يوميات مراسل من غزة: هدن إنسانية مسمومة بالغدر

يوميات مراسل من غزة: هدن إنسانية مسمومة بالغدر
TT

يوميات مراسل من غزة: هدن إنسانية مسمومة بالغدر

يوميات مراسل من غزة: هدن إنسانية مسمومة بالغدر

عشر دقائق مرت هادئة على قطاع غزة، بعد أن أعلن الاحتلال الإسرائيلي عن «هدنة إنسانية» من طرف واحد تبدأ الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي، لكن الدقائق الأولى من الهدنة كانت مسمومة بالغدر حين دوى انفجار قريب من بيتنا وهز مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة بأكمله، وانبعث الدخان من المكان المستهدف.
عجلت بالنظر من نافذة غرفتي نحو المكان، فوجدت أن منزلا قريبا أصابه الصاروخ الذي سمعت صفير إطلاقه وانفجاره في ثوان معدودة، وما لبثت أن ركزت ناظري نحو المنزل حتى عرفت أنه منزل جارنا أبو خالد البكري الذي يؤوي العشرات من أفراد عائلته وبعض أقربائه النازحين من بلدة بيت لاهيا، كانوا يعتقدون أنه في أمان بعيدا عن القتل الذي يطال كل الفلسطينيين.
وصلت وشاهدت المنزل وقد أصاب الصاروخ المكان الذي كان فيه الأطفال والنساء نائمين بعد ليلة عصيبة مرت على غزة، كان عنوانها مزيدا من الغارات العنيفة التي تهز أرجاء المدينة وتضرب كل مكان في قطاع غزة، كانت صور مروعة تلك التي شاهدتها في هذا المنزل الصغير المستهدف الذي لم تتعدَّ مساحته 90 مترا مربعا وبداخله ما لا يقل عن 130 شخصا من العائلة ومن النازحين الفارين من الموت في بيت لاهيا.
أطفال ونساء نقلوا عبر سيارات الإسعاف إلى مستشفى الشفاء، وبعد لحظات وصل إلى المكان خبر وفاة الطفلة أسيل البكري (ثماني سنوات) متأثرة بجروحها، بعد 30 دقيقة فقط من عملية الاستهداف القاتلة.
كان سكان المخيم كما سكان القطاع ينتظرون الهدنة الإنسانية للخروج إلى الشوارع لقضاء حوائجهم، ولكنهم لم يعرفوا أن الهدنة ستقتل طفلا جديدا ينضم إلى قافلة الضحايا، وأن أطفالا ونساء آخرين سينضمون إلى أعداد الجرحى المتصاعدة، فعاد الكثير منهم إلى بيوتهم خوفا على حياتهم من تجدد الغارات الإسرائيلية، في حين فضل آخرون أن يواصلوا أعمالهم رغم الخوف الذي ينتابهم.
بعد قليل، ذهبت مع بعض الجيران نحو سوق المخيم، فإذ بنا نرى العشرات من السكان في السوق يتجولون دون أن يشتروا أي شيء. فحدثني أحد الشبان متسائلا: «ماذا سيحصل لو أن الصاروخ أصاب السوق وليس المنزل الذي لا يبعد سوى 50 مترا عن أطرافه؟». سؤال استوقفني كثيرا ولم أجد في مخيلتي سوى صور المجازر الدامية، وخاصة مجزرتي أسواق جباليا والشجاعية، التي قتل فيها ما لا يقل عن 30 فلسطينيا. عدت إلى البيت وشرحت لوالدتي التي خافت كثيرا عليّ وعلى أبناء عمومتي من النازحين إلى منزلنا من جباليا والشجاعية، وهي تقول لي: «في كل هدنة إنسانية (لازم مجزرة ولازم تنكشف جثث جديدة)، ذبحونا باسم الإنسانية».



لبنان يكثف الاتصالات الدبلوماسية لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف النار

TT

لبنان يكثف الاتصالات الدبلوماسية لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف النار

بيروت سجلت ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)
بيروت سجلت ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، إن حكومته كثفت الاتصالات الدبلوماسية أمس لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار وانسحابها من البلدات اللبنانية الحدودية.

ونقل بيان لرئاسة الوزراء عن ميقاتي قوله «شددنا في خلال هذه الاتصالات على أولوية استتباب الأوضاع لعودة النازحين إلى بلداتهم ومناطقهم وتوسعة انتشار الجيش في الجنوب».

وأوضح أن إعلان قيادة الجيش اليوم عن الحاجة إلى جنود متطوعين للالتحاق بالوحدات المقاتلة "يندرج في سياق تنفيذ قرار مجلس الوزراء بزيادة أفراد الجيش لتعزيز انتشاره في مختلف مناطق الجنوب".

وفي الأسبوع الماضي، قال الجيش اللبناني إنه يعمل على استكمال انتشاره في جنوب البلاد مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله حيز التنفيذ فجر الأربعاء الماضي.

واجتمع ميقاتي أمس الاثنين في بيروت مع الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، الذي سيرأس لجنة المراقبة، ودعا إلى ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية في أسرع وقت.

وقال مصدران مطلعان لـ«رويترز» إن الجنرال جيوم بونشين ممثل فرنسا في اللجنة سيصل إلى بيروت غداً الأربعاء، وإن اللجنة ستعقد أول اجتماع لها يوم الخميس.

وذكر أحد المصدرين: «هناك حاجة ملحة لبدء عمل اللجنة قبل فوات الأوان»، مشيراً إلى تكثيف إسرائيل التدريجي لهجماتها رغم الهدنة.

وقال ميلر إن لجنة المراقبة ستبدأ عملها «في الأيام المقبلة».

وقالت السلطات اللبنانية إن ما لا يقل عن 12 شخصاً لاقوا حتفهم في هجمات إسرائيلية أمس الاثنين، وهو اليوم الأشد دموية منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن من بين القتلى ستة أشخاص في بلدة حاريص الجنوبية وأربعة في بلدة طلوسة بالجنوب.

وقال مصدران سياسيان لبنانيان لـ«رويترز»، في وقت سابق اليوم، إن اثنين من كبار المسؤولين اللبنانيين طالبا واشنطن وباريس بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار، بعدما شنت عشرات العمليات العسكرية على الأراضي اللبنانية.

وزادت هشاشة وضع وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين الطرفين بعد أقل من أسبوع على دخوله حيز التنفيذ نتيجة هجمات إسرائيلية على جنوب لبنان أسفرت عن سقوط قتلى، وإطلاق جماعة «حزب الله» صواريخ على موقع عسكري إسرائيلي أمس الاثنين.

وقال المصدران إن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف الوثيق لـ«حزب الله» الذي تفاوض باسم لبنان من أجل التوصل للاتفاق، تحدثا إلى مسؤولين في البيت الأبيض والرئاسة الفرنسية في وقت متأخر أمس، وعبرا عن قلقهما بشأن وضع وقف إطلاق النار.

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الرئاسة أو وزارة الخارجية في فرنسا. وتحدث وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، أمس، وأكد ضرورة التزام الطرفين بوقف إطلاق النار.

وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، للصحافيين أمس الاثنين، إن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال «سارياً»، مضيفاً أن الولايات المتحدة «كانت تتوقع حدوث انتهاكات».

ويلزم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، إسرائيل بوقف عمليتها العسكرية الهجومية في لبنان، في حين يفرض على لبنان منع الجماعات المسلحة مثل «حزب الله» من شن هجمات على إسرائيل. كما ينص الاتفاق على أن تنسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان خلال 60 يوماً.

وتتولى لجنة مراقبة، برئاسة الولايات المتحدة، مسؤولية متابعة الهدنة والتحقق من التزام الطرفين بها والمساعدة في تطبيقها، لكنها لم تبدأ العمل بعد.

وحث برى أمس الاثنين اللجنة المكلفة بمراقبة الهدنة على بدء عملها «بشكل عاجل»، قائلاً إن بيروت سجلت حتى الآن ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار.

وتقول إسرائيل إن أنشطتها العسكرية المستمرة في لبنان تهدف إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وإنها لا تنتهك التزامها بالهدنة.