إسرائيل تقصف مواقع في غزة وتوقف تحويل الأموال القطرية

فلسطينيان يعاينان مخلفات غارة إسرائيلية على موقع لـ {حماس} في خان يونس أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيان يعاينان مخلفات غارة إسرائيلية على موقع لـ {حماس} في خان يونس أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقصف مواقع في غزة وتوقف تحويل الأموال القطرية

فلسطينيان يعاينان مخلفات غارة إسرائيلية على موقع لـ {حماس} في خان يونس أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيان يعاينان مخلفات غارة إسرائيلية على موقع لـ {حماس} في خان يونس أمس (أ.ف.ب)

قصفت إسرائيل أهدافاً في قطاع غزة، أمس، رداً على إطلاق مسلحين في القطاع صاروخاً باتجاه مستوطنات في محيطه اعترضه نظام القبة الحديدية. وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي: إن «طائرات ومروحيات سلاح الجو هاجمت أهدافاً إرهابية عدة في معسكر تدريب تابع لـ(حماس) في شمال قطاع غزة رداً على إطلاق الصاروخ باتجاه إسرائيل». وأشار إلى أن «الجيش يحمّل (حماس) مسؤولية كل ما يحدث في قطاع غزة».
ويتضح من الهجوم أن إسرائيل لم تكن تنوي التصعيد؛ إذ لم يسفر عن إصابات وإنما كان تحذيرياً. وجاء هذا الهجوم بعد قليل من سماع دوي صفارات الإنذار في عسقلان. وقال الجيش، إنه لاحظ إطلاق صاروخ واحد من غزة اعترضه نظام القبة الحديدية. وقال سكان إنهم سمعوا دوي انفجارات، على ما يبدو ناتجة من التصدي للصاروخ.
وجاء إطلاق الصاروخ بعد ساعات من قصف سلاح الجو الإسرائيلي موقعين تابعين لـ«حماس» في شرق قطاع غزة رداً على إطلاق بالون متفجر باتجاه مستوطنات غلاف غزة. ولم تتهم إسرائيل «حماس» بإرسال المتفجرات، لكنها قالت: إنها تحمّلها المسؤولية.
وأشعل القصف المتبادل مخاوف من إمكانية حدوث تدهور جديد بعد شهرين من الهدوء الذي أعقب تهدئة وضعتها مصر. وكبحت «حماس» خلال الأسابيع القليلة الماضية حدة المظاهرات على حدود القطاع ومنعت هجمات ضد إسرائيل انطلاقا من غزة مقابل وقف إسرائيل القصف والسماح بإدخال أموال قطرية.
لكن وسائل إعلام إسرائيلية قالت، أمس: إن الحكومة الإسرائيلية جمّدت نقل الدفعة الثالثة من المنحة القطرية، وقيمتها 15 مليون دولار. ونقلت عن مصادر، أن قرار الحكومة تجميد نقل الدفعة الثالثة من المنحة القطرية «جاء في أعقاب التصعيد الأخير وإطلاق صاروخ على جنوب إسرائيل».
وكانت إسرائيل سمحت بإدخال دفعتين سابقتين من قطر إلى «حماس» قيمة كل منهما 15 مليون دولار في إجراء أغضب السلطة الفلسطينية، وخلف انتقادات حادة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت مصادر إسرائيلية: إن «هذا لن يتكرر ولن تكون هناك دفعة ثالثة». وقالت «القناة 20» الإسرائيلية: إن نتنياهو أمر بوقف نقل أموال الدفعة الثالثة من المنحة القطرية «وستبقى الحقائب في الدوحة».
وكان نتنياهو تعرض، لحملة انتقادات واسعة بشأن سياسته تجاه قطاع غزة وصلت إلى حد اتهامه بتمويل الصواريخ التي تطلق من غزة عبر الأموال القطرية. وزادت هذه الضغوط على نتنياهو مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة في 9 أبريل (نيسان) المقبل.
ويقول معارضو نتنياهو: إنه يستخدم «سياسة متهاونة وانهزامية» أمام «حماس» في غزة. وهذه السياسة أدت إلى استقالة وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان. وعقّب ليبرمان على قرار نتنياهو وقف نقل الأموال القطرية، بالقول: «من العار أن نتنياهو قد توصل الآن إلى استنتاج مفاده أن إسرائيل لا تستطيع تمويل الإرهاب ضد نفسها. آمل أن أسمع أن هذا القرار مطلق وغير متصل بالانتخابات، وأننا لن نرى بعد 9 أبريل نتنياهو يجدد تحويل الأموال إلى (حماس). وعلى أي حال، يجب أن نوضح أنه لا توجد منافع أخرى من دون عودة جنودنا ومواطنينا إلى ديارهم».
ويتوقع إذا ما تمسك نتنياهو بقراره أن تصعّد «حماس» عبر مظاهرات الجمعة للضغط عليه من أجل إعادة تحويل الأموال القطرية. وأرسلت «حماس» في وقت سابق رسائل تهديد لإسرائيل عبر الوسطاء بأنها ستصعّد شعبياً إذا منعت إسرائيل إدخال الأموال. لكن عضو المجلس الوزاري للشؤون السياسية الأمنية الوزير يسرائيل كاتس، حذر «حماس» من أن إسرائيل «لن تسمح بحرب استنزاف في الجنوب»، مهدداً بأنها «ستتحرك في حال تدهور الوضع». وأضاف أن «لا فارق بين تل أبيب وسديروت، وإسرائيل لن تسلم بأي خرق لسيادتها».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.