ملف الأكراد يثير غضب أنقرة قبل وصول بولتون

مسؤول أميركي يكشف عن اتفاق على إنهاء وجود الميليشيات الإيرانية

TT

ملف الأكراد يثير غضب أنقرة قبل وصول بولتون

ردت أنقرة فوراً على تصريحات لمستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أمس (الأحد) في إسرائيل، رهن فيها الانسحاب الأميركي من سوريا بالتوصل إلى اتفاق مع تركيا لحماية الأكراد وعدم قيامها بأي عملية عسكرية في شمال سوريا دون تنسيق مع الولايات المتحدة.
وأغضبت تصريحات بولتون، الذي سيزور تركيا على رأس وفد يضم المبعوث الخاص لسوريا والتحالف الدولي للحرب على «داعش» جيمس جيفري، ورئيس هيئة الأركان المشتركة جوزيف دانفورد عقب زيارته لإسرائيل، أنقرة، والذي يصل إلى تركيا في وقت لاحق اليوم (الاثنين). وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، في بيان صدر عقب تصريحات بولتون، إن الاتهامات الأميركية بشأن استهداف أنقرة للأكراد في سوريا، وضرورة ضمان حمايتهم قبل الانسحاب الأميركي «أمر لا يتقبله العقل».
والأسبوع الماضي، تحدث بولتون عن «حماية الحلفاء الأكراد» في سوريا. وعبّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن الموقف ذاته، لافتاً إلى مخاوف أميركية من تعرض الأكراد في سوريا للقتل على يد الأتراك، ما تسبب في غضب أنقرة التي أعلنت على لسان المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أكصوي، عن رفضها لوصف وحدات حماية الشعب الكردية بالحليف، ووصف تصريحات بومبيو بـ«المزعجة والمرفوضة من حيث الأسلوب والمحتوى».
وقال كالين إن «ادعاءات استهداف تركيا للأكراد أمر لا يتقبله العقل، وإن بلاده تستهدف تنظيم داعش ووحدات حماية الشعب الكردية الإرهابيين». وأضاف أن من أهداف تركيا مكافحة «حزب العمال الكردستاني» وامتداده في سوريا (وحدات حماية الشعب الكردية الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)، وتخليص الأكراد مما سماه بـ«ظلم واضطهاد» المنظمة الإرهابية (الوحدات الكردية)، بحسب تعبيره.
واعتبر كالين أن «الادعاء بأن (تنظيماً إرهابياً) يمثل الأكراد، هو في المقام الأول إساءة لإخوتنا الأكراد»، وأشار إلى أن تركيا عازمة على مواصلة مساعيها من أجل إنهاء الحرب وتحقيق الأمن في سوريا حتى تطبيق مرحلة الانتقال السياسي.
في السياق ذاته، أشار مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إلى أن تركيا متفقة مع الولايات المتحدة بشأن ضرورة مغادرة الميليشيات الإيرانية التي تتواجد للقتال إلى جانب نظام الأسد.
وبحسب وكالة الأنباء الروسية «تاس»، أكد مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية أن الحكومة التركية تتفق مع الولايات المتحدة على ضرورة مغادرة الوحدات العسكرية الواقعة تحت السيطرة الإيرانية، الأراضي السورية. وأضاف: «و(أيضا هي تتفق معنا) على أنه ليس في مصلحة أحد تشكيل الحرس الثوري الإيراني قاعدة لاستعراض القوة في سوريا، يمكن استخدامها ضد جيران سوريا».
في سياق مواز، زودت تركيا الجدار الإسمنتي الذي أقامته بطول الحدود مع سوريا (911كم) بنظام أمان ذكي للحدود تم العمل عليه لأكثر من عام لتطوير أنظمة التوضيح والكاميرات والرقابة.
ويعمل النظام الجديد بمجرد اكتشاف انتهاك للحدود على تحويل الكاميرات باتجاه تلك المنطقة ونقل المشهد مباشرة إلى مركز العمليات العسكرية ومركز الشرطة.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية التركية عودة 294 ألفا و480 سورياً في تركيا إلى بلادهم خلال عام 2018.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.