تخوّف من انعكاس أزمة الحكومة على القمة الاقتصادية ومستوى التمثيل العربي

مصادر الرئاسة ترفض الربط بينهما

تخوّف من انعكاس أزمة الحكومة على القمة الاقتصادية ومستوى التمثيل العربي
TT

تخوّف من انعكاس أزمة الحكومة على القمة الاقتصادية ومستوى التمثيل العربي

تخوّف من انعكاس أزمة الحكومة على القمة الاقتصادية ومستوى التمثيل العربي

مع استمرار الغموض الذي يحيط بمشاورات تشكيل الحكومة تتجّه الأنظار إلى إمكانية انعكاس عدم تأليفها على القمة الاقتصادية العربية المزمع عقدها في بيروت في 19 و20 يناير (كانون الثاني) الحالي. وفيما يرى البعض أن استمرارية عدم التأليف، لن يكون لها تأثير خاصة في ظل وجود رئيس للجمهورية ورئيس حكومة تصريف أعمال. ويتخوّف البعض الآخر من تأثير هذا الأمر على مستوى تمثيل الدول العربية، إضافة إلى صورة لبنان الذي بدل أن تشكّل القمة قوّة دعم له سيبدو منقسما عاجزا عن تأليف حكومة.
وفي وقت بدا لافتا قول النائب في كتلة التنمية والتحرير علي خريس، التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، في كلمة باسم حركة «أمل» أمس في احتفال تأبيني في الجنوب «لا قمة في بيروت من دون سوريا ومن دون حكومة»، تنفي مصادر رئاسة الجمهورية وجود أي ارتباط بين تأليف الحكومة والقمة الاقتصادية التي لا تتطلب محادثات ثنائية بين المسؤولين تستوجب التزام الدولة اللبنانية مع دول أخرى بقرارات معينة. وتوضّح لـ«الشرق الأوسط»، أن القرارات المفترض اتخاذها هي ملزمة لكل الدول العربية، وفي لبنان هناك استمرارية للدولة بوجود رئيس للجمهورية إضافة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري. كذلك، لا يرى وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال والنائب في كتلة بري، غازي زعيتر، أي تأثير لعدم تأليف الحكومة على القمة، وذلك لوجود حكومة تصريف أعمال وإن كانت مستقيلة فهي موجودة والقرارات التي يفترض أن تتخذ ستكون لمصلحة الجميع، لبنان كما الدول العربية. من هنا يؤكد زعيتر الذي أتى موقفه مخالفا لموقف النائب خريس، زميله في الكتلة، لـ«الشرق الأوسط»، على أهمية عقد هذه القمة بغض النظر عن تشكيل الحكومة أو عدمها، لافتا إلى أن قرار مستوى التمثيل سيعود إلى كل دولة على حدة «ونتمنى أن تكون جامعة الدول العربية جامعة لكل العرب، بعيدا عن أي مواقف من هنا وأخرى من هناك».
غير أن وجهة نظر مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية سامي نادر، تختلف في هذا الإطار، معتبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن عدم تشكيل الحكومة لا بد أنه سينعكس سلبا على البعد السياسي للقمة، التي وبدلا أن تشكّل قوّة دفع لبنان مع حكومة جديدة قويّة، فهي ستعقد في ظل انقسام داخلي ناتج عن خلافات إقليمية في جزء منها قضية دعوة سوريا إلى القمة والتي أدت جميعها إلى عدم تشكيل الحكومة، قائلا: «بدل أن يكون الحدث لصالح لبنان سيكون على حسابه، وهو الأمر الذي من المرجّح أن ينعكس على مستوى تمثيل الدول».
مع العلم أن هذا الأمر لا يتّضح إلا قبل أيام قليلة من موعد القمة، في وقت سبق فيه لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أن أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون نيته الحضور إلى بيروت للمشاركة في أعمال القمة.
أما من الناحية الاقتصادية فيرى نادر أن الأمر لن يختلف إذا شكّلت الحكومة أم لم تشكّل، بحيث إن برنامج عمل الحكومة اللبنانية هو نفسه كما قرارات القمة ستكون ملزمة للبنان كدولة، كما بالنسبة إلى كل الدول المشاركة.
وفي ظل الانقسام اللبناني حول دعوة سوريا إلى القمة، وهو الأمر الذي يحاول الدفع باتجاهه كل من «حزب الله» ووزير الخارجية جبران باسيل، تؤكد المصادر الوزارية على أن لبنان يستضيف القمة ولا يدعو إليها، وبالتالي فإن قرار دعوة دمشق يعود إلى القرار الذي سيصدر عن مجلس وزراء الخارجية العرب. وهو ما سبق أن أكده باسيل، مشيرا إلى أنه لا علاقة للبنان بدعوة سوريا إلى القمة الاقتصادية التي ستعقد في بيروت، موضحا «ليس لبنان من يدعو بل يتقيد بقرار الجامعة العربية، لكن لبنان يستطيع أن يبادر ويعمل لعودة سوريا إلى الجامعة، ونحن رأينا معروف كفريق سياسي وخارجية لبنانية».
وقبل أسبوعين من موعد القمة، باتت التحضيرات اللوجيستية في مراحلها الأخيرة، وفق ما يؤكد مصدر مسؤول في الفريق المنظّم لها، موضحا «والأهم من ذلك لم يتلق لبنان أي اعتذار من أي دولة لعدم المشاركة، وهو ما تؤكده الحجوزات في الفنادق، فيما ينتظر أن يتوضّح مستوى التمثيل في الأيام القليلة التي تسبق القمة، كما جرت العادة، وذلك لأسباب أمنية وأخرى خاصة بكل دولة على حدة». وهنا توضّح المصادر: «في العادة يعرف مستوى التمثيل من المفارز السبّاقة، بحيث إن عدد أعضاء المفرزة، الذين يصلون قبل أيام إلى الدولة المضيفة يعكس مستوى المسؤول الذي سيشارك في أعمال القمة». وفيما لم تتوضّح الصورة عما إذا كانت ستعقد اجتماعات ثنائية بين مسؤولي الدول، يؤكد المصدر أنه «تم تجهيز قاعة خاصة للقاءات كهذه».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.