سلسلة «إجراءات قاسية» لتقويض «حماس» في غزة

عباس بصدد وقف تمويل القطاع بعد سحب عناصر السلطة من رفح

سلسلة «إجراءات قاسية» لتقويض «حماس» في غزة
TT

سلسلة «إجراءات قاسية» لتقويض «حماس» في غزة

سلسلة «إجراءات قاسية» لتقويض «حماس» في غزة

كشفت مصادر فلسطينية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» عن أن الرئيس محمود عباس بصدد اتخاذ «سلسلة من الإجراءات القاسية» ضد حركة «حماس» في قطاع غزة، سعياً إلى تقويض سلطتها هناك أو إجبارها على تسليم القطاع.
ونقلت المصادر عن الرئيس قوله إن «اللعبة انتهت». وأضافت أنه أبلغ نظيره المصري عبد الفتاح السيسي بقراراته، «بما في ذلك نيته سحب عناصر السلطة من معبر رفح الحدودي». وأشارت إلى أن عباس «قرر أن ينتقل إلى مرحلة التنفيذ تحت شعار كل شيء أو لا شيء». وأوضحت أن «سحب السلطة من معبر رفح جاء في سياق إلغاء أي اتفاقات جانبية. إما تسليم غزة أو لا». وكانت السلطة الفلسطينية أمرت موظفيها بالانسحاب من معبر رفح الحدودي مع مصر، ما يعني عملياً إعادة إغلاق المعبر الذي يعد المنفذ الرئيسي لسكان القطاع. ومنذ تسلمت السلطة معبر رفح بعد اتفاق 2017 في القاهرة، دأبت مصر على فتح المعبر بشكل منتظم، لكن انسحاب السلطة الآن يثير شكوكاً حول إمكانية فتحه من جديد.
وأشارت السلطة إلى أن قرار الانسحاب من المعبر كان رداً على تقويض «حماس» عملياتها واحتجاز بعض موظفيها. وقالت الهيئة العامة للشؤون المدنية إنه «أمام إصرار حماس على تكريس الانقسام، وآخره ما طال الطواقم من استدعاءات واعتقالات والتنكيل بموظفينا، وبعد وصولنا لقناعة بعدم جدوى وجودهم هناك وإعاقة حركة حماس لعملهم ومهامهم، قررنا سحب موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية كافة والعاملين على معبر رفح».
وبدأ سريان القرار أمس، إذ غادر الموظفون مكاتبهم، وعاد موظفو وزارة الداخلية التابعة لحركة «حماس» لتسلم المعبر الحدودي. وقال مسؤول في «حماس» إن «موظفي المعبر عادوا بقرار سياسي وتسلموا المكاتب والإدارات كافة في معبر رفح لخدمة أبناء شعبنا وحتى لا يصبح هناك أي فراغ».
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم في بيان: «نؤكد أننا سنحافظ على مقدرات شعبنا ومكتسباته، وستبقى الوزارة أمينة وحريصة على مصالح شعبنا»، مشيراً إلى أن وزارته أبلغت مساء الأحد من رئيس هيئة المعابر والحدود في السلطة الفلسطينية نظمي مهنا «بسحب موظفي الهيئة العاملين في معبر رفح ابتداء من صباح الاثنين».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن «حماس» أجرت اتصالات مكثفة مع مصر من أجل الضغط على السلطة للتراجع عن قرارها، أو في أسوأ الظروف قبول مصر بالتعاون مع «حماس» في فتح المعبر مجدداً، لكن لم تتلق الحركة تطمينات.
وقال مسؤول في رام الله لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر لا تتعاطى مع حماس على أنها جهة شرعية». وأضاف أن «الرئيس السيسي أبدى دعماً كبيراً لشرعية الرئيس عباس، وأكد أن مصر لا تتعامل إلا مع القيادة الفلسطينية كجهة شرعية وممثلة للفلسطينيين، وأن كل ما مضى لم يعدُ كونه مجرد تفاهمات ميدانية لتجنيب القطاع حرباً والفلسطينيين مزيداً من التفسخ». وأضاف أن «ثمة قرارات مرتقبة تتعلق بوقف تمويل الانقلاب وإجراء انتخابات، وربما قرارات سياسية ذات مغزى إذا لم تستجب حماس». وكان عباس التقى السيسي في القاهرة ضمن زيارة استمرت 4 أيام. وتلقى عباس أثناء مغادرته القاهرة اتصالاً هاتفياً من السيسي، ثمن فيه حضوره لمصر ومشاركته في افتتاح مسجد «الفتاح العليم» وكاتدرائية «ميلاد السيد المسيح» في العاصمة الإدارية الجديدة، فيما أكد عباس «عمق العلاقة الأخوية بين الشعبين الفلسطيني والمصري، وأهمية مواصلة التنسيق والتواصل الدائم بين القيادتين».
ورعت مصر هدنة بين إسرائيل و«حماس» كانت سبباً في توترات بين السلطة والقاهرة قبل أن تبرد زيارة عباس إلى مصر الأجواء. ورفضت السلطة إعطاء «حماس» أي دور شرعي في غزة، وقالت إن إسرائيل تحاول تقوية الحركة في غزة من أجل تحويل الانقسام إلى انفصال.
واتهمت السلطة «حماس» مراراً برفض تطبيق المصالحة، وساءت العلاقة بينهما الأسبوع الماضي بشكل أكبر، مع منع الحركة التي تسيطر على غزة حركة «فتح» من الاحتفال بالذكرى الرابعة والخمسين لتأسيسها. ووصف عباس قادة «حماس» بـ«الجواسيس».
وتعرض مئات من عناصر «فتح» للاعتقال والتهديد والضرب في غزة إثر إصراراهم على إقامة مهرجان ذكرى الانطلاقة الذي ألغي أمس «حقناً للدم». كما تعرض «تلفزيون فلسطين» التابع للسلطة إلى التحطيم في غزة في أجواء أعادت إلى الأذهان فترة الاقتتال الداخلي قبل أكثر من 10 أعوام.
واتهمت «فتح» أجهزة أمن «حماس» بشنّ حملة اعتقالات واستدعاءات طالت 500 من عناصرها في قطاع غزة. وقالت الحركة في بيان أمس إن «ميليشيا حماس اعتقلت أكثر من 500 من قادتها وأبنائها في غزة منذ مساء الأحد بسبب إصرارهم على إحياء فعاليات الانطلاقة الرابعة والخمسين».
وتحدث الناطق باسم «فتح» عاطف أبو سيف عن «عمليات اختطاف من الشوارع، ومداهمات للبيوت وتفتيشها واستدعاءات». وأضاف: «يتعرض أبناؤنا لمعاملة سيئة وتعذيب لا يليق بشعبنا. الاعتقالات تطال الأطر التنظيمية كافة، كما تتم مصادرة المواد الإعلامية والدعائية الخاصة بالانطلاقة، وهذا لن يثني فتح عن المضي في برنامج فعاليات الانطلاقة».
واعتبر محافظ غزة إبراهيم أبو النجا أن ما تقوم به «حماس» ضد خصومها «ليس مستغربا على ممارستها». وقال إن «قمع حماس لحركة فتح لن يزيد أبناءها إلا صموداً وقوة وعزيمة على إفشال مشروع انفصال قطاع غزة عن الضفة».
ووصف أمين سر المجلس الثوري لحركة «فتح» ماجد الفتياني تصرفات «حماس» بأنها «سلوك مجموعات من العصابات وقطّاع الطرق وليس عملاً وطنياً ولا ينم عن أي مسؤولية وطنية». ووجه رسالة إلى قيادة «حماس» قال فيها: «مهما اعتقلتم وطاردتم وخططتم مع الاحتلال ووكلائه لن تفلحوا ولن تصلوا حتى إلى الأوهام التي في رؤوسكم، إذ أثبتت الأيام الماضية أن قطاع غزة بكل أبنائه هو جمهور هذه الثورة التي تعظم شهداءها وتتمسك بفكرتها وتسعى لحماية ثوابت هذا الشعب وحقوقه». واتهم «حماس» بـ«العمل على تدمير المشروع الوطني وتأجير ما تبقى من قيم لدى بعض قادتها للاحتلال وأعوانه». وأضاف أن «حماس وعصاباتها لا يعتقدون كما نحن نعتقد بأن فلسطين هي وطننا بكل تفاصيله، بدولته المستقلة وعاصمتها القدس، فيما لا يزالون يعتقدون بوهم الإمارة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، بل تخدم أهداف الاحتلال وتطيل مداه وتفتح المجال أمام الغول الاستيطاني». وأكد أن «القيادة بصدد بحث الإجراءات التي يمكن اتخاذها بحق هذه العصابات التي خرجت على كل القيم الوطنية».
واستنكر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير منسق القوى والفصائل واصل أبو يوسف «اختطاف واعتقال المئات من قياديي وكوادر حركة فتح من قبل أجهزة حركة حماس»، وقال إنه «أمر مرفوض». وطالب بـ«تغليب المصلحة الوطنية العليا لشعبنا والحفاظ على مقدراته... وليس ترسيخ الانقسام والانفصال ومنع إقامة الدولة الفلسطينية وضرب المشروع الوطني الفلسطيني». ورأى أنه «لا بد من عزل هذه الفئة الضالة التي تحاول تكريس هذا الانقسام».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».