سلطات الجزائر تبعد عشرات الاجانب بشبهة الانتماء لـ«داعش»

مسؤول بالداخلية برّر الخطوة بأنه لا يمكن استقبال أعضاء جماعات مسلحة هاربين

TT

سلطات الجزائر تبعد عشرات الاجانب بشبهة الانتماء لـ«داعش»

قال حقوقيون جزائريون مستقلون عن الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن جهاز الاستعلامات العامة، التابع لوزارة الداخلية، توصل بعد تحريات أجراها حول شبكات الهجرة السرية التي تنشط بقوة على حدود البلاد، إلى أن مجموعة اللاجئين العرب، الذين تم ترحيلهم إلى النيجر في الأيام الأخيرة، «تحوم حول بعضهم شبهة الانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي». وكانت هذه الشبهة سببا في إبعادهم عن التراب الجزائري، بحسب الحقوقيين الذين ينتمون لـ«الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان».
وتم ليل الاثنين إلى الثلاثاء الماضي، اقتياد 53 رعية عربيا، أغلبهم سوريون، من عين قزام بأقصى جنوب الجزائر، إلى الحدود مع النيجر، بعد أن أكملوا عقوبة شهرين حبسا نافذا، قضوها في سجن بالجنوب بناء على تهمة «دخول التراب الجزائري بطريقة غير شرعية». ويوجد ضمن المجموعة أيضا رعايا من فلسطين واليمن، دخلوا الجزائر بغرض السفر إلى أوروبا، لكن حرس الحدود الذي ينتشر بكثافة اعتقلهم بتخوم المناطق، التي تفصل الجزائر عن جيرانها بالساحل، وخاصة مالي والنيجر.
وبحسب نفس الحقوقيين، فقد «تراجعت السلطات الجزائرية عن قرار كانت اتخذته يتعلق بتسليمهم إلى الحكومة السورية، وهذا لاعتقادها أن بعض اللاجئين، وهم معارضون للنظام السوري، قد يتعرضون للقتل في حال عودتهم» إلى سوريا.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن حسن قاسيمي، مدير الهجرة بوزارة الداخلية، أن السوريين الذين دخلوا تراب الجزائر عبر الحدود المالية، هم «محل شكوك بكونهم مناضلين إسلاميين، وعلى هذا الأساس، فإن السلطات تعتقد أنهم يشكلون خطرا على أمنها، ومن حقها إبعادهم».
وذكر قاسيمي بأن الجزائر «احتضنت 50 ألف سوري خلال السنوات الأخيرة، لأسباب إنسانية. لكن لا يمكننا استقبال أعضاء جماعات مسلحة، فارين من سوريا عندما يتعلق الأمر بأمننا»، مضيفا: «من المؤكد أننا نواجه شبكة إجرامية، ويتعين علينا أن نكون على أعلى درجة من اليقظة لكي لا نسمح لهم بدخول الجزائر».
وصرح قاسيمي في وقت سابق أن «المهاجرين غير الشرعيين، الذين يحاولون اختراق الحدود الجنوبية، ينتمون إلى 32 جنسية أفريقية، يأتي غالبيتهم من أفريقيا الغربية ومنطقة الساحل وأفريقيا الوسطى. وقد سلمت الجزائر للسلطات النيجرية 10 آلاف مهاجر غير شرعي، بينهم 7 آلاف طفل، و3 آلاف امرأة منذ مطلع 2018».
وجاء في تقارير أمنية أن نحو 100 سوري وصلوا الحدود الجنوبية مؤخرا، بمساعدة مرافقين مسلحين محليين في الأسابيع القليلة الماضية. لكن جرى رصدهم وطردهم بعد قليل من تسللهم إلى الجزائر. كما أفادت التقارير بأن هؤلاء السوريين وصلوا عبر مطارات تركيا والأردن والسودان، مستخدمين جوازات سفر مزورة.
وقالت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، بهذا الخصوص إن أطفالا ونساء، إحداهن حامل في الشهر التاسع، كانوا موجودين ضد المرحلين الذين كانوا محتجزين في «مركز إيواء مؤقت»، بمدينة تمنراست أقصى جنوب البلاد. ونقل التنظيم الحقوقي عن أحد السوريين، تمكن من الاتصال به والتحدث معه لبضع دقائق، أن المرحلين موجودون خلف الحدود بين الجزائر والنيجر، «وهم يعانون من البرد والجوع. وقد تم، حسبه، فقدان أحد أفراد المجموعة حين واصل السير بمفرده في الصحراء».
من جهته، صرح رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، لفضائية عربية، أن «هناك لغطا حول ترحيل اللاجئين السوريين المحتجزين في الجزائر، ومن ضمنهم 25 منشقاً، إذ جرى التلويح بتسليمهم لسلطات النظام السوري، ما يشكل خطراً على حياتهم». وقال إن اللاجئين «جاءوا عبر تركيا إلى السودان، ومن ثم إلى دولة مالي الأفريقية ودخلوا بعدها إلى الجزائر، بعد أن جرى نقلهم من قبل تجار البشر للوصول إلى أوروبا، ويجري البحث عن ملاذ آمن لهم».
وأضاف مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، موضحا أن «ما أكدته المصادر الحقوقية في الجزائر للمرصد السوري هو أنه لن يجري ترحيلهم إلى دمشق، وقد وجهت اتهامات لبعض المحتجزين بأنهم قد يكونوا من عناصر تنظيم داعش، وما يهمنا في المرصد السوري، هو تأمين حياة المواطنين السوريين اللاجئين في الجزائر. أما المخاوف الجزائرية فهي مشروعة. لكن يجب مراعاة حياة المحتجزين السوريين وعدم تسليمهم للنظام».


مقالات ذات صلة

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)
أفريقيا استنفار أمني صومالي في العاصمة مقديشو (متداولة)

مقتل 10 من عناصر حركة «الشباب» بغارة أميركية في الصومال

نفّذت الولايات المتحدة ضربة جوية في جنوب الصومال أسفرت عن مقتل عشرة من عناصر حركة «الشباب»، وفق ما أفاد الجيش الأميركي، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شؤون إقليمية صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضغوطاً من المعارضة لتوضيح موقفه من الاتصالات مع زعيم حزب «العمال» الكردستاني عبد الله أوجلان في مسعى لحل المشكلة الكردية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.