حكومة طرابلس تبحث أزمات الجنوب... والجيش يحذر من عمليات إرهابية

وزير الداخلية يطالب مجدداً بدعم دولي مباشر لتدريب العناصر الأمنية

السراج يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء أمس في طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
السراج يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء أمس في طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
TT

حكومة طرابلس تبحث أزمات الجنوب... والجيش يحذر من عمليات إرهابية

السراج يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء أمس في طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
السراج يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء أمس في طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)

بينما بحث مجلس وزراء حكومة الوفاق الوطني الليبي، أمس، الأوضاع في مدن الجنوب، طالب فتحي باش أغا، وزير الداخلية بالحكومة، مجددا، بدعم دولي مباشر لتدريب العناصر الأمنية.
وعقدت حكومة الوفاق اجتماعها الأول بمقر ديوان رئاسة الوزراء بالعاصمة، تحت رئاسة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، واستعرض المجلس أهم التطورات والمستجدات على الصعيد المحلي، وكانت أزمات الجنوب الليبي أحد الملفات الرئيسية التي بحثها الاجتماع.
ونقل بيان للمكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، أمس، أن الاجتماع شدد على أهمية الجانب الأمني في الجنوب، وتوفير الإمكانيات لمديريات الأمن حتى تؤدي دورها، وبما يكفل نجاح المعالجات في مجال الخدمات وتوفير الاحتياجات الأساسية.
في غضون ذلك، قال وزير الداخلية فتحي باش أغا في بيان وزعه مكتبه، عقب لقائه مع أنجيس ماكي، القائم بأعمال سفارة بريطانيا لدى ليبيا، أول من أمس، إن «وزارته تحتاج إلى دعم دولي مباشر من خلال تدريب العناصر الأمنية، وبناء قدرات الوزارة»، مشيرا إلى أن بريطانيا لها دور بارز عبر دعمها الحكومة، وما تقدمه من مساعدات لوجيستية وأمنية على الصعيد الأمني والتقني.
وفي المقابل، أكد المسؤول البريطاني استعداد بلاده لتقديم جميع الإمكانيات اللازمة، والتطلع إلى تعاون بناء مع حكومة السراج، ومعالجة كل التحديات التي تواجه ليبيا.
بدورها، أعلنت بعثة الأمم المتحدة أن الاجتماع الذي عقدته أمس ستيفاني ويليامز، نائبة رئيسها للشؤون السياسية، مع الوزير أغا، تمحور حول دعم المجتمع الدولي لتنفيذ الترتيبات الأمنية في طرابلس الكبرى، والرؤية الجديدة لوزارة الداخلية لأمن العاصمة.
وكان ملف الترتيبات الأمنية في طرابلس حاضرا أيضا لدى لقاء ستيفاني، مساء أول من أمس، مع خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، إلى جانب التحضيرات للملتقى الوطني، الذي تخطط البعثة الأممية لعقده الشهر المقبل، وسبل تحقيق الاستقرار في الجنوب.
وكان الوزير أغا قد كشف مؤخرا عن معاناة الوزارة مما وصفه بـ«فساد مالي وإداري كبيرين، يتوجب مكافحته والحد منه لأنه أمر مخالف للدين والقانون»، مبرزا أن أجهزة الأمن والشرطة التابعة لوزارة الداخلية، تواجهان ضعفا كبيرا في التسليح والإمكانيات.
كما طالب الوزير أغا، عقب الهجوم الإرهابي الذي طال مقر وزارة الخارجية في طرابلس من قبل «داعش»، وأسفر عن قتيلين وعدد من الجرحى نهاية الشهر الماضي، برفع حظر توريد السلاح المفروض على ليبيا من قبل مجلس الأمن الدولي، قصد مواجهة الإرهاب بسلاح نوعي متطور.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية بحكومة السراج للمرة الأولى عن تعاون حكومة بنما معها في قضية ناقلة، اختطفتها بلغاريا نهاية العام الماضي، بعد إيقاف تصريح مؤقت منحته لها. وقالت الوزارة في بيان أصدره مكتبها الإعلامي، أول من أمس، إن محمد سيالة وزير الخارجية بعث برسالة إلى إيزابيل ديسان فالو دي ألفارادو، وزيرة خارجية بنما، عبر فيها عن امتنانه لتعاونها مع سفارة ليبيا ببنما في معالجة موضوع الناقلة الليبية (بدر)، التابعة للشركة الوطنية للنقل البحري. وطلب سيالة من نظيرته البنمية تدخل حكومة بلادها لإلغاء التسجيل المؤقت للناقلة في مكتب السلطات البحرية البنمية في أثينا.
وكانت المحكمة الإدارية العليا في بورغاس قد أصدرت حكما بالإفراج عن الناقلة (بدر)، وتسليمها لمالكها الأصلي، الشركة الوطنية للنقل البحري في ليبيا، لكن السلطات البلغارية منحت الإذن بالإبحار عقب أسبوع من الحكم القضائي للحيلولة دون تنفيذ الحكم، ولتكون الناقلة خارج السلطة القضائية للسلطات البلغارية.
وقالت السلطات الليبية إن نظيرتها البلغارية لم تقدم إيضاحات حول طريقة السماح لها بالإبحار، على الرغم من صدور قرار قضائي حكم لصالح ملكيتها إلى ليبيا. عسكريا، أعلن الجيش الوطني الليبي على لسان الناطق الرسمي باسمه العميد أحمد المسماري، عن تطلعه لفرض مزيد من الاستقرار والأمن بجميع أنحاء الأراضي الليبية. وقال المسماري في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، إن «الجيش على دراية تامة بخريطة تحركات التنظيمات الإرهابية»، التي حذر من أنها تخطط لشن المزيد من العمليات الانتقامية، ردا على هزائمها الأخيرة، مؤكدا أن الجيش يسعى لفرض السيطرة الأمنية حتى تتمكن الشركات الأجنبية من العودة إلى أعمالها في قطاع النفط والغاز.
كما أوضح المسماري أن قوات الجيش تسعى أيضا لتطهير وحماية الصحراء الليبية، لإتاحة المجال أمام عودة المستثمرين الأجانب مجددا، لافتا إلى أن هدف الجيش ليس فقط الوصول إلى طبرق ودرنة في شرق البلاد، بل تحرير جميع الأراضي الليبية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».