الجزائر: دعوات للجيش لـ«البقاء على الحياد» في رئاسية 2019

الجزائر: دعوات للجيش لـ«البقاء على الحياد» في رئاسية 2019
TT

الجزائر: دعوات للجيش لـ«البقاء على الحياد» في رئاسية 2019

الجزائر: دعوات للجيش لـ«البقاء على الحياد» في رئاسية 2019

بينما هاجمت رئاسة أركان الجيش الجزائري ضباطا متقاعدين خاضوا في موقف قيادة الجيش من الجدل حول رئاسية 2019، وذلك للمرة الثانية في أقل من أسبوع، شددت أحزاب مهتمة بهذا الموعد السياسي الحاسم على «ضرورة بقاء المؤسسة العسكرية على الحياد» خلال الاستحقاق المتوقع في شهر أبريل (نيسان) المقبل.
ونشرت «مجلة الجيش» في عدد شهر يناير (كانون الثاني) الجاري الصادر أمس، خطابا شديد اللهجة وجه لضباط متقاعدين، دعوا عبر الصحافة نائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح إلى منع الرئيس بوتفليقة من تمديد حكمه، بذريعة أن ذلك «سيشكل انحرافا عن المسار الديمقراطي».
وجاء في افتتاحية النشرة العسكرية، التي يتابعها عدد كبير من المراقبين «إن الإنجازات التي حققها الجيش في 2018، وعلى كل الأصعدة، لم ترق لبعض العابثين ضيقي الأفق، الذين دفعوا من بعض الجهات المريبة إلى تقمص أدوار تفوق كفاءاتهم، دون أدنى احترام لمبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية»، والقصد بـ«الإنجازات»، حسب مراقبين، نتائج الحرب على الإرهاب التي خلفت مقتل 32 متطرفا، زيادة على 132 آخرين سلموا أنفسهم للسلطات الأمنية، بحسب حصيلة أمنية نشرها الجيش الأحد الماضي.
وذكرت المجلة، التي يشرف على إعدادها قايد صالح شخصيا، أن «هؤلاء استرسلوا فأدلوا بدلوهم في كل المواضيع، كالانتخابات الرئاسية المقبلة، وإتاحة الفرصة للشباب للوصول إلى مناصب المسؤولية في الجيش، ودعوة نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، إلى تحمل مسؤوليته في تعزيز المكتسبات الديمقراطية. والتشدق بالبراغماتية والواقعية، ومحاولة تقزيم المكاسب الأمنية، والكثير من المواضيع والمسائل التي لا يفقهون فيها».
وإن لم تشر «مجلة الجيش» إلى أحد بالاسم، فالخطاب موجه إلى اللواء المتقاعد علي لغديري، الذي كتب مقالين في صحيفتين، وأجرى مقابلة مع إحداهما، داعيا قايد صالح، الذي يشغل في نفس الوقت منصب رئيس أركان الجيش، إلى الوقوف ضد ترشح محتمل للرئيس بوتفليقة لولاية خامسة. ويتضمن الكلام الحاد للنشرة إيحاء بأن طرفا قويا يقف وراء الخوض في الرئاسية، هو على الأرجح مدير المخابرات محمد مدين، الذي عزل في 2015، والذي عرف بإدارة خيوط اللعبة السياسية، وترتيب نتائج كل الاستحقاقات الرئاسية.
وجاء خطاب «مجلة الجيش» ضد خصوم بوتفليقة وصالح، تحت عنوان «والقافلة تسير...»، ويحمل ذلك دلالة قوية على شراسة الصراع الدائر حول من يخلف الرئيس إن لم يطلب لنفسه ولاية جديدة.
وصدر أول هجوم على «الخصوم» الاثنين الماضي في بيان للجيش، فهم منه أن صالح لا يمكن إلا أن يقف بجانب بوتفليقة إذا أراد البقاء في الحكم. وهدد صالح لغديري، دون ذكر اسمه، بإنزال عقوبات ضده تصل حد التجريد من الرتبة العسكرية، طبقا لما تنص عليه قوانين الجيش، التي تمنع العساكر، بمن فيهم المتقاعدون، من الخوض في السياسية بذريعة «التقيد بواجب التحفظ».
في نفس السياق، ناشد بلعيد عبد العزيز، أمس، في العاصمة الجيش «البقاء على مسافة واحدة من كل المرشحين لرئاسية 2019». وأبدى بلعيد، الذي أعلن رغبته في أن يصبح رئيسا هذا العام، ضمنا، مخاوف من اصطفاف قايد صالح وراء بوتفليقة إذا ترشح. وكان بلعيد يتحدث بمناسبة نشاط نظمه حزبه «جبهة المستقبل»، إذ دافع عن المتقاعدين الذين توعدهم الجيش، قائلا: «من حقهم ممارسة السياسة، وهذا يندرج ضمن الحريات الفردية لكن مواطن الجزائري. فالعسكري المتقاعد يصبح بمجرد أن تنتهي خدمته في الجيش، مواطنا عاديا مثل باقي المواطنين، وبالتالي من حقه أن يتخذ المواقف السياسية التي يريد ويبدي رأيه بكل حرية، لأن ذلك من صميم الحريات، التي يكرسها الدستور وكل قوانين الجمهورية».
وطالب بلعيد «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (لائيكي) الجيش، بمناسبة اجتماع كوادره أمس، إلى «الابتعاد عن السياسة». وعد تهديد الكوادر العسكريين المتقاعدين «أمرا لا يطمئن المواطنين حول حياد الجيش، إزاء القوى السياسية المتنافسة على الاستحقاق».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».