أبحاث واعدة لإنبات الشعر في الجلد التالف

باحثون أميركيون: تنشيط التواصل بين الخلايا يجدد قدرته على النمو

أبحاث واعدة لإنبات الشعر في الجلد التالف
TT

أبحاث واعدة لإنبات الشعر في الجلد التالف

أبحاث واعدة لإنبات الشعر في الجلد التالف

تمكن باحثون من كلية الطب بجامعة نيويورك من إعادة إنبات الشعر في الجلد التالف لجرذان التجارب، عن طريق تفعيل التواصل بين خلايا الجلد التي تشكل جذور الشعر.
وقالوا في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن تجارب سريرية تستخدم هذا الأسلوب تجرى حاليا بالتعاون مع إحدى الشركات المتخصصة في علاج تساقط الشعر، وستظهر نتائجها خلال عام.

إشارات نمو الشعر

انطلق الباحثون، في بحثهم المنشور في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدورية نيتشر كوميونيكيشنز «Nature Communications»، مما هو معروف عن حقيقة الدور الذي يقوم به البروتين «SHH»، الذي يشهر اسم «القنفذ الصوتي»، حيث تستخدمه الخلايا في التواصل بين بعضها البعض، وتكون إشارة هذا التواصل نشطة للغاية خلال المراحل الأولى من النمو البشري في الرحم، عندما تتشكل بصيلات الشعر، لكنها تتعثر في الجلد المصاب عند البالغين الأصحاء، وهو ما يفسر سبب فشل بصيلات الشعر في النمو في الجلد بعد الإصابة.
واعتمدت فكرة الباحثين على أن تفعيل مسار إشارة هذا البروتين يمكن أن يساعد الخلايا على التواصل مع بعضها البعض لإفراز «الكولاجين» وهو البروتين الهيكلي المسؤول عن الحفاظ على شكل وقوة الجلد والشعر معا.
واستطاع الفريق البحثي عبر استخدام هذا الأسلوب إنبات الشعر في جلد جرذان التجارب بعد إصابتها، في غضون أربعة أسابيع، وهو ما يثبت أن افتراض حدوث تراكم للندوب على الجلد يعوق قدرته على إعادة نمو الشعر، غير صحيح، وأن حدوث خلل في التواصل بين الخلايا هو المسؤول عن فقد الجلد قدرته على إنبات الشعر من الجديد.
وإذا كان الفريق البحثي استهدف في الأساس تقديم الحلول لإعادة إنبات الشعر في الجلد التالف، وهي حاجة غير مُلباة في الطب خصوصاً في حالات التشويه التي يعاني منها الآلاف من الصدمات والحروق والإصابات الأخرى، إلا أن النتيجة الأكثر أهمية والتي كشف عنها البحث هي إمكانية إعادة الجلد الناضج إلى حالته الجنينية بحيث يمكن أن تنمو بصيلات شعر جديدة عند الأشخاص الذين دخلوا مرحلة الشيخوخة.
ويقدم هذا البحث حال نجاح التجارب السريرية، التي تجري حاليا، الحلول لأعداد كبيرة من المصابين بالحروق، لا سيما في بلدان العالم النامي، إضافة إلى الملايين من المصابين بالصلع المرتبط بالشيخوخة.

تشوهات الحرائق
ووفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 95 في المائة من الحروق المرتبطة بالنيران تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وبالإضافة إلى عدد الوفيات المرتفع بسببها، يعاني الملايين من تشوهات تؤدي في كثير من الأحيان إلى الوصم والنبذ من المجتمع، وهي المشكلة التي يساهم البحث في حلها، وفق الدكتورة مايومي إيتو، الأستاذ المساعد وعالمة الأحياء الخلوية في جامعة نيويورك.
وتقول إيتو لـ«الشرق الأوسط»، إن طريقتهم لتفعيل مسار التواصل بين الخلايا عبر القنفذ الصوتي، تجاوزت خطر الأورام المبلغ عنها في تجارب أخرى سابقة عمدت إلى تحويل مسار القنفذ الصوتي.
وتضيف «استهدفنا فقط الخلايا الليفية الموجودة تحت سطح الجلد حيث تظهر جذور بصيلات الشعر (الحليمات الجلدية)، وهذا يحدث لأول مرة، وليس له آثار جانبية».
وأكد الدكتور جورج كوتسرليس، عضو الفريق البحثي، لـ«الشرق الأوسط» أنهم حددوا الوقت الملائم لتنشيط مسار القنفذ الصوتي، بحيث يجب أن يتم فقط لفترات قصيرة من الزمن، حتى يؤتي ثماره دون أي آثار جانبية.
وعن الاستفادة من نتائج البحث لتطوير علاج، يقول «هناك شركة تعمل على هذا الأسلوب لعلاج تساقط الشعر... وهم يفعلون الآن تجربة سريرية وستعرف النتائج خلال عام واحد».



التنشيط الزائد للجهاز المناعي الفطري قد يسبب السرطان

رسم تصويري للإنترفيرون الذي يفرزه نظام المناعة لمحاربة الفيروسات الدخيلة
رسم تصويري للإنترفيرون الذي يفرزه نظام المناعة لمحاربة الفيروسات الدخيلة
TT

التنشيط الزائد للجهاز المناعي الفطري قد يسبب السرطان

رسم تصويري للإنترفيرون الذي يفرزه نظام المناعة لمحاربة الفيروسات الدخيلة
رسم تصويري للإنترفيرون الذي يفرزه نظام المناعة لمحاربة الفيروسات الدخيلة

تؤكد دراسة أميركية جديدة على الدور المزدوج الذي يلعبه الجهاز المناعي الفطري (الطبيعي)، ليس فقط بوصفه حارساً ضد مسببات الأمراض، ولكن أيضاً، من جهة أخرى، بوصفه مساهماً محتملاً في الإصابة بالسرطان عندما يُنشَّط باستمرار بسبب عدم الاستقرار الجيني.

وتلعب الإشارات المناعية عادة دوراً رئيسياً في الحفاظ على استقرار الجينوم خلال تضاعف «الحمض النووي (دي إن إيه - DNA)».

وجاءت نتائج الدراسة لتضيف رؤى حيوية لفهمنا البيولوجيا البشرية الأساسية، كما أنها قد تلقي أيضاً ضوءاً جديداً على بدايات نشوء الورم الخبيث، وتقدم فرصاً محتملة لعلاجات جديدة.

لقد طورت الكائنات الحية مسارات معقدة لاستشعار الحمض النووي التالف وإرسال الإشارات إليه وإصلاحه. وهناك جوانب جديدة حول دور الجهاز المناعي الفطري في الاستجابة للتعامل مع هذا الضرر، سواء في سياق الإصابة بالسرطان، وفي تعزيز صحة الإنسان بشكل عام.

تنشيط الجهاز المناعي... والسرطان

تكشف الدراسة الجديدة، التي قادها المؤلف الأول الدكتور هيكسياو وانغ، من «برنامج البيولوجيا الجزيئية» في «مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان» الأميركي في نيويورك، ونُشرت في مجلة «Genes & Development» يوم 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، عن وجود صلة بين الإشارات المناعية الفطرية وتطور الورم في أنسجة الثدي.

وتشير البيانات البحثية إلى أنه عندما ينشأ عدم الاستقرار في الجينوم، فإن التنشيط المزمن للجهاز المناعي الفطري يمكن أن يزيد بشكل كبير من احتمالات الإصابة بالسرطان.

وركزت الدراسة على مركب بروتيني معقد يسمى «مركب بروتين إصلاح كسور الحمض النووي (دي إن إيه) مزدوج السلسلة (Double-strand break repair protein Mre11)»، وهو إنزيم يرمَّز في البشر بواسطة الجين «MRE11» الذي يلعب دوراً محورياً في الحفاظ على استقرار الجينوم من خلال استشعار وإصلاح «كسور الحمض النووي مزدوج السلسلة».

طفرة بروتينية وتطور الورم

ولدراسة كيف يمكن أن تؤدي المشكلات المتعلقة بهذا البروتين إلى الإصابة بالسرطان، تلاعب الفريق بنسخ من البروتين في «عضويات الأنسجة الثديية (وهي أعضاء نموذجية مصغرة مزروعة في المختبر)»، وقد زُرعت في فئران المختبر.

* تطور الورم: عندما نُشّطت الجينات السرطانية، طورت الفئران التي تحتوي عضويات تحمل «مركب بروتين إصلاح» متحولة مختبرياً، أوراماً بمعدل أعلى بكثير (نحو 40 في المائه) مقارنة بنحو 5 في المائة فقط لدى الفئران الطبيعية. ويؤكد هذا الاختلاف الصارخ على دور «مركب بروتين الإصلاح» في الحفاظ على الاستقرار الجينومي وقمع تكوّن الورم.

* عدوانية الورم: كانت الأورام التي نشأت لدى الفئران التي تحتوي عضويات تحمل «مركب بروتين إصلاح» متحولة، أكثر عدوانية بشكل ملحوظ من تلك الموجودة لدى نظيراتها الطبيعية. وهذا يشير إلى أن فقدان، أو طفرة، «مركب بروتين الإصلاح» لا يزيدان فقط من احتمالية بدء السرطان، ولكنهما قد يساهمان أيضاً في ظهور نمط سرطاني أكثر توغلاً أو سريع التقدم.

كما توفر هذه النتائج رابطاً واضحاً بين أوجه القصور في «مركب بروتين الإصلاح» وعدم الاستقرار الجيني وارتفاع خطر الإصابة بالسرطان؛ مما يسلط الضوء على الدور الحاسم الذي يلعبه المركب في الحماية من تطور الورم. وقد يساعد فهم هذه العلاقة في إعداد استراتيجيات علاجية محتملة لاستهداف ضغوط التكاثر السرطاني ومسارات تنشيط المناعة في تلك السرطانات المرتبطة بخلل في عمل «مركب بروتين الإصلاح».

نقص البروتين يهدد الجينوم

يعتمد هذا البحث الجديد على دراسة سابقة قادها الدكتور كريستوفر واردلو من «برنامج علم الأحياء الجزيئي» في «مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان» التي نشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

وركزت تلك الدراسة على دور «مركب بروتين الإصلاح» في الحفاظ على سلامة الجينوم. ووجدت أنه عندما يكون المركب غير نشط أو ناقصاً فإنه يؤدي إلى تراكم الحمض النووي في سيتوبلازم الخلايا، وتنشيط الإشارات المناعية الفطرية. وكشف هذا الجانب من البحث عن ارتباط مهم بين طفرات «المركب» وتنشيط الاستجابة المناعية.

وأدى «المركب المتحور» إلى زيادة تنشيط الجينات المحفزة بالإنترفيرون (ISGs) وهو ما يشير إلى أنه عندما يكون المركب غير فعال فإن الجهاز المناعي الفطري يُنشَّط بشكل غير طبيعي، حتى في غياب محفز فيروسي أو مسبب للأمراض خارجي نموذجي.

والإنترفيرونات جزيئات إشارات تطلقها الخلايا عادة استجابة للعدوى الفيروسية والتحديات المناعية والضغوط الخلوية، ويشير تنشيطها في سياق طفرات «مركب بروتين الإصلاح» إلى أن الخلية تدرك عدم الاستقرار الجيني بوصفه شكلاً من أشكال الإجهاد يتطلب استجابة مناعية.

إمكانات العلاج

وقد سلطت هاتان الدراستان (وغيرهما) معاً ضوءاً جديداً على كيفية عمل «مركب بروتين الإصلاح» لحماية الجينوم عند تكاثر الخلايا، وكيف أنه يمكن عندما لا يعمل بشكل صحيح أن يحفز الجهاز المناعي الفطري بطرق يمكن أن تعزز السرطان.

وقد يؤدي فهم هذه الآليات إلى استراتيجيات تخفف من «تنشيط المناعة المزمن»، مما قد يمنع تطور الأورام، أو يقدم طرقاً علاجية جديدة، كما يفتح طريقاً واعدة للعلاجات التي قد تمنع سوء التنظيم الجيني، أو تخفف من الاستجابات المناعية الضارة.