أكبر حقول النفط في ليبيا يتعرض لاختراق أمني

TT

أكبر حقول النفط في ليبيا يتعرض لاختراق أمني

أبلغت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، أن حقل الشرارة النفطي تعرّض لاختراق أمني، للمرّة الثالثة في غضون أسبوع، وتعرضت بعض معداته للنهب، مما سيترتب عليه انخفاض إنتاجه حال عودته للعمل.
جاء هذا الحادث في وقت بحث فيه مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة، مع شركة «البريقة» لتسويق النفط «محاربة آفة تهريب الوقود، وضمان توفيره في جنوب البلاد».
وقال صنع الله في بيان أمس، إن «المجموعات المسلحة تعمد إلى توظيف المطالب الشرعية للمجتمعات المحلية بالجنوب الليبي، وتسمح لنفسها بنهب الحقل واستغلاله، عوضاً عن حمايته لخدمة مصالح الشعب»، مشيراً إلى أن فريق التفتيش الذي توجه إلى الحقل «أبلغ عن تعرّض بعض المعدات التشغيلية الرئيسية للنهب، بما في ذلك محولات وكابلات كهربائية من آبار مختلفة»؛ لافتاً إلى أن «هذه السرقات ستتسبب في انخفاض إنتاجية حقل الشرارة بنحو 8500 برميل يومياً، حتى بعد عودة الحقل للعمل».
وكانت المؤسسة قد أعلنت حالة «القوة القاهرة» في 17 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي في حقل الشرارة، أكبر حقولها النفطية، بعد أن سيطر عليه محتجون، ضمن ما يطلق عليه حراك «غضب فزان»، للمطالبة بمدفوعات أجور وأموال من أجل التنمية. لكن حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج، توصلت إلى إنهاء الاحتجاج. إلا أن صنع الله رفض إعادة تشغيل الحقل، مطالباً بخمسة شروط، تتمثل في إنشاء «مناطق خضراء» آمنة داخل الموقع، لمنع دخول أي شخص دون تصريح، وتغيير قيادة حرس المنشآت النفطية بحقل الشرارة، وإعادة توزيع الحراس، وإبعاد جميع الأشخاص غير المصرح لهم بالوجود في الحقل، إضافة لوضع برنامج تأهيل مهني للحراس.
ولامست إنتاجية حقل الشرارة قبل إغلاقه نحو 315 ألف برميل يومياً؛ لكن الخسائر اليومية، وفقاً لمجلس لإدارة المؤسسة، أصبحت تقدّر الآن بنحو 32 مليون دولار.
وطالبت المؤسسة الوطنية، أمس، حكومة الوفاق الوطني «بتنفيذ التدابير الأمنية الطارئة لضمان إعادة فرض النظام، والتصدّي لجميع أعمال النهب التي يتعرّض لها الحقل».
وأضاف صنع الله: «نشعر بقلق شديد؛ لأن هذه الهجمات ليست عمليات سرقة بسيطة فحسب، ولكنها جزء من محاولات ممنهجة لتدمير عمليات حقل الشرارة»، متابعاً: «نحن ندعو كافة الليبيين إلى الوقوف في وجه الأعمال الإجرامية، التي تكبّد الاقتصاد الوطني خسائر فادحة على المدى الطويل، كما نطالب بإصلاحات أمنية فورية».
كما شدد صنع الله على أن ليبيا «بحاجة ماسّة إلى استئناف العمليات بحقل الشرارة في أقرب وقت ممكن، وهو ما يتطلب توفير حماية حقيقية للحقل، ولا يجب أن نسمح لهؤلاء المجرمين بوضع البلاد بأكملها رهن إرادتهم».
ونوّهت المؤسسة إلى أن «عملية السطو التي تعرض لها الحقل تأتي بعد خرقين أمنيين آخرين تعرّض لهما الأسبوع الماضي: أحدهما من مجموعة مسلحة اعتدت على أحد الحرّاس المدنيين جسدياً، والثانية دخلت الحقل عنوة ونهبت بعض السلع الحيوية».
في سياق قريب، قال صنع الله، إن المؤسسة الوطنية وشركة «البريقة» تعملان على ضمان توفير الوقود لكافة مناطق البلاد، وخاصة في الجنوب، مشيراً إلى أن المؤسسة اتخذت جملة من الإجراءات، من بينها إرسال قافلتي وقود وغاز بعد تأمين الطريق الرابط بين مستودعي مصراتة النفطي وسبها، ومنها لبقية مناطق الجنوب، بالتنسيق مع الجهات الأمنية.
وخلال اجتماع الجمعية العمومية لشركة «البريقة»، شدد صنع الله، أمس، على ضرورة تضافر الجهود في مكافحة تهريب المشتقات النفطية ومراقبة الاستهلاك. فيما ثمنت المؤسسة الوطنية للنفط وشركة «البريقة»، وجمعية النقل في مصراتة «جهود كل من ساهم في فك أسر السائقين التابعين لجمعية نقل الوقود والمشتقات النفطية في مصراتة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.