساكن وعشش آيلة للسقوط، دون أي نوع من الخدمات، لكن الحال تغير الآن، فتلك المنطقة لم تعد موجودة، وإذا مررت بها لن تعرفها، فالعشش والمباني الآيلة للسقوط تحولت إلى مبانٍ جميلة، تتوسطها حدائق، وشوارع نظيفة، حتى أن اسم المنطقة تغير، وأصبح «روضة السيدة».
وقال صديق إن «الدولة اعتمدت في مشروع روضة السيدة، أسلوبا مختلفا، حيث تم بناء مجتمع عمراني متكامل، في نفس المنطقة العشوائية، رغم ارتفاع التكلفة، لكن الخطة كانت عمل منطقة إشعاع حضاري في السيدة زينب، ليكتمل مشروع تطوير العشوائيات وبتلاحم مع مشروعات أخرى في مناطق سور مجرى العيون وماسبيرو والقاهرة الفاطمية»، وأضاف: «نريد أن نقضي على صورة المناطق العشوائية».
ولا تقتصر مشروعات تطوير العشوائيات على البناء في نفس المنطقة أو تطويرها، حيث إن هناك بعض المناطق غير صالحة للسكن، وتصنف باعتبارها مناطق غير آمنة، ووفقا لإحصائية أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2016. فإن عدد المناطق العشوائية غير الآمنة كان يقدر بـ351 منطقة، ربما تعد منطقة «الدويقة» أشهرها إعلاميا، في أعقاب حادث سقوط صخرة الدويقة الشهير عام 2008.
وأوضح صديق أن «التعامل مع المناطق العشوائية غير الآمنة تم عن طريق بناء مساكن بديلة للسكان في منطقة أخرى، ونقلهم إليها»، مشيرا إلى أن «مشروع الأسمرات نقل إليه سكان 15 منطقة غير آمنة، والتي لا يمكن بناؤها مرة أخرى بسبب الانهيارات الصخرية، أو وجودها على طريق سكة حديد، أو في منطقة جبلية».
وأضاف صديق أنه «يجري العمل على دراسة كيفية استغلال الأراضي التي تم إخلاؤها من السكان لخطورة البناء عليها، حتى لا يعود المواطنون للسكن فيها مرة أخرى»، مشيرا إلى أن «هناك مناطق ذات كثافة سكنية عالية جدا مثل المواردي وقلعة الكبش، وبعد إخلاء هذه المناطق من سكانها، يمكن تحويلها إلى مناطق خدمية وتجارية تخدم المناطق المحيطة بها».
وعقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، اجتماعا الأسبوع الماضي، لبحث ملف تطوير العشوائيات، وقال المستشار نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، في تصريحات صحافية عقب الاجتماع، إن «رئيس الوزراء أكد أهمية إنشاء مشروعات تنموية على أراضي المناطق العشوائية التي تم إخلاؤها بسرعة حتى لا يستغلها أحد».
وتختلف أنواع المناطق العشوائية في مصر بين الإسكان غير الآمن، والإسكان العشوائي، والإسكان غير المخطط، وتضع الدولة خططا مختلفة لتطوير كل منطقة على حدة، وتعد منطقة منشية ناصر بالقاهرة إحدى أشهر المناطق العشوائية، والتي تتضمن جميع أنواع العشوائيات، حتى أنها تتضمن مساكن مخططة أيضا، في إسكان سوزان مبارك.
وتابع صديق أن «40 في المائة من المسطح العمراني السكني في 230 مدينة مصرية غير مخطط (عشوائي)، بمساحة 160 ألف فدان، من إجمالي 417 ألف فدان، ويسكن هذه المناطق غير المخططة نحو 22 مليون مواطن»، وقال: «نسعى للقضاء على هذه المناطق بحلول 2030 بتكلفة تبلغ 350 مليار جنيه (الدولار الأميركي يعادل 17.8 جنيه مصري)».
وأكد صديق أن «التحدي الأعظم لم يعد الميزانية بل الناس، فعلى مدار 40 عاما فشلت محاولات تطوير منطقة مثلث ماسبيرو في القاهرة، بسبب السكان، لكننا تمكنا مؤخرا من وضع حل لهذه المشكلة، عبر التفاوض مع الأهالي وتنفيذ رغباتهم، حتى أن الدولة دفعت تعويضات للملاك تعادل سعر السوق، وبالفعل تم إخلاء المنطقة وهدم المباني العشوائية بها، تمهيدا لتنفيذ مشروع التطوير».
وأوضح أن «هناك مخططا لتطوير المنطقة عرضته هيئة المجتمعات العمرانية، وستقوم بتنفيذ جزء كبير منه على الأراضي المملوكة لشركة ماسبيرو والشركة القابضة، والأراضي التي تم شراؤها من الملاك الصغار، وهذه مساحة كبيرة إذا ما أضيف إليها مساحة 6 ونصف فدان تم اقتطاعها من الملاك لبناء وحدات سكنية بديلة للسكان الأصليين»، وقال: «أما الأراضي المملوكة للشركات العربية الأخرى فننتظر موافقتهم على مخطط التطوير، أو أن يعملوا هم على البناء في أرضهم بشرط الالتزام بالمخططات الموجودة».
ووفقا لصديق فإن «منطقة ماسبيرو ستتحول إلى منطقة فنادق وشقق فندقية، ومولات تجارية، ووحدات إدارية»، وقال إنه «من المنتظر تطبيق نموذج ماسبيرو في منطقة (أركاديا مول) و(رملة بولاق)، المجاورة لماسبيرو على كورنيش النيل».
وخصصت الحكومة المصرية هذا العالم 15 مليار جنيه لصندوق تطوير العشوائيات، لكن تكلفة التطوير الكبيرة، تدفع القائمين على الصندوق في التفكير في حلول استثمارية توفر عائدات للصندوق في المستقبل.
وقال صديق: «نسعى لتخفيف العبء على الدولة عبر توفير أرباح من بعض المشروعات، مثل بيع فائض الوحدات السكنية في المشروعات التي يتم الانتهاء منها، أو بيع الأراضي، أو بيع المحلات التجارية التي يتم إنشاؤها في بعض المشروعات مثل مشروع بشائر الخير»، مشيرا إلى أن «مشروع قرية الصيادين، برأس البر، وفر أرضا قيمتها 700 مليون جنيه، ويمكن إعادة استغلالها استثماريا».
وحول منع إقامة مناطق عشوائية جديدة قال صديق إن «منع البناء العشوائي، والحفاظ على ما تم إنجازه من مدن جديدة أحد التحديات التي تواجه الحكومة، ولحلها يعكف مجلس النواب على إعداد قانون البناء الجديد، وقانون التصالح على مخالفات البناء، بينما تتولى شرطة التعمير مسؤولية الحفاظ على المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة».
وأخيرا تظاهر سكان منطقة الأسمرات الجديدة اعتراضا على دفع رسوم الصيانة، ولكن الصندوق أصر على موقفه، وقال صديق: «هذا المبلغ، وهو 300 جنيه شهريا عن كل وحدة، ضروري للحفاظ على المشروع الذي تكلف 10 مليارات جنيه، ويجب على السكان دفعه، دون استثناءات».
وأوضح صديق أن «خطة الصندوق عام 2019 ستتضمن استكمال الوحدات المتبقية في الإسكان غير الآمن، والبدء في تطوير المناطق غير المخططة، والأسواق العشوائية»، مشيرا إلى أن الصندوق «طوّر 52 منطقة غير مخططة لخدمة 410 آلاف أسرة، بتكلفة 900 مليون جنيه، بينما أنفق 23 مليار جنيه لخدمة 200 ألف أسرة في الإسكان غير الآمن».
وقال إن «مصر بها 1105 أسواق عشوائية، بينها 134 سوقا في القاهرة، ونسعى لتطويرها ببناء أسواق بديلة في نفس المكان أو بالقرب منه»، مشيرا إلى أنه «من المنتظر افتتاح سوق التونسي بعد تطويره خلال العام الجاري بتكلفة 250 مليون جنيه».
ويجري الانتهاء حاليا من مشروع «الأسمرات 3»، ويضم نحو 7298 وحدة سكنية، ومشروع «المحروسة 2»، ويتكون من 1666 وحدة سكنية، ومشروع «روضة السيدة»، ويتكون من 816 وحدة سكنية.
إلى ذلك، قال الدكتور تامر ممتاز، خبير اقتصادي، إن «طريقة سير مشروع تطوير العشوائيات الحالية لن تقضي على المشكلة»، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الروابط التي تحيط بالمواطن بالعشوائيات من أهله وأصدقائه ومحل عمله هي الأهم في عملية تطوير العشوائيات، فلا بد أن يتم توفير الروابط الأساسية للناس في حي الأسمرات مثلا قبل نقلهم إليه، مثل توفير العمل وتسهيل التواصل الأسري».
وأضاف ممتاز أن «المواطن إذا لم يجد روابطه واحتياجاته في المكان، لن يسكن فيه، مهما بدا جميلا ومريحا من وجهة نظر القائمين على التطوير»، ضاربا المثل بمحاولة نقل سكان الصحراء إلى شقق سكنية في الماضي، والتي قوبلت بالرفض لأن السكان لم يشعروا بالراحة في مساكنهم الجديدة الجميلة.
وأكد أنه «لا بد أن نسأل سكان المناطق العشوائية عن احتياجاتهم في المناطق الجديدة»، متسائلا «ما الذي يمنع إنشاء مساحات تسمح لقاطني العشوائيات بعد انتقالهم إلى المدن الجديدة بأن يربوا حيوانات ودواجن، دون أن تكون مضرة بالشكل الجمالي».


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».