يعد موسم انتقالات اللاعبين في يناير (كانون الثاني)، موسماً لـ«الطوارئ»، فهو فرصة أمام الأندية لإيجاد حل مؤقت لمشكلة ما، لا حلول طويلة الأمد، وربما يصعب العمل خلال هذا الموسم جراء الارتفاع الشديد في أسعار اللاعبين. منذ بضع سنوات، كان يبدو مبلغاً بحجم 15 مليون جنيه إسترليني ضخماً ويضفي على اللاعب مكانة متميزة. أما اليوم، فقد لا يكفي الاعتماد عليه في شراء لاعب ظهير أيمن واعد بأحد الأندية الضعيفة في الدوري الألماني الممتاز. ومع ذلك، فإنه في ظل السباق المحموم المشتعل أمام الأندية ووكلاء اللاعبين، يشكل اليأس والقلق الشديد القوة المحركة للسوق والدافعة لإبرام الصفقات.
يقول جويل ماكادار كاتب هذا المقال والذي يعمل وكيلاً للاعبين: «بجانب تمثيل اللاعبين الأفراد، جرى تسجيلي باعتباري وسيطاً من جانب اتحاد الكرة على امتداد الجزء الأكبر من السنوات السبع الماضية -فيما عدا فترة قصيرة ركزت خلالها على تطوير اتفاقات تجارية مع بعض العملاء- ومن المحتمل أن يبقيني موسم انتقالات يناير مشغولاً للغاية، خصوصاً في المعاونة في استقدام لاعبين إلى إنجلترا. ويتمركز دور الوسيط في تيسير إبرام الاتفاقات، ومن الممكن أن تفيد اتصالات الوسيط ومعرفته وخبراته، بل حتى مهاراته اللغوية، مديري شؤون الرياضة داخل هذا البلد أو الوكلاء المقيمين بالخارج.
روتينياً، أقضي الفترة السابقة لديسمبر (كانون الأول) في محاولة التعرف على توجهات واحتياجات الأندية أو الكشافين، عادةً وجهاً لوجه في أثناء المباريات، قبل إمداد مديري الشؤون الرياضية في الأندية بقوائم اختيارات يمكنهم السعي وراء بعضها خلال موسم الانتقالات. في الوقت ذاته، أحرص على تنمية علاقات مع وكلاء لاعبين بالخارج بحيث أتأكد مما يعرضه عملاؤهم، والحصول على تفويضات كتابية لتمثيل لاعبيهم في المفاوضات داخل إنجلترا أو حتى أمام أندية بعينها. إلا أن منظومة التفويض ليست محصّنة ضد الأخطاء».
جدير بالذكر أن مهاجم تشيلسي، ويليان، نشر صورة عبر موقع «إنستغرام»، الصيف الماضي، لوثيقة تفويض تحمل توقيعاً مزوراً له. وباستطاعة الوكلاء توزيع تفويضات متعددة، وثمة حالات تجري خلالها إساءة استغلال المنظومة برمتها.
ويواصل ماكادار: «منذ ثلاث سنوات، تلقيت اتصالاً شخصياً من لاعب جرى تسريحه من قِبل أحد أندية الدوري الممتاز الإنجليزي، والذي أكد لي شفاهةً -وكنت ساذجاً في هذه النقطة- أنه لم يعمل مع وكيل وقدم لي تفويضاً كي أساعده على الانتقال لأحد أندية الدوري الأميركي لكرة القدم. وبالفعل، تفاوضت بخصوص عقد لمدة أربع سنوات تضمن راتباً سنوياً بقيمة 3.5 مليون دولار وسيارة ومنزلاً، وادّعى اللاعب أنه سعيد. بعد ذلك، وبينما كان النادي يعكف على صياغة العرض الرسمي، اتصل بي لإخباري بأن الصفقة أُلغيت. وفي اليوم التالي أعلن عبر (إنستغرام) أنه وقّع لحساب نادٍ في أوروبا. من الواضح أنه كان يتعاون مع وكيل لمدة 10 سنوات تقريباً واستغلني لمجرد الحصول على صفقة أفضل هناك».
ويشرح ماكادار: «خلال عملك، تتعلم سريعاً لكن تظل الضغوط أزلية. مثلاً، تمعَّنوا هذا السيناريو... إنها العاشرة صباحاً في اليوم الأخير للانتقالات، وأحد الأندية التي سبق وأرسلت إليها بالفعل فيديوهات للاعبٍ مرشحٍ لها يشارك في أحد الأندية بالخارج، قرر في وقت متأخر أنه يرغب في إتمام صفقة ضم اللاعب قبل حلول الحادية عشرة مساء الموعد النهائي. من المفترض أن النادي على علم بالسعر المطلوب بخصوص هذا اللاعب، وبالتالي أنت كوسيط تفترض أن هذا الجانب من التفاوض سيمر بسلاسة. الآن، أصبحت المسألة كلها أن تحاول الحصول على أفضل تعاقد ممكن خلال الفترة الزمنية المتبقية. لذا، فإنه بعد إجراء حديث مطوّل مع وكيل أعمال اللاعب، أسارع إلى إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى النادي -ومن الضروري أن تكون في صورة الكتابة بخط اليد- أحدد خلالها الراتب الأساسي وهيكل العلاوات المقبول لدى اللاعب».
ويواصل: «من الممكن أن يتسم بند العلاوات ذلك بقدر مفرط من التعقيد، وربما يثير مشكلات كثيرة.
وثمة بنود معيارية على مستوى الأندية، المكافأة التي يدفعها النادي حال الفوز، أو الصعود لدور أعلى أو تجنب الهبوط، وكذلك مكافأة الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا أو التأهل للمشاركة في بطولة على المستوى الأوروبي. وهناك كذلك القضايا الشائكة المتعلقة بحقوق الصور والحوافز الشخصية -مكافأة الحصول على لقب أكبر هداف أو تسجيل هدف أو المشاركة بمباراة ما- والمبالغ المستحقة حال المشاركة في عدد معين من المباريات. وفي ثنايا ذلك، يمكنك أن تحدد ما الذي يشكّل مشاركة في مباراة: 45 دقيقة أو ساعة أو مجرد النهوض من على مقعد البدلاء للمشاركة ولو لدقيقة واحدة في الوقت بدل الضائع... وإذا كنت تسعى لإبرام اتفاق مع نادٍ يسعى للصعود، فإنه يتعين عليك السعي للحصول على ضمانات بزيادة راتب اللاعب حال الصعود إلى الدور الجديد. وبالمثل، فإنه يتعين عليك قبول خفض الراتب، أو إضافة بند تسريح حال تعرُّض النادي للهبوط».
ويستطرد: «بعد ذلك، يجري إرسال الطلبات عبر البريد الإلكتروني إلى النادي، الذي يُدخل عليها تعديلات تناسبه. وبمجرد الاتفاق على الصفقة من حيث المبدأ، تنتظر وصول عرض رسمي لإبرام تعاقد، عادةً ما تجري صياغته من جانب فريق المحامين الخاص بالنادي ويجري إرساله عبر البريد الإلكتروني. وهذا العرض تجب مراجعته قانونياً من جانبنا، وربما يسبق ذلك مزيد من الإضافات والحذف في ما يخص التفاصيل الدقيقة. وبمجرد إطلاق الجانبين الضوء الأخضر، نشرع في مناقشة لوجيستيات نقل اللاعب إلى النادي.
في الوقت الراهن، تتوافر شركات خدمات تعمل في مجال كرة القدم وبمقدورها نقل اللاعب جواً إلى مطار خاص -في فارنبورو أو بيغين هيل- في غضون فترة قصيرة. ويتولى الوسيط تغطية هذه النفقات، لكن خلال توقيع اللاعب عقد انضمام إلى النادي في نهاية الأمر، عادةً ما يحرص ناديه الجديد على تعويض هذه النفقات. ودائماً ما أسعى لاستقبال اللاعب في المطار بنفسي ونقله إلى مقر الكشف الطبي، وهو إجراء يستمر عادةً لمدة ساعة وعادةً ما يجري داخل مستشفى خاص. وبالنسبة إلى أجر العناصر المشاركة في إتمام الصفقة -الوكيل والوسيط- يوصي اتحاد الكرة بـ3% من إجمالي راتب اللاعب عن الفترة التي يغطيها العقد. ومن الممكن أن ترتفع النسبة إلى 5% بالأخذ في الاعتبار نفقات التوجيهات المحاسبية والقانونية والتجارية، مع اقتسام الأجر بنسبة 50-50 بين الوكيل والوسيط، وعادةً ما يجري دفعه إما بصورة ربع سنوية وإما كل ستة أشهر.
من الممكن أن تتسم العملية برمّتها بسرعة محمومة، لكن يبقى الأمل أن يشعر جميع الأطراف المعنية -النادي المشتري والنادي البائع واللاعب والوكلاء- بالرضا بمجرد اجتياز الموعد النهائي للانتقالات».
موسم انتقالات يناير... ضغوط لا تنتهي وخفايا في إبرام التعاقدات
ماكادار يتحدث عن المفاوضات العصيبة ودور الوسطاء مع الأندية
موسم انتقالات يناير... ضغوط لا تنتهي وخفايا في إبرام التعاقدات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة