أزمة الحكومة تصدّع علاقة «حزب الله» و{التيّار الوطني الحر}

إصرار باسيل على نيله الثلث المعطّل يزعج الحزب وحلفاءه

لقاء الرئيس عون ونواب اللقاء التشاوري مؤخراً (دلاتي ونهرا)
لقاء الرئيس عون ونواب اللقاء التشاوري مؤخراً (دلاتي ونهرا)
TT

أزمة الحكومة تصدّع علاقة «حزب الله» و{التيّار الوطني الحر}

لقاء الرئيس عون ونواب اللقاء التشاوري مؤخراً (دلاتي ونهرا)
لقاء الرئيس عون ونواب اللقاء التشاوري مؤخراً (دلاتي ونهرا)

تتعرّض علاقة «حزب الله» مع التيّار الوطني الحرّ برئاسة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، لاهتزازات متتالية، أحدثت تصدّعات على مستوى الملفات الداخلية، آخرها تمثّل بصراع الحليفين على النفوذ داخل السلطة التنفيذية، ومحاولة كلّ منهما الإمساك بقرار الحكومة العتيدة، ويتجلّى ذلك بتأكيد الحزب عبر مصادر مقرّبة منه والإعلام الناطق باسمه، بأن عقدة الحكومة ليست سنيّة - سنيّة، بلّ عقدة «باسيلية» بامتياز، واتهام وزير الخارجية بـ«الإصرار على نيل الثلث المعطّل داخل الحكومة وبأي ثمن». هذا على الرغم من محاولة مسؤولين في الحزب عدم الحديث علنا عن الموضوع وتأكيدهم أن التحالف بينهم وبين «التيار» متين على غرار ما قاله نائب رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» محمود قماطي.
وهذه العلاقة المتوترة يعبّر عنها الطرفان تارة بالسجالات الإعلامية الحادّة، وتارة بالتلميح أو التصريح، مع رفض إسقاطها على التحالف الاستراتيجي بينهما. إذ لفت عضو «تكتل لبنان القوي» وزير العدل السابق شكيب قرطباوي، إلى أن «(حزب الله) لم يتبنّ ما ينقل عن مصادر مقرّبة من حملات تستهدف الوزير باسيل»، مشيراً إلى أن الحزب «سبق له ونفى في بيان تحميل وزير الخارجية مسؤولية عرقلة ولادة الحكومة».
وفيما يصرّ سياسيون ووسائل إعلام مقربة من «حزب الله» على اتهام باسيل، بخوض معركة الإمساك بالثلث المعطل داخل الحكومة العتيدة (11 وزيراً من أصل 30)، قال قرطباوي لـ«الشرق الأوسط»: «ليس صحيحاً أن الوزير باسيل يصرّ على الثلث المعطل في الحكومة، ولا وجود لما يسمّى (عقدة باسيلية) لا من قريب ولا من بعيد»، مؤكداً أن «موضوع الثلث المعطّل برز بوضوح، مع اختيار رئيس الجمهورية توزير ممثل عن (اللقاء التشاوري) السنّي ليكون من حصته، ومن الطبيعي أن يكون هذا الوزير من ضمن الفريق الوزاري للرئيس». وشدد قرطباوي على أن «لا حاجة لرئيس الجمهورية بالثلث المعطل في الحكومة، لأنه قادر على إدارة مجلس الوزراء عندما يرأس جلساته، ويعترض على أي قرار».
وفي مؤشر واضح على خلاف الطرفين، وصحة ما نشر في الإعلام الموالي، تؤكد مصادر مطلعة على أجواء «حزب الله»، أن «لا خلاف جوهرياً مع التيار الوطني الحرّ، بل هناك اختلاف بوجهات النظر مع الوزير باسيل حول الملفّ الحكومي». وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الحزب «مستاء إلى حدّ ما من الطريقة التي تعاطى بها الوزير باسيل مع نواب (اللقاء التشاوري) عبر محاولة ضمّ الوزير الذي يمثلهم إلى حصّة التيار أو حصّة رئيس الجمهورية، وهو ما أدى إلى فشل المبادرة الأخيرة، في وقت يستمرّ الحزب بدعم نواب اللقاء، وأن يكون الوزير الذي يختارونه يعبّر عن رأيهم وتوجهاتهم السياسية». وشددت المصادر المطلعة على أجواء الحزب على أن «لا خلاف في القضايا الاستراتيجية مع رئيس الجمهورية والوزير باسيل إطلاقاً، وهذا يطمئن إلى أن العلاقة مستمرّة رغم الاختلافات الآنية».
ومنذ السادس من فبراير (شباط) 2006 تاريخ توقيع ما يعرف بـ«اتفاق كنيسة مار مخايل» بين التيار الوطني الحرّ بشخص الرئيس ميشال عون، و«حزب الله» بشخص أمينه العام حسن نصرالله، دخلت علاقة الطرفين في تحالف استراتيجي، ترجمت بالانتخابات النيابية في العام 2009 ومن اشتراكهما بالإطاحة بحكومة سعد الحريري مطلع العام 2011، وتشكيل حكومة اللون الواحد، وصولاً إلى دعم الحزب لترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، والمساهمة بقوة في وصوله إلى سدّة الحكم.
وفي قراءته لهذه التباينات، اعتبر النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، أنه «لا يوجد خلاف حقيقي بين (حزب الله) وباسيل، بل هناك اختلاف تكتيكي على الحصص داخل الحكومة»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن باسيل «لا يجرؤ على مخاصمة (حزب الله)، ويتحاشى أن يتخذ موقفاً سلبياً وحاسما لأن ثمنه السياسي سيكون باهظاً». وقال بيضون: «محور كلّ التباينات الظرفية أن باسيل يحاول قدر الإمكان الحصول على 11 وزيراً ليكون الآمر الناهي في الحكومة، وهذا يحرج (الرئيس المكلف سعد) الحريري جداً، ويتعارض مع مصلحة (حزب الله) و(رئيس مجلس النواب) نبيه برّي».
أما عن الخلفيات التي تكمن وراء رغبة رئيس التيّار الوطني الحرّ بالحصول على الثلث المعطّل، فيرى محمد بيضون أن «الهمّ الأساسي لدى جبران باسيل، هو امتلاك قرار إقالة الحكومة عند أي خلاف يقع بينه وبين الحريري، ما يجعل رئيس الحكومة رهينة لديه»، لافتاً إلى أن باسيل «يحاول لعب دور الممسك باللعبة السياسية في لبنان، وهذا يزعج (حزب الله) رغم التحالف الاستراتيجي معه»، معتبراً في الوقت نفسه أن «ليونة الحريري شجّعت الأطراف الأخرى على المطالبة بحصص في الحكومة تفوق القدرة على تلبيتها».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.