«الإخوان» في ألمانيا... توسعات مقلقة

حملة على انتشارهم باعتبارهم خطراً يفوق «داعش» و«القاعدة»

مظاهرة إسلامية في برلين ضد تنظيم {داعش} الإرهابي في سبتمبر 2014 (غيتي)
مظاهرة إسلامية في برلين ضد تنظيم {داعش} الإرهابي في سبتمبر 2014 (غيتي)
TT

«الإخوان» في ألمانيا... توسعات مقلقة

مظاهرة إسلامية في برلين ضد تنظيم {داعش} الإرهابي في سبتمبر 2014 (غيتي)
مظاهرة إسلامية في برلين ضد تنظيم {داعش} الإرهابي في سبتمبر 2014 (غيتي)

عد مراقبون ومحللون توسعات جماعة «الإخوان» المسلمين في ألمانيا «مقلقة للغاية»، وباتت تخترق النظام الديمقراطي.
وقد تحولت مدينة كولن، في ولاية شمال الراين فستفالن، منذ سنين إلى شبه مقر لجماعة «الإخوان» في ألمانيا. إلا أن زيادة تأثير الجماعة أخيراً، وتمددها في المدينة، دفع بهيئة حماية الدستور في الولاية (المخابرات الداخلية) إلى التحذير من أن الجماعة المتطرفة باتت تشكل خطراً أكبر من «داعش» و«القاعدة» على ألمانيا.
نقل الصحافي أكسل شبيلكر، المتخصص في شؤون الإرهاب، عبر تقرير عن تمدد «الإخوان» نشرته صحيفتي «كولنر شتات أنزيغير» و«فوكس»، عن السلطات الأمنية في ولاية شمال الراين فستفالن، أن «شعبية الهيئات والمساجد التابعة لـ(الإخوان) تتزايد بشكل مضطرد. ووصف الكاتب الذي يكتب منذ سنوات عن الجماعات الإسلامية المتطرفة في ألمانيا توسع (الإخوان) في البلاد بأنه (مقلق)».

«نفوذ متصاعد»
وبحسب الاستخبارات الألمانية الداخلية، فإن «التجمع الإسلامي في ألمانيا»، مقره كولن، تحول إلى المكتب الرئيسي لأنشطة «الإخوان المسلمين» في البلاد. ونقل شبيلكر عن الاستخبارات الداخلية قولها إن الجماعة «تخرق أسس النظام الديمقراطي بجهودها لخلق نظام اجتماعي وسياسي مبني على الشريعة».
ونقل الكاتب عن بورخهارد فراير، رئيس هيئة حماية الدستور في شمال الراين فستفالن، أن «التجمع» في ألمانيا، والمنظمات التي تعمل معه، رغم نفيه، يهدف لأمر واحد، هو تأسيس «دولة قائمة على الشريعة» في النهاية. ومن هنا، وبسبب تزايد نفوذ الجماعة، استنتج فراير أن خطر «الإخوان» على ألمانيا على المدى المتوسط أكبر من خطر التنظيمات المتطرفة الأخرى، مثل «داعش» و«القاعدة»، مشيراً، نقلاً عن الاستخبارات في ولاية شمال الراين فستفالن، إلى أن «الجماعات المحلية المرتبطة بالإخوان تجتذب بشكل متزايد لاجئين عرباً في ألمانيا لتستخدمهم لأهدافها الخاصة».
وأكمل الكاتب أن سبب هذا التقييم يعود لسببين: الأول أن قادة «الإخوان» في ألمانيا على مستوى عالٍ من العلم، والثاني بزعم تلقيهم دعماً مالياً. وبحسب تقييم الاستخبارات الألمانية، فإن هيئات ومؤسسات «الإخوان» تقدم تعليماً شاملاً، وبرنامج تدريب للمسلمين والأشخاص ذوي الاهتمام الديني من كل الأعمار.

«عظات ومحاضرات»
من جهته، نقل شبيلكر عن الاستخبارات أن الهيئات التعليمية هذه تشمل تلك التابعة للمنظمة، وأيضاً التي تتعاون معها في مدارس قرآنية كثيرة، مثل «المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية»، و«الجمعية الألمانية للقرآن الكريم» التي تستهدف بشكل خاص الصغار في السن، مضيفاً أن محللين في الاستخبارات أكدوا أن «تعاليم المنظمة التابعة لـ(الإخوان)، والهيئات الأخرى التي تعمل معها، تصل إلى عشرات الآلاف من المسلمين عبر العظات والمحاضرات والتدريب الذي يقدم تفسيرات شديدة التطرف للقرآن».وتقدر السلطات الألمانية عدد أتباع «الإخوان» ضمن الدائرة الضيقة بألف شخص، تزداد أعدادهم بشكل مضطرد. وبحسب معلومات من «التجمع الإسلامي في ألمانيا»، فإن المنظمة تضم 50 هيئة تعمل تحت مظلتها. وتعد الاستخبارات الداخلية في ولاية شمال الراين فستفالن 14 مسجداً تابعين للمنظمة، و109 دور عبادة متطرفة تنشر أفكار «الإخوان» في منطقة الراين والرو.
وأشار شبيلكر إلى أن الألماني برنار فولك، الذي اعتنق الإسلام وتطرف، كان يرتاد المسجد الأخير. وفولك كان ينتمي لليسار المتطرف، وسجن 13 عاماً بعد أن نفذ عمليات إرهابية يسارية، ثم اعتنق الإسلام في السجن. وبعد خروجه، راح يرتاد المساجد، حيث يعتقد أنه تطرف، وغير اسمه، وبات يعرف باسم المنتصر بالله. ويعد فولك من المتعاطفين مع فكر تنظيم «القاعدة»، وهو ينشط اليوم في مساعدة المتهمين والمسجونين بتهم تتعلق بالتطرف.
وتنفي جماعة «الإخوان» في ألمانيا تبنيها للعنف أو التطرف، إلا أن الاستخبارات الداخلية تقول إن تعاليم الجماعة تهدف إلى تقوية السلوك السلبي تجاه القيم الغربية، والترويج لمسافة مع الديمقراطية. وأضاف الكاتب، في تقريره، أن ما يثير القلق أيضاً أن المنظمة نجحت في «التأثير» على المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، الذي يعتبر المظلة الواسعة للمسلمين في أنحاء البلاد. ونقل الكاتب عن الاستخبارات الداخلية أن جماعة «الإخوان» تحاول تقديم نفسها على أنها منفتحة، وتتبنى منهج الإسلام الوسطي، إلا أنه خلف الأبواب هناك قادة بارزون فيها يتحدثون عن هدف تأسيس «دولة إسلامية» على المدى المتوسط.

«علاقات متشابكة»
وتنفي منظمة «التجمع الإسلامي في ألمانيا» علاقتها بالإخوان، إلا أن الكاتب شبيلكر أشار إلى أن صفحة رئيس المنظمة، خالد سويد، على موقع التواصل «تويتر»، تشير إلى تعاطفه مع جمعيات تدعو لمقاطعة إسرائيل، بينما صفحته على «فيسبوك» ينشر عليها صوراً لشعار «الأصابع الأربعة» الذي يستخدمه «الإخوان». واستخدم «الإخوان» الشعار إبان ثورة «25 يناير» عام 2011 في مصر، التي أوصلت محمد مرسي إلى الرئاسة لفترة وجيزة. وغالباً ما يشاهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وهو يرفع إشارة «رابعة»، وقد شوهد وهو يؤدي التحية بأربعة أصابع خلال زيارته إلى ألمانيا قبل بضعة أشهر، التي تضمنت زيارة إلى مدينة كولن، وافتتاحه أكبر مسجد في أوروبا فيها.
وفي تقرير سابق لتلفزيون «إي آر دي» الألماني، وصف محمد مهدي عاكف، المرشد السابق لـ«الإخوان» في مصر، الرئيس الأسبق لـ«التجمع الإسلامي في ألمانيا»، آنذال إبراهيم الزيات، بأنه «رئيس الإخوان في ألمانيا»، علماً بأن الزيات نفى ذلك. وترأس الزيات المنظمة بين عامي 2002 و2010، وحكم عليه بالسجن غيابياً في القاهرة لمدة 10 سنوات في عام 2008، بعد أن أحاله الرئيس المصري الأسبق في ذلك الوقت، حسني مبارك، إلى المحاكمة العسكرية عام 2006، إلى جانب قيادات أخرى من الإخوان. وأصدر عنه مرسي عفواً عاماً عام 2012.
وتأسس «التجمع الإسلامي في ألمانيا» عام 1958، وهو من أقدم المنظمات الإسلامية في البلاد. وتزعم الاستخبارات الداخلية الألمانية أنه منظمة تسيطر عليها جماعة «الإخوان» المسلمين. وذكرت الاستخبارات في تقييمها السنوي العام الماضي أن الجماعة تهدف لإقامة دولة مبنية على «الشريعة». ويرتبط المركز بشبكة جمعيات واسعة في مختلف المدن الألمانية، من بينها برلين وفرانكفورت وشتوتغارت ومونستر وماربيرغ.
وفي تعريف الاستخبارات الألمانية في ولاية شمال الراين فستفالن عن جماعة «الإخوان»، تفصل تاريخ تأسيسها في مصر عام 1928، على يد المؤسس الراحل حسن البنا. وتحدد الاستخبارات الألمانية أن من أهداف «الإخوان» استبدال الحكومات في مختلف البلدان بأنظمة مبينة على أسس الشريعة. وتضيف أن الجماعة تهدف لتحقيق ذلك من خلال «اختراق الدول ثقافياً، وبالعنف إذا استدعت الحاجة». ويذكر موقع الاستخبارات الداخلية في ولاية شمال الراين فستفالن مثالاً على ذلك محاولات «الإخوان» تنفيذ انقلاب في سوريا عام 1982، وفي الجزائر في التسعينات، ليضيف: «انطلاقاً من هذه الأهداف والأنشطة المطابقة، فإن مؤيدي جماعة (الإخوان) الذين يعيشون في ألمانيا يعرضون مصالح السياسة الخارجية الألمانية للخطر».

منصات التحريض
وكانت صحيفة «فوكس» قد نشرت مقابلة أجراها الكاتب شبيلكر نفسه مع الباحثة بالشؤون الإسلامية سوزان شروتر، حذرت فيها من التقليل من شأن قدرات «الإخوان» في ألمانيا، فرغم أن «قادة الجماعة غالباً ما يرفضون العنف في العلن، فإن هناك علاقات سرية تربطهم بأشخاص يدعون للعنف».
ويضيف موقع الاستخبارات الداخلية أن «الإخوان» ممثلون في جماعات مختلفة في ألمانيا مندمجة في شبكات مترابطة دولياً، وأن الهدف الأساسي هو التأثير آيديولوجياً على المسلمين الذين يعيشون هنا، وكسبهم إلى جانبهم. وتشير الاستخبارات في تقييمها إلى أن «أتباع الإخوان نادراً ما يظهرون في العلن، وأن المراكز التابعة لهم تستخدم كمنصات للتحريض السياسي من جهة، وأيضاً كغطاء لتنظيم لقاءات لمختلف أتباعها في دول كثيرة».
ويشير موقع الاستخبارات الداخلية إلى أن «التجمع الإسلامي في ألمانيا» تأسس قبل عام 1960، وهو المنظمة التي تضم أكبر عدد من أتباع الإخوان في ألمانيا. ويضيف أن التجمع يتخذ اليوم من مدينة كولن مقراً له، وأنه يمول نفسه من خلال رسوم انتماء لأعضائه، وتبرعات يجمعها من المساجد، إضافة إلى مساعدات خاصة يتلقاها.
وفي عام 2017، صدر تحذير من الاستخبارات الداخلية في ولاية ساكسونيا، الواقعة شرق البلاد، من توسع جماعة «الإخوان» فيها. وذكر حينها التقرير بأن الجماعة تستغل اللاجئين الجدد لزيادة أعداد أتباعها، بهدف تأسيس دولة قائمة على الشريعة. وأشار التقرير حينها أن الجماعة تستغل «نقص عدد المساجد، بعد وصول أعداد كبيرة من اللاجئين، لكي تتمدد وتنشر أفكارها».
وكشف رئيس الاستخبارات في ولاية ساكسونيا، غورديان ماير - بلات، عن أن الجماعة تشتري أعداداً كبيرة من المباني والأراضي والمقرات، لفتح مساجد وتأسيس مراكز التقاء، مضيفاً أن هذا الأمر «لا علاقة له بالجهاد، ولا الإرهاب؛ هدف (الإخوان المسلمين) هو (فرض) قانون الشريعة في ألمانيا».



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.