«هيئة تحرير الشام» تهاجم فصائل حليفة لتركيا شمال سوريا

سيطرت على مناطق واسعة في ريف حلب

سوريون وسط دمار بعد غارة على ريف حلب (أ.ف.ب)
سوريون وسط دمار بعد غارة على ريف حلب (أ.ف.ب)
TT

«هيئة تحرير الشام» تهاجم فصائل حليفة لتركيا شمال سوريا

سوريون وسط دمار بعد غارة على ريف حلب (أ.ف.ب)
سوريون وسط دمار بعد غارة على ريف حلب (أ.ف.ب)

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأنّ «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) هاجمت فصائل حليفة لتركيا شمال حلب، بعدما سيطرت على مناطق كانت خاضعة لـ«حركة نور الدين الزنكي» إثر معارك استمرت أربعة أيّام وأدّت إلى مقتل أكثر من مائة مقاتل، في وقت تضاربت الأنباء حول مصير قائد «الزنكي».
وسيطرت «هيئة تحرير الشام» على أكثر من 20 بلدة وقرية كانت خاضعة لسيطرة فصائل أخرى، حسب «المرصد». وأفيد بتعرض مناطق في حلب، ثاني أكبر المدن السورية، لقصف من «الهيئة».
وأعلن «المرصد»، في بيان، أنّ «هيئة تحرير الشام» تمكّنت من «فرض سيطرتها على مناطق سيطرة (حركة نور الدين الزنكي) في القطاع الغربي من ريف حلب».
وتقع المناطق في محافظة إدلب، آخر معقل لمسلّحي المعارضة والجهاديين الذين يُقاتلون النظام السوري، وفي محافظتي حماة وحلب المجاورتين، في شمال شرقي سوريا.
وكانت المعارك اندلعت، الثلاثاء، بعد أن اتّهمت «هيئة تحرير الشام»، «حركة نور الدين الزنكي» بقتل خمسة من عناصرها.
والمعارك التي كانت محصورة في بادئ الأمر في مناطق فصائل المعارضة في محافظة حلب، توسّعت إلى محافظتي حماة وإدلب، حسب «المرصد».
وأعلن «المرصد» مقتل اثنين من عناصر «الهيئة» و14 مقاتلاً في صفوف الفصائل في المعارك التي وقعت الجمعة، والتي رفعت الحصيلة الإجمالية للقتلى منذ الثلاثاء إلى 61 في صفوف «الهيئة»، و58 في صفوف الفصائل، بالإضافة إلى 8 مدنيين.
وتمكنت «هيئة تحرير الشام» إثر اقتتال داخلي تكرر خلال عامي 2017 و2018 من طرد الفصائل من مناطق واسعة، فيما باتت الفصائل الأخرى تنتشر في مناطق محدودة.
وتعد محافظة إدلب ومحيطها منطقة نفوذ تركي، وتنتشر فيها نقاط مراقبة تركية.
وتوصلت روسيا وتركيا في 17 سبتمبر (أيلول) إلى اتفاق لإقامة منطقة منزوعة السلاح فيها بعمق 15 إلى 20 كيلومتراً.
من جهة ثانية، أشار «المرصد» إلى أنّ غارات جوّية شنّتها روسيا، حليفة النظام السوري، واستهدفت غرب محافظة حلب، قد أسفرت عن مقتل مدنيين اثنين في مدينة دارة عزة. وهذه الغارات هي الأولى من نوعها على غرب محافظة حلب، منذ الاتفاق في سبتمبر بين روسيا وتركيا لإقامة المنطقة منزوعة السلاح لتجنب هجوم للقوات الحكومية السورية على إدلب.
إلى ذلك، تضاربت الأنباء بشأن اعتقال قائد «حركة نور الدين الزنكي»، فبينما قالت مصادر في المعارضة السورية إن «هيئة تحرير الشام» اعتقلته، نفت ذلك مصادر مقربة من الحركة.
وقالت المصادر لوكالة الأنباء الألمانية، السبت، إن «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) أسرت توفيق شهاب الدين قائد عام «حركة الزنكي» أثناء هروبه إلى تركيا.
وأكدت المصادر أن «الحركة حلت نفسها بعد سيطرة (هيئة تحرير الشام) على مدن وبلدات كانت تحت سيطرة (الزنكي)».
من جانبها، نفت مصادر مقربة من «الزنكي»، «اعتقال القائد العام للحركة، وأنه توجه أمس إلى منطقة عفرين وربما وصل إلى تركيا».
وأفاد «المرصد» بأن «الاقتتال في الشمال السوري امتد إلى القطاع الشمالي الغربي من الريف الحلبي، حيث تهاجم (هيئة تحرير الشام) مناطق سيطرة فصائل عملية (غصن الزيتون)، وهو الاشتباك الأول من نوعه بين الطرفين»، إذ رصد «المرصد» تمكن «هيئة تحرير الشام» من التقدم والسيطرة على منطقة استراتيجية، وهي دير سمعان وقلعة سمعان التي تفصل الريف الغربي الحلبي عن مناطق سيطرة قوات عملية «غصن الزيتون»، شمال غربي حلب، كما أسفرت المعارك عن صرعى وجرحى بين الطرفين.
ووثق «المرصد» مصرع 3 من الفصائل الموالية لتركيا، ومعلومات عن مزيد من الخسائر البشرية بين طرفي الاقتتال.
وكانت «الهيئة» دعت إلى عدم القتال إلى جانب تركيا شمال شرقي سوريا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.