الرئيس الموريتاني يزور دمشق تلبية لـ«دعوة قديمة» من الأسد

TT

الرئيس الموريتاني يزور دمشق تلبية لـ«دعوة قديمة» من الأسد

أفادت مصادر في نواكشوط، بأن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، سيؤدي «زيارة صداقة وعمل» إلى دمشق، نهاية الأسبوع المقبل، من المنتظر أن تستمر يوماً واحداً فقط، سيُجري خلالها مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد، بالإضافة إلى مباحثات موسعة بين مسؤولين من حكومتي البلدين.
ولا تزال الحكومة الموريتانية تلتزم الصمت حيال موضوع الزيارة؛ خاصة أن ولد عبد العزيز موجود منذ أكثر من أسبوع في عطلته السنوية، في بوادٍ نائية شمال شرقي البلاد؛ حيث تعود أن يقضي عطلته السنوية بالتزامن مع نهاية كل عام، ومن المنتظر أن يعود من عطلته الأسبوع المقبل، لتستأنف الحكومة عملها واجتماعاتها المتوقفة.
ولكن مصادر، بعضها مقرب من رئاسة الجمهورية في موريتانيا، أكدت أن ولد عبد العزيز سيبدأ جولة عربية نهاية الأسبوع المقبل، وتحديداً يوم الخميس، العاشر من شهر يناير (كانون الثاني) الجاري، ستقوده إلى كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وسوريا ولبنان. وأشارت المصادر إلى أن ولد عبد العزيز سيتوجه أولاً إلى دولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث سيشارك في أسبوع أبوظبي للاستدامة 2019، ثم سيتوجه بعد ذلك إلى سوريا في زيارة «صداقة وعمل» قد تستمر يوماً واحداً فقط، ومنها سيتوجه إلى لبنان؛ حيث سيشارك في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2019، التي ستنعقد في بيروت خلال الفترة من 16 - 20 يناير الجاري.
وتأتي زيارة الرئيس الموريتاني إلى سوريا استجابة لدعوة من الأسد، تسلمها في رسالة خطية شهر فبراير (شباط) من عام 2012، من طرف فيصل مقداد نائب وزير الخارجية السوري آنذاك، ولكن الظروف الاستثنائية التي مرت بها سوريا منعت ولد عبد العزيز من تلبية الدعوة في وقتها، بحسب مصدر موريتاني تحدث لـ«الشرق الأوسط».
وجاءت هذه الدعوة في أوج الأزمة السورية؛ لكن ذلك لم يمنع الحكومة الموريتانية من تبادل الزيارات مع نظيرتها السورية، ففي نهاية فبراير من عام 2012 وصل إلى نواكشوط وفد سوري رفيع المستوى، عقد اجتماعاً مع وفد حكومي موريتاني، تم خلاله التوقيع على سبع اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم، في مجالات التجارة والصناعة والزراعة والإعلام والثقافة والتعاون الفني والعلمي، في المجال الزراعي والبناء والإسكان والاستصلاح الترابي، وتأسيس مجلس لرجال الأعمال.
في الفترة نفسها زار نواكشوط فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري، واستقبل من طرف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، كما أوفدت نواكشوط وزيرها الأول آنذاك مولاي ولد محمد لقظف، على رأس وفد حكومي يضم وزير الخارجية، إلى دمشق، واستقبل من طرف بشار الأسد، وسلمه رسالة خطية من ولد عبد العزيز.
وطيلة الحرب في سوريا، على مدى السنوات السبع الماضية، احتفظت موريتانيا بعلاقاتها مع النظام السوري، وبقيت السفارة الموريتانية مفتوحة في دمشق، كما كان السفير السوري في نواكشوط يعمل بشكل طبيعي، وعارضت موريتانيا منح مقعد سوريا للمعارضة، خلال القمة العربية التي احتضنتها نواكشوط عام 2016.
وظل المسؤولون الموريتانيون والسوريون يتبادلون الزيارات خلال السنوات الماضية، كما زارت بعثات برلمانية وأحزاب سياسية موريتانية دمشق في أكثر من مرة، واستُقبلت من طرف الأسد، وكانت محل احتفاء كبير، رغم الجدل الذي أثير داخلياً في موريتانيا حول العلاقات مع دمشق ونظام الأسد، من طرف أحزاب ومنظمات محسوبة على تيار «الإخوان المسلمين».
وكانت موريتانيا تدعو في المنابر الدولية إلى ضرورة «السعي الجاد للوصول إلى حل سياسي عبر حوار وطني شامل، يصون وحدة سوريا واستقلالها وكرامة شعبها في العيش بأمن وسلام»، كما شددت في أكثر من مناسبة على ضرورة أن تستعيد جامعة الدول العربية «الدور العربي في الملف السوري».
وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن موريتانيا في تحركاتها العربية والإسلامية تنسق مع حلفائها في المنطقة، وإن زيارة ولد عبد العزيز لدمشق جاءت في ذلك السياق، ملمحاً إلى أن هناك تفاهماً عربياً وتوجهاً جديداً ينهي حقبة من القطيعة مع سوريا، وبهذه الزيارة يكون الرئيس الموريتاني هو ثاني رئيس عربي يزور دمشق، منذ تجميد عضويتها في جامعة الدول العربية عام 2011، بعد الرئيس السوداني عمر حسن البشير، الذي زار دمشق نهاية العام الماضي.
من جهة أخرى استؤنفت الرحلات الجوية بين تونس ودمشق، وذلك بعد توقف دام نحو 8 سنوات، وحطت في تونس نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أول رحلة سياحية قادمة من دمشق، وهي رحلة تابعة لشركة «أجنحة الشام» الخاصة، وتقلّ نحو 160 شخصاً، ولهذه الرحلة رمزية مهمة، فتونس سوف تحتضن بعد أقل من ثلاثة أشهر قمة عربية، من غير المستبعد أن تحضرها سوريا بعد غياب دام 8 سنوات.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.