خريطة طريق أممية مدعومة عربياً وسعودياً للحل في اليمن

واشنطن تطالب بـ«إجراءات» في مجلس الأمن ضد ايران

أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى إحاطة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث حول الوضع في اليمن (أ.ف.ب)
أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى إحاطة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث حول الوضع في اليمن (أ.ف.ب)
TT

خريطة طريق أممية مدعومة عربياً وسعودياً للحل في اليمن

أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى إحاطة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث حول الوضع في اليمن (أ.ف.ب)
أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى إحاطة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث حول الوضع في اليمن (أ.ف.ب)

أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ الاثنين أنه يعمل على ثلاثة محاور لوقف الحرب اليمنية والعودة إلى العملية السياسية عبر «خريطة طريق» أممية مدعومة عربياً، ولا سيما من المملكة العربية السعودية، في حين حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث من أن الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر وما حوله «لا تزال تهدد بنشوب حريق أوسع نطاقاً» في المنطقة.

وكان غروندبرغ يقدم إحاطة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من عدن خلال جلسة لمجلس الأمن، فأشار إلى اجتماعاته مع كل من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، ونائب الرئيس عيدروس الزبيدي، ورئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، ووزير الخارجية شائع الزنداني، ومناقشاته في شأن «الحاجة الملحة إلى معالجة الأوضاع المعيشية المتدهورة لليمنيين وإحراز تقدم نحو تأمين اتفاق خريطة الطريق الذي ينهي الحرب ويفتح الطريق أمام السلام العادل»، مثنياً على «البيئة البنّاءة» التي سادت الاجتماعات. وذكّر بـ«الخطوة الشجاعة» التي اتخذتها الأطراف نحو الحل السلمي لليمن عندما اتفقت على مجموعة من الالتزامات التي «ستفعّل من خلال خريطة طريق الأمم المتحدة»، وهي «تنص على وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، وضمان الإغاثة التي يحتاج إليها اليمنيون بشدة، وبدء عملية سياسية شاملة لإنهاء النزاع بشكل مستدام».

أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى إحاطة من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ (أ.ف.ب)

هناك تحديات

ولكن غروندبرغ استدرك بأن «التحديات لا تزال تعرقل التقدم، وأهمها البيئة غير المستقرة في المنطقة على نطاق أوسع» على رغم انخفاض عدد الهجمات ضد السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، فضلاً عن انخفاض عدد الضربات الجوية الأميركية والبريطانية ضد أهداف برية داخل اليمن. ونبّه إلى أن إعلان جماعة الحوثي توسيع نطاق الهجمات يمثل «استفزازاً مثيراً للقلق في وضع متقلب أصلاً». وكذلك عبّر عن «القلق» من استمرار النشاط العسكري على شكل القصف ونيران القناصة والقتال المتقطع والهجمات بالمسيّرات وتحركات القوات في الضالع والحديدة ولحج ومأرب وصعدة وشبوة وتعز، فضلاً عن «القلق» من «تهديدات الأطراف بالعودة إلى الحرب، بما في ذلك خطابات الحوثيين وأفعالهم فيما يتعلق بمأرب»، مكرراً أن «المزيد من العنف لن يحل هذا النزاع، بل على العكس من ذلك». وحض الأطراف على «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس بالأفعال والكلمات خلال هذه الفترة الهشة».

الحل ممكن

وشدد على أنه «رغم هذه التحديات، أعتقد أن الحل السلمي والعادل لا يزال ممكناً»، مشيراً إلى أنه كثف اتصالاته في اليمن والمنطقة ومع المجتمع الدولي من أجل «التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب وبدء عملية سياسية». وأفاد بأن النهج الذي يتبعه لتحقيق ذلك «يقوم على ثلاثة محاور»، موضحاً أن المحور الأول يتعلق بمواصلة اتصالاته مع الأطراف «لإحراز تقدم في شأن خريطة طريق الأمم المتحدة، بدعم من المجتمع الدولي والمنطقة، ولا سيما المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان». وأعلن أن المحور الثاني يتصل بالعمل على ما سماه «استكشاف سبل خفض التصعيد وبناء الثقة»، مؤكداً أن ذلك «يتطلب مشاركة دولية منسقة وحسن نية من الأطراف لاتخاذ خطوات أولية للعمل معاً للتخفيف من بعض أشد المصاعب»، مثل العمل مع اليمنيين لتسهيل إطلاق المعتقلين، وفتح الطرق، وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي. أما المحور الثالث، فيتعلق وفقاً للمبعوث الأممي بـ«الاستعدادات لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية شاملة»، لافتاً إلى أن مكتبه يتعاون مع جهات فاعلة متنوعة مثل ممثلي السلطة المحلية، والجهات الأمنية والمسؤولين العسكريين، وصانعي السياسات الاقتصادية، والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، والصحافيين، وقادة المجتمع، والوسطاء المحليين، وممثلي القطاع الخاص لهذه الغاية. وكرر أنه «مصمم على مواصلة توجيه كل جهودي نحو تمكين اليمنيين من التوصل إلى وقف لإطلاق النار على الصعيد الوطني وبدء عملية سياسية شاملة تضع الأسس لسلام دائم»، معتبراً أن «هناك خطوات ملموسة وحاسمة يمكن للأطراف أن تتخذها الآن».

غريفيث

وكذلك استمع المجلس إلى إحاطة من غريفيث الذي أشار إلى أنه خلال السنوات الثلاث الماضية «كانت هناك لحظات من الأمل الكبير»، ولا سيما بعد الحصول على الهدنة بوساطة الأمم المتحدة عام 2022. ولكنه استدرك أن «اليمن لم يخرج من الأزمة، بل إنه أبعد ما يكون عن ذلك». وقال إن «الجوع لا يزال، وهو التهديد الأبرز لهذه الأزمة، يطارد شعب اليمن» على رغم «التحسينات المتواضعة في معدلات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في أعقاب الهدنة» قبل أن تتلاشى مجدداً. وأضاف أن «مستويات الحرمان الشديد من الغذاء لا تزال مرتفعة بشكل مثير للقلق في كل أنحاء البلاد»، متوقعاً أن «تتفاقم أكثر عندما يبدأ موسم العجاف في يونيو (حزيران) المقبل». وعبّر عن «قلق عميق إزاء تفشي وباء الكوليرا الذي يتفاقم بسرعة»، مشيراً إلى «الإبلاغ حتى الآن عن 40 ألف حالة مشتبه بها وأكثر من 160 حالة وفاة - وهي زيادة حادة منذ تحديثنا الشهر الماضي. وتوجد غالبيتها في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث يتم الإبلاغ عن مئات الحالات الجديدة كل يوم».

وأشاد غريفيث بإعادة التأكيد على التزام المجتمع الدولي ودعمه للشعب اليمني في الاجتماع السادس لكبار المسؤولين الذي عُقد في بروكسل الأسبوع الماضي، حين اغتنم العديد من المانحين هذه الفرصة للإعلان عن مساهمات مالية بلغ مجموعها 792 مليون دولار. وحذر من أن الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر وما حوله «أدت إلى تعطيل طرق التجارة العالمية، ولا تزال تهدد بنشوب حريق أوسع نطاقاً». وأكد أنه «يجب علينا ألا ندع التطورات في المنطقة والبحر الأحمر تقف في طريق السلام في اليمن»، معتبراً أن ذلك «سيكون ظلماً فظيعاً ومأساة لشعب اليمن».

أدلة أميركية

وقال المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود إن هناك «أدلة واسعة على قيام إيران بتوفير أسلحة متقدمة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز للحوثيين»، في ما يشكل «انتهاكاً لعقوبات الأمم المتحدة، الأمر الذي يزيد من عدم الاستقرار الإقليمي».

وأكد أنه إذا كان مجلس الأمن «يريد العودة إلى آفاق أكثر تفاؤلاً لليمن، فيجب علينا أن نتخذ إجراءات جماعية – بكل وضوح وبساطة»، موضحاً أنه «يجب علينا بشكل جماعي أن ندين إيران لدورها المزعزع للاستقرار، وأن نصر على أنها لا تستطيع الاختباء وراء الحوثيين». وكرر مطالبة الولايات المتحدة لإيران بـ«وقف عمليات نقل الأسلحة غير القانونية وتمكين هجمات الحوثيين غير القانونية والمتهورة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السعودية أكدت استمرار وقوفها مع اليمن وحكومته وشعبه (الشرق الأوسط)

ترحيب سعودي وخليجي باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين الاقتصادي

رحبت السعودية باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين على إجراءات خفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.

العالم العربي بفضل الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة حققت الصحة العالمية نجاحات كبيرة في اليمن (الأمم المتحدة)

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشمال اليمن وقالت إن عدد الإصابات المسجلة تقترب من 100 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

حوار غروندبرغ الاقتصادي... غضب يمني ومرونة رئاسية ورفض حوثي

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن والانخراط في حوار اقتصادي، بينما رفض الحوثيون.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من استعراض حوثي مسلح في صنعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 8 مدنيين بينهم أطفال جنوب تعز بقصف حوثي

قُتل وأصيب 8 مدنيين، بينهم أطفال جراء قصف للميليشيات الحوثية الإرهابية استهدف منطقة الشقب في مديرية الموادم جنوب محافظة تعز اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
TT

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)

أكدت السعودية على التعاون الدولي السلمي كوسيلة لتحقيق الازدهار والاستقرار والأمن العالمي، مشددة على أهمية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وضرورة تنفيذها بشكل كامل لتحقيق عالم خالٍ منها.

جاء ذلك في بيان ألقاه السفير عبد المحسن بن خثيلة، المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف خلال أعمال اللجنة التحضيرية الثانية لـ«مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار»، حيث دعا بن خثيلة إلى بذل جهود دولية أكثر فاعلية لتحقيق أهداف هذه المعاهدة وعالميتها، حاثاً الدول غير الأطراف على الانضمام إليها، وإخضاع جميع منشآتها النووية للضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وشدد على ضرورة وفاء الدول المسلحة نووياً بالتزاماتها بموجب المادة السادسة من المعاهدة، وأن الطريقة الوحيدة لضمان عدم استخدام تلك الأسلحة هي القضاء التام عليها، والحفاظ على التوازن بين الركائز الثلاث للمعاهدة، ومصداقيتها في تحقيق أهدافها، منوهاً بدعم السعودية للوكالة؛ لدورها الحاسم في التحقق من الطبيعة السلمية للبرامج النووية.

جانب من مشاركة السفير عبد المحسن بن خثيلة في افتتاح أعمال المؤتمر (البعثة السعودية بجنيف)

وأكد بن خثيلة الحق في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية بموجب المادة الرابعة من المعاهدة، مع الالتزام بأعلى معايير الشفافية والموثوقية في سياستها الوطنية ذات الصلة وأهمية التنمية الاقتصادية، داعياً جميع الأطراف للتعاون من أجل تعزيز الاستخدام السلمي لصالح التنمية والرفاه العالميين.

وبيّن أن المسؤولية عن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية تقع على عاتق المجتمع الدولي، خاصة مقدمي قرار عام 1995 بشأن المنطقة.

وأدان السفير السعودي التصريحات التحريضية والتهديدات التي أطلقها مؤخراً أحد أعضاء الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام تلك الأسلحة ضد الفلسطينيين، عادّها انتهاكاً للقانون الدولي، وتهديداً للسلم والأمن العالميين.

ودعا إلى تكثيف التعاون بين الأطراف في المعاهدة لتحقيق نتائج إيجابية في «مؤتمر المراجعة» المقبل لعام 2026، بهدف تحقيق عالم آمن وخالٍ من الأسلحة النووية.