روسيا تبدأ تطبيق ضريبة جديدة على «اقتصاد الظل»

تشمل «الأعمال الذاتية» وتسعى إلى رفع دخل الموازنة

TT

روسيا تبدأ تطبيق ضريبة جديدة على «اقتصاد الظل»

تأمل الحكومة الروسية أن يشكل العام الجديد (2019) بداية التحول نحو اقتصاد يعتمد بصورة أقل على الدولار النفطي، وتوفر فيه مختلف قطاعات الإنتاج والأعمال المحلية قدراً أكبر من دخل الميزانية، مع ضمان الحفاظ على النسبة المطلوبة من الأيدي العاملة لضمان النمو الاقتصادي، في ظل استمرار الأزمة الديموغرافية وتراجع أعداد المواطنين الذين في سن العمل.
وبغية تحقيق تلك الأهداف، تبنت الحكومة الروسية العام الماضي حزمة إصلاحات اقتصادية، يمكن القول إنها تؤسس لتحولات جذرية على بنية الاقتصاد الروسي. ولم تقتصر القرارات ضمن الحزمة الإصلاحية على إدخال تعديلات في منظومات أساسية، مثل المنظومة الضريبية، والمنظومة التقاعدية، بل شملت إدخال بُنى جديدة على تركيبة المنظومة الضريبية، حين قررت فرض ضريبة على مجموعة أعمال تبقى ضمن «اقتصاد الظل»، يطلق عليها وفق المصطلحات الروسية «قطاع الأعمال الذاتية»، أي القطاع الذي يعمل فيه مواطن غير مُسجل بصفة اعتبارية، ويعمل بصفة «شخصية طبيعية» ويقدم خدمات لمواطن آخر (لشخصية طبيعية).
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقّع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قانون فرض ضريبة على قطاع «الأعمال الذاتية»، اعتباراً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2019، إلا أن القانون لن يشمل على الفور جميع المناطق الروسية، ويجري تطبيقه في المرحلة الأولى (الاختبارية) التي تستمر حتى عام 2028 في عدد محدود من كيانات الاتحاد الروسي، وهي مدينة موسكو، ومحافظة موسكو، ومقاطعة كالوجا، وفي جمهورية تتارستان. وتدعو السلطات كل من يمارس «الأعمال الذاتية» أن يبادر طواعية إلى التسجيل لدى دائرة الضرائب.
وتبلغ قيمة الضريبة الجديدة 4 في المائة، يدفعها المواطنون الذين يمارسون أي عمل بأنفسهم، دون تسجيل رسمي لنشاطهم المهني ضمن أي من فئات الشركات، وليس لديهم «رب عمل» ولا يقدمون عقود عمل لآخرين كي يقوموا بذلك العمل، على ألا يتجاوز الدخل الذي يجنيه من يمارس مثل تلك الأعمال مبلغ 2.4 مليون روبل سنوياً (نحو 40 ألف دولار). ويُعفى من ضريبة الدخل للشخصيات الطبيعية بنسبة 13 في المائة من الدخل، كل مواطن يمارس أياً من تلك الأعمال، ويبادر إلى التسجيل لدفع ضريبة «الأعمال الذاتية».
أما الأعمال التي تندرج تحت مفهوم «أعمال ذاتية» فهي كثيرة، وبصورة خاصة يشير القانون إلى أعمال مثل جليسة الأطفال، جليسة كبار السن الذين يحتاجون إلى رعاية صحية، الدروس الخاصة، الأعمال المنزلية مثل التنظيف والطهي وغيرها.
وتسعى السلطات الروسية عبر ذلك القرار إلى خلق ظروف تساعد على خروج ذلك القطاع الاقتصادي من الظل، مع ما يعنيه من توفير مصدر دخل إضافي للميزانية. وتشير تقديرات عام 2018 إلى أن نحو 13 إلى 20 مليون مواطن روسي يمارسون أعمالاً ذاتية، ولا يسددون أي ضرائب للخزينة.
ووفق تقديرات دائرة الإحصاء الفيدرالية، تصل قيمة «اقتصاد الظل»، أي نسبة من يمارسون أعمالاً ذاتية دون تسجيل رسمي، نحو 10 إلى 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما قدرت جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين نسبتهم بنحو 39 في المائة، وهي قريبة من معطيات صندوق النقد الدولي بنسبة 34 في المائة.
ومن شأن خروج هؤلاء من «الظل» وتسديدهم الضريبة الجديدة أن يشكل مصدر دعم مهماً للميزانية. وقياساً على عام 2017؛ حيث كانت قيمة إجمالي الناتج المحلي 92 تريليون روبل (1.5 تريليون دولار)، كان من شأن ضريبة «الأعمال الذاتية» أن توفر للميزانية دخلاً إضافياً بقدر 1.5 تريليون روبل (نحو 24.5 مليار دولار)، انطلاقاً من تقديرات أن «اقتصاد الظل» شكّل حينها 35 في المائة (وسطياً) من الناتج المحلي الإجمالي.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».