مصر: البرلمان يسعى لإقرار عقوبة بالسجن على مُحرّمي تهنئة عيد الميلاد

فيديو لـ«داعش» يهدد الأقباط بعمليات دامية

TT

مصر: البرلمان يسعى لإقرار عقوبة بالسجن على مُحرّمي تهنئة عيد الميلاد

في محاولة لصد سيل الفتاوى التي تُطلق من دعاة غير رسميين في مصر تحرّم تهنئة الأقباط بأعيادهم، يسعى مجلس النواب (البرلمان) لإقرار مشروع قانون يُعاقِب كل من يُصدر مثل هذه الفتاوى بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وغرامة لا تزيد على 10 آلاف جنيه. يأتي هذا في وقت بث تنظيم «داعش» الإرهابي فيديو جديداً هدد فيه أقباط مصر بمزيد من العمليات الدامية خلال احتفالات عيد الميلاد.
وقال الدكتور عمر حمروش، عضو لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، مقدم القانون الجديد في البرلمان، إن «القانون سوف يضع حداً لفوضى الفتاوى التي يتم توظيفها سياسياً من قبل بعض جماعات الإسلام السياسي»، مضيفاً: أن «مشروع القانون الذي وافقت عليه لجنة الشؤون الدينية بالبرلمان يُعالج ظاهرة فوضى الفتاوى، وسوف يحد من الظهور في وسائل الإعلام لإصدار مثل هذه الفتاوى التي تحرم تهنئة الأقباط في أعيادهم».
وتعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال إحدى جلسات «منتدى شباب العالم» بمدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بضمان «حرية العبادة والمعتقد» في البلاد، وذلك عقب هجوم دامٍ تبناه «داعش» أسفر عن مقتل 7 مواطنين أقباط كانوا عائدين من زيارة لأحد الأديرة بمحافظة المنيا (200 كيلومتر جنوب القاهرة).
ويرى مراقبون أن «آراء مشايخ بعض التيارات الدينية التي تُحرم مُشاركة الأقباط في تهنئتهم بالأعياد، تُوجِد هوّة اجتماعية، وقد ينتج عن ذلك اعتداء على الكنائس والأقباط».
وكان مواطن مسيحي قد ذُبح في الإسكندرية في يناير (كانون الثاني) 2017 بواسطة أحد «المتشددين»، وأظهر فيديو تم تداوله على المواقع الإلكترونية قيام الجاني، وهو شخص ملتحٍ، بإخراج سكين كبير من معطفه، وضرب القتيل بالسكين في رقبته أمام أسرته في الشارع.
وقبل أيام، جدد الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، فتواه بتحريم تهنئة الأقباط بـ«عيد ميلاد المسيح»، وقال برهامي إن «التهنئة بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق». وعقب ذلك تقدم أحد المحامين المصريين ببلاغ للسلطات القضائية ضد برهامي، اتهمه فيه بإثارة الفتنة الطائفية، والتحريض ضد أقباط مصر من خلال فتواه الصادرة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، والتي حرّم فيها تهنئة الأقباط. وأكد البلاغ أن «فتوى برهامي تثير الفتنة الطائفية بين جناحي الوطن الواحد، وهو ما يؤدي إلى إثارة القلاقل وزعزعة الاستقرار الداخلي للبلاد والإضرار بمصالحها العليا وأمنها القومي، في ظل المؤامرات الداخلية والخارجية التي تستهدف الدولة المصرية ومواطنيها».
ووفقاً لتقديرات رسمية تتراوح نسبة المسيحيين في مصر بين 10 و15% من عدد السكان. ويؤكد البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، دائماً أن «أي محاولة للعبث بالرباط القوي الذي يجمعنا بالمسلمين سوف تنتهي بالفشل»، وأن «مشاعر الحب والود المتبادلة هي نعمة من الله على الشعب المصري، وتأتي الأعياد والمناسبات الإسلامية والمسيحية كفرصة لإظهار هذه النعمة».
في غضون ذلك، بث «داعش» إصداراً مرئياً مدته 14 دقيقة مساء أول من أمس، هدد فيه أقباط مصر والبابا تواضروس، حمل الفيديو عنوان «نصارى مصر دم مهدور» بثه ما يسمى «صرح الخلافة» إحدى الأذرع الإعلامية للتنظيم. واستعرض التنظيم خلال الفيديو مقتطفات من العمليات الإرهابية التي نفّذها ضد أقباط. وهدد التنظيم كذلك في نهاية الفيديو، أنه «سوف يزحف قريباً إلى القاهرة ويحرر أنصاره الموجودين في السجون»، على حد زعمه.
وتبنى «داعش» تفجير الكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في ديسمبر (كانون الأول) 2016، في حادث نفَّذه انتحاري، أوقع 28 قتيلاً. أعقبه نشر فيديو في فبراير (شباط) هدد فيه التنظيم باستهداف المسيحيين، كما استهداف «داعش» كنيسة «مار جرجس» في مدينة طنطا الواقعة في وسط دلتا النيل، والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 45 شخصاً وإصابة 112 بجروح، يوم «عيد الفصح» عام 2017. وقلل الدكتور خالد الزعفراني، خبير الحركات الأصولية بمصر، من تهديد «داعش» للأقباط في مصر، مضيفاً أن «الأجهزة الأمنية لن تسمح بأي عمل إرهابي». وقال الزعفراني لـ«الشرق الأوسط» إن «الشرطة والجيش يُحكمان إجراءات تأمين الكنائس، منعاً لتسلل أي إرهابي أو القيام بأعمال عنف»، لافتاً إلى أن «داعش» دأب على تهديد الأقباط خلال أعيادهم، لإرسال رسالة إلى عناصره والمتعاطفين معه، أنه ما زال موجوداً وقادراً على ارتكاب أي عمليات في أي مكان، ليتفادى هزائمه في سوريا والعراق.
يشار إلى أنه في أبريل (نيسان) عام 2018، توعد «داعش» بشن هجمات إرهابية ضد المسيحيين في أعيادهم بجميع دول العالم خصوصاً مصر. وأعلن تنظيم «أنصار بيت المقدس» مبايعة «داعش» عام 2014 وغيّر اسمه ليصبح «ولاية سيناء». وتشن قوات الجيش والشرطة المصرية عملية أمنية كبيرة في شمال ووسط سيناء منذ 9 فبراير 2018، لتطهير تلك المنطقة من عناصر متطرفة موالية لـ«داعش»، وتعرف العملية باسم «المجابهة الشاملة (سيناء 2018)».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».