الحوثيون يواجهون الفضيحة الأممية بتهديدات قضائية

اصطدمت تصريحات قيادات حوثية ببعضها بعد فضيحة سرقة الأغذية والتلاعب بالمساعدات الإنسانية التي كشفت عنها الأمم المتحدة حديثا، في الوقت الذي هدد فيه قيادي حوثي في الصف الثاني الأمم المتحدة بالتوجه إلى مؤسسة القضاء التي تسيطر عليها الميليشيات مع بقية مؤسسات الدولة بمناطق يسيطرون عليها بالقوة منذ سبتمبر (أيلول) 2014.
وفي بيان بثته وسائل إعلام حوثية، قال محمد علي الحوثي الذي تسميه الميليشيات رئيس اللجنة الثورية، إنه «يعبر عن استياء شديد من صدور التصريح» من قبل برنامج الغذاء العالمي. وطالب الحوثي برنامج إلغاء العالمي بتسمية من يمثله تمهيدا لإدخال المنظمة في نفق محاكمات بالتشهير، وهو ما ورد في بند من بنود البيان بصيغة «أن من حق الجهة الحكومية مقاضاة البرنامج أمام القضاء اليمني».
لكن بيانا صدر عن برنامج الأغذية العالمي رحب ببدء الحوثيين التحقيق في اتهامات البرنامج، وهو ما يصطدم مع اللغة التحريضية التي استخدمها القيادي من الصف الثاني محمد علي الحوثي الذي يبدو أن جماعته من خلال هذا الترحيب تجاوبت على مضض مع المنظمة الأممية ووعدت بالتحقيق.
عزز ذلك، تغريدة لمنتحل منصب نائب وزير الخارجية لدى الحوثيين (كما يسميه يمنيون «المشرف الحوثي» على وزارة الخارجية بحكومة الانقلاب، حسين العزي)، لمح فيها إلى أن هناك دلائل، وحاول إيهام المتلقي بأن هناك تحقيقيات تجريها الجماعة، ما دفع بناشطين إلى الاستشهاد بدليله على إقرار ضمني من الجماعة، ومحاولة من طريق أخرى للتخلص من الفضيحة الأممية.
في الأثناء، نشرت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نبأ اتهام برنامج الأغذية العالمي ميليشيات الحوثي الانقلابية بتحويل مواد الإغاثة إلى غير المستحقين اليمنيين. ونقلت الوكالة أمس تصريحات للمتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي هيرفي فيرهوزل، قال فيها إن «عمليات الرصد التابعة للبرنامج كشفت عن سبعة مراكز توزيع بالعاصمة صنعاء تقوم عليها منظمة محلية متعاونة مع البرنامج وترتبط بالحوثيين قامت بتحويل ما يصل إلى (1200 طن متري) (600 طن متري شهريا) من الطعام في شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) لغير المستحقين».
وأضاف فيرهوزل أن «هذه المنظمة المحلية شاركت على ما يبدو في الاعتداء على غذاء المحتاجين اليمنيين». مطالباً بالتحقيق مع المتورطين وإقالتهم. وأشار إلى أن فرق البرنامج الأممي منذ نحو 3 أشهر رصدت بيع المواد الغذائية بكميات كبيرة في الأسواق اليمنية واشتبهت المنظمة الأممية في أنه كان يتم تحويل مسار الإغاثة وبيعها من قبل المنظمة المحلية الشريكة، منوهاً إلى أن مراقبة الأسواق كشفت أيضا عن أن كثيرا من الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع يبيعون جزءا من حصصهم التموينية لتلبية الاحتياجات الأخرى في التعليم والأدوية والإيجار.
وأكد فيرهوزل أن الحكومة الشرعية اليمنية منحت برنامج الأغذية العالمي الإذن للقيام بالتسجيل البيومتري للمستفيدين لضمان حصول المستحقين فقط على الإغاثة الغذائية، داعيا الحوثيين إلى اتخاذ إجراءات ضد المتورطين والسماح للبرنامج بالتسجيل البيومتري. وأكد أن البرنامج لن يقدم مساعدات نقدية للمستفيدين قبل السماح بهذا النظام البيومتري.
ويرى ناشطون يمنيون أن المنظمات الأممية تحتاج إلى شفافية أكبر، وشجاعة لإعلان ما تتعرض له من عرقلة أو مضايقات. يقول همدان العليي الناشط الحقوقي والسياسي اليمني لـ«الشرق الأوسط»: «منظمة الغذاء صمتت لأكثر من أربعة أعوام من العبث بالمساعدات الأممية، سنوات من النهب أمام عينيها، وكلما تحدثنا قلنا إنهم يحرصون على عدم الدخول مع الحوثيين في صراعات قد تحرمهم لاحقا من توزيع المساعدات، وهذا أمر غير صحيح، فهذا الموقف كان من المهم أن يحدث منذ أول رصد لأول حالة، وهذا الموقف وإن كان إيجابيا، فإنه لا يكفي، لأنه يجب عليهم إعادة آلية توزيع المساعدات». ويطالب الناشط اليمني بالشفافية في العمل الإغاثي، ويقول: «يجب على الناس أن يطلعوا على جميع البيانات المتعلقة بالمساعدات، مثل أماكن التوزيع وعدد الحالات وأسماء المناطق ومن المنظمات التي سلمت إليها المساعدات وكم سلم لكل منظمة». ويضيف: «شفافية العمل الإغاثي أهم الأسباب التي من خلالها سيتم وقف أو الحد من نهب المساعدات؛ لو كان البرنامج نشر أسماء المناطق والمؤسسات التي تتسلم المساعدات بشكل مستمر لما تم نهب العاملين في مؤسسة الثورة وعددهم 1200 ولمدة عام، ولذلك نحن نطالب بشفافية العمل الإغاثي».