«عين الأسد» تفجّر خلافاً عراقياً بشأن الانسحاب الأميركي من سوريا

تقارير أشارت إلى استقرار قوات منسحبة فيها

TT

«عين الأسد» تفجّر خلافاً عراقياً بشأن الانسحاب الأميركي من سوريا

في وقت شددت فيه عدد من الكتل السياسية في البرلمان العراقي على أهمية البدء باتخاذ خطوات عملية لسحب القوات الأجنبية من العراق، كشفت مصادر أمنية عراقية، أمس، عن استقرار جزء من القوات الأميركية المنسحبة من سوريا في قاعدة «عين الأسد» بمحافظة الأنبار، غرب العراق.
وطبقاً لهذه المصادر، فإن «الحديث عن ذهاب تلك القوات المنسحبة إلى محافظة أربيل ليس هو الحقيقة الكاملة، فهناك جزء كبير في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار وفي معسكرات أخرى في المحافظة». وأضافت: «ما زالت هناك قوات أميركية على الحدود العراقية - السورية ولم تنسحب هذه القوات بالكامل».
في سياق ذلك، فإن الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى «عين الأسد» بمناسبة أعياد الميلاد فجرت من جديد مسألة الوجود الأميركي في العراق، لا سيما التصريحات التي أدلى بها ترمب، ومفادها أنه بالإمكان استخدام قاعدة «عين الأسد» منطلقاً لتنفيذ ضربات ضد أهداف في سوريا. وكانت كتل سياسية عراقية، خصوصاً المقربة من المحور الإيراني، وصفت دخول قوات أميركية من الأراضي السورية إلى العراق بـ«الأمر الخطير جداً»، في وقت تم البدء فيه بجمع تواقيع داخل البرلمان العراقي لاستصدار قانون يقضي بإلزام الحكومة العراقية بإخراج القوات الأجنبية من البلاد.
وحول ما إذا كانت القوات الأميركية الموجودة في سوريا قد استقرت في «عين الأسد» بالأنبار أكد مسؤول أمني عراقي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» طالباً عدم الإشارة إلى اسمه أن «القوات الأميركية التي انسحبت من سوريا أخذت طريقها إلى كردستان ومن هناك إلى الكويت»، مبيناً أن «بعضها مرّ من خلال قاعدة عين الأسد إلى كردستان». وبشأن ما إذا كانت هذه القوات سوف تستقر في قاعدة «عين الأسد»، قال المسؤول الأمني الرفيع: «لا يوجد أي استقرار أو زيادة للقوات الأميركية، لأن أمراً كهذا يحتاج إلى موافقات الحكومة العراقية، وهي اتخذت موقفاً واضحاً بعدم قبول أي زيادة، ولن تسمح بأن تكون أرض العراق منطلقاً لضرب أي دولة جارة». وأضاف أن «الحكومة العراقية أكدت أن للتحالف الدولي مهامّ محددة بالعراق، وتحت إشراف وموافقة الجهات العراقية المختصة»، مبيناً في الوقت نفسه أن «هناك مدفعية فرنسية بطلب عراقي منذ فترة بالقرب من الحدود السورية، كون إصابتها دقيقة جداً، ومداها بعيد».
لكن الخبير الأمني المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي يقول من جهته لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يوجد حتى الآن انسحاب أميركي من سوريا، لكن قطعاً فإن 2130 مقاتلاً أميركياً سوف يتم تقسيمهم على التنف (السورية) و(عين الأسد) العراقية». وأضاف الهاشمي أن «العراق لن يكون (ترانزيت) لها، وإنما ما سوف يحصل ليس انسحاباً في الواقع بقدر ما هو إعادة انتشار».
وبشأن القوات التي تذهب إلى الكويت، يقول الهاشمي أن «الهدف من القوات التي تذهب إلى الكويت هو استبدالها بقوات أخرى فقط وهو مايعني أن العملية أصلا هي مجرد إبدال قوات قتالية تقليدية بأخرى تخصصية لعمليات مسك الحدود وهو أمر مستمر منذ 3 سنوات». إلى ذلك، طالب عضو لجنة الأمن النيابية بدر الزيادي رئاسة مجلس النواب باستضافة القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي وقائد عمليات بغداد الفريق جليل الربيعي بشأن تجول القوات الأميركية في شارع المتنبي وسط بغداد. وقال الزيادي في تصريح أمس إن «تجوال نائب قائد القوات الأميركية في شارع المتنبي الجمعة الماضي والزيارة غير المعلنة للرئيس ترمب إلى قاعدة (عين الأسد) يشكلان خرق للسيادة العراقية». وشدد الزيادي على ضرورة «الإسراع في تشريع قانون إخراج القوات الأجنبية من البلاد لوقف الخرق الأميركي السافر للسيادة العراقية»، مؤكداً أن لجنته «سيكون لها موقف خلال الجلسة المقبلة»، مشيراً إلى أن اللجنة القانونية في البرلمان تسلّمت مسودة قرار سحب القوات الأميركية من أجل صياغتها وطرحها لتصويت، مبيناً أن الحكومة تتجه إلى طلب سحب جميع القوات الأجنبية من العراق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.