سنوات السينما: (1932) Vampyr

«رعب تحت البشرة»
«رعب تحت البشرة»
TT

سنوات السينما: (1932) Vampyr

«رعب تحت البشرة»
«رعب تحت البشرة»

(1932) Vampyr
الظلال تتحرك وحدها
‫«فامباير» ليس مجرد أي فيلم عن أي مصاص دماء. بل هو واحد من أكثر أفلام الرعب في التاريخ فنّـاً واختلافاً. الرعب هنا ليس في إثارة الرعب، بل إثارة الفكرة بأن ما يراه المشاهد مرعب. إنه ليس الخوف بأنياب بارزة، بل الإيحاء الممعن والأسئلة المتراكمة عما يقع وعما سيقع بعد قليل من دون إجابات سهلة ثم كشف المواقف ما يجعل المشاهد خائفاً مما يراه بالفعل. ‬ حققه المخرج الدنماركي كارل ثيودور دراير (1889 - 1968) مباشرة بعد فيلم كلاسيكي آخر (أكثر شهرة) هو «عاطفة جوان ذو آرك» (1928).‪ ‬
معظم ما يرد، من بداية الفيلم وحتى الدقيقة السابعة والعشرين منه، ليس سوى عرض لما يكتشفه الشاب ديفيد غراي (جوليان وست) بخصوص البلدة التي وصل إليها. يتابع متعـرّفـاً على حالات تثير اهتمامه بغرابتها. توعز له، ولنا، أن الأمور ليست على ما يرام. إنها وجهة نظر الشخصية، لكن إلى حد. ليس هناك في تلك الدقائق الأولى، ذلك الحدث الذي يستطيع أن يؤلـف ديفيد وجهة نظر خاصّـة فيما يقع حوله. وهذا اللاوجود يؤخـر دخول الفيلم حبكته ولو أنه يبقينا نحن في تساؤلات حول غموض المكان وشخصياته واحتمال أننا سنشهد مشهداً عنيفاً في أي لحظة. الأمر الذي لا يقع بسهولة، وحين يقع لا يعمد إلى العنف ومص الدماء كعادة أفلام هذا النوع، بل لنقل الموضوع إلى فضاء وجداني غريب.
تتبلور الأحداث مع انتقال ديفيد من دور الزائر إلى الشريك عندما يقع رب العائلة التي تعرّف ديفيد عليها مقتولاً برصاصة لتسهيل وصول الفامبايرز إلى ابنتيه. تطلب منه الأم البقاء لمساعدتها على درء الخطر فيوافق. تستجيب ابنتها ليوني (سيبيل شميتز) لنداء غامض وتنقل بعد ذلك إلى فراشها وعلى رقبتها علامة «تشبه عضّـة القطة أو الجرذ»، حسب الفيلم. في هذه الأثناء يجد ديفيد كتاباً يؤرخ لأحداث مشابهة وقعت في عدد كبير من البلدان، بما في ذلك حالة كان طبيب البلدة فيها شريكاً لمصاصي الدماء؛ إذ كان يؤمّن لهم الضحايا. هذا ما يلفت نظر ديفيد إلى هذا الطبيب الذي لا يزور ليوني إلا ليلاً ما هو إلا شريك في تلك العصبة من مصاصي الدماء، وإن الفتاة الراكدة خسرت حياته البشرية، وما عليه إلا محاولة إنقاذ نفسه إذا ما استطاع.
لم ينتمِ المخرج الدنماركي كارل دراير إلى المدرسة التعبيرية ذاتها التي كانت سائدة في ألمانيا قبل سنوات، التي خرج منها فيلما الرعب الكلاسيكيان «عيادة الدكتور كاليغاري» لروبرت واين - (1920) و«نوسفيراتو» لفردريك. و. مورناو - (1922)، بل كوّن منهجه الخاص وأجاد فيه. وهو هنا يوفر أفكاراً جديدة مثيرة للخيال وتقع في صميم الرغبة في إثارة ذلك النوع من الذعر المنساب تحت الجلد بهدوء. إحدى دلالات ذلك نجدها في مطلع الفيلم، يلفت نظر ديفيد وجود ظل يتحرك وحده من دون صاحبه. يتابعه مستعجباً. إنه ظل لجندي سابق فقد ساقه. يتابعه ديفيد بناظريه حتى يجده جلس على مقعد حديقة في وضع معيّن قريباً من وضع صاحب الظل نفسه. هذا الظل هو الروح التي تنفصل عن الجسد قبل أن تنضم إليه. في نهايات الفيلم تنفصل روح ديفيد بدورها بعدما أقدم الطبيب على سحب دمه ليموت. نشاهد ديفيد في التابوت. لكن ديفيد لم يكن مات بأسره وهو ينجح في التخلّص من تلك اللعنة وإنقاذ الابنة الثانية جيزيل من نهاية محتّمة ثم مساعدة أحد رجال البلدة نبش قبر رئيس الفامبايرز (لا نشاهد الكثيرين منهم) لدق إسفين كبير في قلبه.
جمع المخرج لعمله لفيفاً من الممثلين غير المحترفين (باستثناء سيبيل شميتز التي تؤدي دور ليوني). جيمس وست، الذي لعب شخصية الشاب ديفيد (اسمه الحقيقي نيكولاس د غونزبيرغ)، هو بارون ألماني قام بتمثيل الدور وإنتاج الفيلم، ثم انسحب من المهنتين إلى الأبد.

قيمة تاريخية: (ممتاز) | قيمة فنية: (ممتاز)


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».