المفتي قباني يتغيب عن تشييع شطح وتوتر بعد حضوره جنازة أحد الضحايا

قال إن غيابه مرتبط برسالة سابقة تلقاها من مستشار الحريري

مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني
TT

المفتي قباني يتغيب عن تشييع شطح وتوتر بعد حضوره جنازة أحد الضحايا

مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني

تغيب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، أمس، عن تشييع الوزير الأسبق محمد شطح ومرافقه طارق بدر في مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، بينما خلق وصوله «المفاجئ ومن دون تنسيق مسبق» إلى مسجد الخاشقجي، خلال تشييع الشاب محمد الشعار، حالة من الغضب والتوتر في صفوف المشيعين الذين أطلقوا هتافات مضادة وطالبوه بالرحيل، متهمينه بـ«دعم النظام السوري» و«عدم تمثيلهم».
ولم تنجح كل مساعي التهدئة خلال أكثر من ساعتين من الوقت وإطلاق النداءات عبر مكبرات الصوت داخل المسجد في تأمين طريق آمن لخروج المفتي بعد الاعتراض الكبير على حضوره. وسادت حالة من الهرج والمرج داخل المسجد، دفعت بأحد خطبائه إلى الطلب مرارا من الموجودين احترام حرمة المسجد ووقاره وحرمة الشهادة، مذكرا إياهم بأنهم ليسوا في الشارع، من دون أن يستجيبوا لهذه الطلبات. وأطلق الشباب الغاضبون هتافات معارضة لقباني الذي وصفوه بـ«عدو الله»، وهتافات أخرى مؤيدة لرئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.
وتصادف وصول قباني إلى المسجد قبل لحظات من وصول نجلي الوزير السابق محمد شطح يرافقهما نادر الحريري، مستشار رئيس الحكومة الأسبق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري ومدير مكتبه، إضافة إلى وجود عدد من نواب بيروت بينهم النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت الذي بقي حتى حضور القوى الأمنية.
واتسعت دائرة الخلافات بين تيار المستقبل والمفتي قباني على خلفية تفاعل أزمة دار الفتوى منذ أكثر من عام، نتيجة ملاحظات على أداء المفتي وتفرده باتخاذ قرارات من دون العودة إلى المجلس الشرعي الأعلى، الذي يعد كل رؤساء الحكومات السابقين والحاليين أعضاء حكما فيه. ووصل الخلاف بين المجلس الشرعي والمفتي قباني إلى حد توقيع أكثرية من أعضائه عريضة لعزله من منصبه، من دون أن يستجيب لكل محاولات رأب الخلاف والتوصل إلى تسوية تحفظ مقام دار الإفتاء وشخص المفتي.
ويقاطع تيار المستقبل بشكل كامل المفتي قباني، الذي أم صلاة عيد الفطر الأخير وحيدا، وسط مقاطعة واسعة من رؤساء الحكومات السابقين والرئيس المكلف تمام سلام ونواب المستقبل وقيادييه، وذلك على خلفية قرار اتخذه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالتنسيق مع رئيسي الحكومتين السابقين فؤاد السنيورة وعمر كرامي، إضافة إلى سلام بـ«كسر العرف» السائد الذي يقضي بأن يتوجه رئيس الحكومة إلى منزل المفتي ويصطحبه لتأدية صلاة العيد، على خلفية أزمة دار الفتوى.
ولم يتمكن قباني أمس من الخروج من مسجد الخاشقجي، الواقع في محلة قصقص في بيروت، القريبة من منطقة طريق الجديدة المحسوبة على تيار المستقبل، حتى بعد انتهاء الصلاة على جثمان الشعار ومواراته الثرى، بسبب تجمع الشبان الغاضبين الذين حاصروا موكب المفتي المتوقف مقابل الجامع لنحو ساعتين ونصف الساعة واشتبكوا بالأيدي مع مناصرين للمفتي قباني. وحضرت قوة من الجيش اللبناني ومن فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي عند الساعة الرابعة والنصف، وسط تعزيزات أمنية كبيرة، عملت على إخراجه من المسجد في ظل غضب عارم، ونقله بآلية عسكرية تابعة لشعبة المعلومات، بعد طلب قباني رعاية رسمية لخروجه، خوفا من التعرض له، وفشل وساطات التهدئة.
وقال النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت الذي كان موجودا مع المفتي قباني في تصريح أمس، إن «هناك من أوحى للمفتي بالحضور إلى المسجد، علما بأنه سبق وأرسل ممثلا عنه وعرف عن نفسه في المسجد ولم يعترض أحد». ولمح إلى أن «هناك من يريد أن يوقع بين اللبنانيين»، لافتا إلى أن قباني «لم يشأ الخروج بهذه الطريقة وكان يود الخروج بطريقة رسمية كما دخل إلى باحة المسجد».
وكان قباني استبق وصوله إلى مسجد الخاشقجي ببيان أصدرته دار الفتوى ظهرا، برر فيه غيابه عن تشييع شطح ومرافقه في مسجد محمد الأمين بوسط بيروت، حيث أم الصلاة مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار. وأوضح بيان دار الفتوى، أن «عدم مشاركة المفتي قباني في تشييع شطح والصلاة عليه في مسجد محمد الأمين، يعود إلى رسالة سابقة تلقاها المفتي شخصيا من السيد نادر الحريري (مستشار سعد الحريري) في تشييع اللواء وسام الحسن (رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي الذي اغتيل في أكتوبر (تشرين الأول 2012 في محلة الأشرفية ببيروت) عندما تلقى اتصالا منه وقال له «بما أن اللواء وسام الحسن من الشمال فمفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار يصلي عليه في مسجد محمد الأمين وسط بيروت»، وفق بيان دار الفتوى.
وعدت دار الفتوى في بيانها أمس أنه «بناء على ذلك، كانت الرسالة واضحة جدا بعدم رغبتهم بمشاركة مفتي الجمهورية في الجنازة والصلاة عليها وموضوع الشمال كان حجة واهية»، مشيرة إلى أنه «في تشييع الوزير شطح فإن الرسالة السابقة كافيه في فهم مرادهم في ذلك الأمر ومثله، فآثر سماحته هذه المرة بعدم المشاركة، حيث لا يجوز اللغط في هذه المسألة الطبيعية التي يزجون فيها الدين بالسياسة».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.