«عودة الإنقاذ} إلى السياسة تثير جدلاً في الجزائر

TT

«عودة الإنقاذ} إلى السياسة تثير جدلاً في الجزائر

قال الوزير الجزائري السابق أبو جرة سلطاني إن ما نُسب له بخصوص إمكان التحاق عناصر من «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة بـ«المنتدى العالمي للوسطية والاعتدال» غير صحيح، علما بأن المنتدى قريب من الحكومة ويضم سياسيين يعارضون توجه أحزابهم المعارضة لها.
وأبدى سلطاني، في بيان أمس، استياء بالغاً من صحف نقلت عنه السبت الماضي أنه يرحب بانضمام «الجبهة الإسلامية للإنقاذ، كأفراد وليس ككيان سياسي، ضمن «منتدى الوسطية والاعتدال» الذي ظهر إلى الوجود قبل أشهر قليلة، من دون أهداف واضحة. لكن يُفهم، من خلال الأشخاص الذين يوجدون فيه، أن الهدف من إطلاقه قد يكون ضرب خطاب المعارضة المتشدد ضد السلطة. وقد أسسه سلطاني، وهو الرئيس السابق لـ«حركة مجتمع السلم» الإسلامية، بعد أن ثبتت استحالة تعايشه مع عبد الرزاق مقري، الذي تسلّم رئاسة الحركة في 2012، وأخرج وزراءه الأربعة من الحكومة إيذاناً بانخراطه في المعارضة.
وكان سلطاني بصدد تنظيم لقاء لـ«المنتدى» بقسنطينة (شرق البلاد) عندما سأله صحافي إن كان هذا الفضاء مفتوحاً لجميع الذين مارسوا السياسة، بمن في ذلك أعضاء «جبهة الإنقاذ»، فرد عليه بأنهم «مرحب بهم شرط أن ينضموا كأفراد وليس تحت مظلة حزبهم»، الذي حظرته السلطات بقرار قضائي في مايو (أيار) 1992 بعد اتهامه بالإرهاب. وكان الصحافي يقصد ضمناً أكثر قيادات «الإنقاذ» تمسكاً بممارسة السياسة، وهو علي بن حاج، الذي يتعرض لمراقبة أمنية لصيقة منذ خروجه من السجن عام 2003.
وشن ناشطون اشتهروا بعدائهم لـ«الإنقاذ»، هجوماً حاداً على سلطاني في وسائل الإعلام وشبكة التواصل الاجتماعي. واتهمه بعضهم بـ«محاولة تبييض الإرهابيين». وسلطاني نفسه تعرض لمحاولة اغتيال عام 1993، حيث أطلق عليه مجهولون النار ونجا من موت محقق.
وجلب سلطاني لنفسه، بسبب هذا التصريح («المحرّف»، كما قال)، سخط السلطات. وقال مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط» إنه تلقى تحذيراً شديد اللهجة إن انضم إليه في «المنتدى» أي من «الإنقاذيين» السابقين. يشار إلى أن «قانون المصالحة» (2006) يمنع عناصر «الإنقاذ»، دون ذكر أحد منهم بالاسم، من المشاركة في أحزاب أو الترشح للانتخابات، بحجة أنهم متورطون في الجرائم التي وقعت في تسعينات القرن الماضي.
ولاحظ مراقبون أن سلطاني حصل على ترخيص حكومي لـ«منتدى الوسطية والاعتدال» في ظرف وجيز، في حين أن هناك كثيراً من السياسيين ممن أسسوا أحزاباً لكن وزارة الداخلية ترفض اعتمادها على الأرجح بسبب مواقفهم المتشددة من السلطة. ومن بين أشهر هؤلاء كريم طابو السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية» سابقاً، الذي ينتظر الترخيص لحزبه الجديد «الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي» منذ 3 سنوات.
وذكر سلطاني، في بيانه، أن «المنتدى لا يقبل في هيكلته، انضمام كيانات تنظيمية سابقة أو لاحقة. ويشترط على كل منتسب إليه التسليم بثوابت الأمة ومبادئها المنصوص عليها في الدستور، واحترم قوانين الجمهورية وقبول الحوار والتعاون على المشترك الواسع الذي يجمع جميع الجزائريين، ويساهم في تعزيز الوحدة الوطنية وترقية الأمن الاجتماعي والرفاه الاقتصادي... ويرفض التحزب والاصطفاف والتلون بأي لون آيديولوجي. ويحرص على الوقوف على مسافة واحدة من الجميع خدمة لأهدافه القائمة على شعار: فكر وحوار وتنمية».
وأوضح أن «المنتدى حريص على حريته واستقلالية فكره ورأيه، ولن ينخرط في أي مشروع غير ما أسس له. ومن أجل ذلك فإنه يستنكر كل تشويش على رسالته النبيلة، ويعلن أن الأخبار الصادرة في بعض العناوين الصحافية، والتي تناقلها بعض مواقع التواصل الاجتماعي، عارية عن الصحة، ومبتورة عن سياقها ولا تلزم إلا من نقلها وروج لها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.