دبلوماسية برازيلية جديدة... بقيادة آراوخاو

TT

دبلوماسية برازيلية جديدة... بقيادة آراوخاو

> هناك وزارة حسّاسة في الحكومة الجديدة ترصدها الدوائر الدبلوماسية الدولية باهتمام بالغ هي وزارة الخارجية التي يتولاها أرنستو آراوخو. إذ إن هذا الأخير يتباهى علانية بمعارضته النظام الدولي القائم، ويدافع عن التعليم المسيحي في المدارس العامة... داعياً إلى محاربة ما يسمّيه «الماركسية الثقافية».
آراوخاو، وهو دبلوماسي يميني، قال في أوّل تصريح له عقب تسلّمه مهام منصبه الجديد يوم الأربعاء الماضي، إن «حكومة الرئيس بولسونارو ستعمل على تحرير البرازيل». وشدّد على أنه لن يعمل لمصلحة «النظام العالمي»، مضيفا: «لسنا هنا من أجل الدفاع عن هذا النظام، بل من أجل العمل لخدمة مصالح البرازيل. المهم هو الوطن وليس ما تقوله صحيفة (النيويورك تايمز) أو مجلة (فورين أفّيرز)».
الوزير الجديد أعلن أيضاً خلال كلمة ألقاها أمام موظّفي الوزارة استهلّها بقراءة مقطع من الإنجيل، على غرار ما يفعل بولسونارو عادة، اعتزازه بأنه يفضّل قراءة جوزيه آلينكار - وهو من أشهر الأدباء الرومانسيين البرازيليين في القرن التاسع عشر - على قراءة «التايمز»، والاستماع إلى أغاني راوول سيكشاس عوضاً عن «السي إن إن». كما أعرب آراوخو عن إعجابه بحكومات اليمين المتطرف في إيطاليا والمجر وبولندا. واستطرد: «مشكلة العالم اليوم ليست كره الأجانب... بل كره البقاء في الموطن الأصلي».
ولم يتردد الوزير الجديد، الذي أثارت تصريحاته الأولى اهتماماً واسعاً في الأوساط الدبلوماسية الدولية، في القول إن «البرازيل كانت رهينة العالم الخارجي... والسياسة الخارجية البرازيلية كانت رهينة العالم الخارجي، وأصابها الخمول خشية انتقادات الآخرين». وأردف: «أنا لا أخاف المعاناة ولا النقد، ولن أخاف من ممارسة برازيليتي».
للعلم، كان آراوخو حتى تعيينه وزيراً للخارجية يشغل منصب رئيس دائرة الولايات المتحدة وكندا في وزارة الخارجية. وسبق له أن نشر مقالة في عام 2017 جاء فيها قوله: «أمام البرازيل فرصة لاستعادة روحها الغربية إذا ما اعتنقت السياسة القوميّة التي ينهجها الرئيس الأميركي دونالد ترمب». ويرجّح المراقبون أن الوزير الجديد هو الذي كان وراء التصعيد والمواجهة المفتوحة مع كوبا - «نقطة ارتكاز» محور اليسار في أميركا اللاتينية - عندما أعلن بولسونارو استعداده لمنح اللجوء السياسي لكل مواطن كوبي يطلبه، وسحب الدعوة التي كانت موّجهة من سلفه ميشال تامر إلى راؤول كاسترو لحضور حفل تنصيبه.
هذا، وردّت كوبا على هذه السلبية بإعلانها تعليق برنامج المساعدة الطبية التي تقدّمها منذ سنوات للبرازيل، حيث يتولّى 14 ألف طبيب كوبي خدمة ومعالجة آلاف العيادات والمستشفيات في المناطق الريفية البرازيلية. بل كان بولسونارو قد لمح مؤخراً إلى إمكانية قطع العلاقات الدبلوماسية مع كوبا، وانتقد برنامج المساعدات الطبية، بقوله «الأطباء الذين يأتون من بلدان أخرى يتقاضون رواتبهم كاملة، لكن الأطباء الكوبيين يتقاضون ربع رواتبهم وما تبقّى يغذّي الديكتاتورية الكوبية». ومن ثم اشترط الرئيس البرازيلي، لاستمرار البرنامج الكوبي للمساعدة الطبية، أن يتقاضى الأطباء كامل رواتبهم وأن يُسمح لهم بلمّ شمل أسَرِهم، لكن كوبا رفضت هذه الشروط وقرّرت تعليق البرنامج.


مقالات ذات صلة

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».