دمشق تعلن انسحاب 400 مقاتل كردي من منطقة منبج

المرصد قال إن عددهم 250 عنصراً... ومصدر من الوحدات {وجهتهم كوباني}

مقطع من فيديو بثته وزارة الدفاع السورية امس لانسحاب قافلة من قوات وحدات الشعب الكردية من منبج شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مقطع من فيديو بثته وزارة الدفاع السورية امس لانسحاب قافلة من قوات وحدات الشعب الكردية من منبج شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

دمشق تعلن انسحاب 400 مقاتل كردي من منطقة منبج

مقطع من فيديو بثته وزارة الدفاع السورية امس لانسحاب قافلة من قوات وحدات الشعب الكردية من منبج شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مقطع من فيديو بثته وزارة الدفاع السورية امس لانسحاب قافلة من قوات وحدات الشعب الكردية من منبج شمال سوريا (الشرق الأوسط)

أعلنت وزارة الدفاع السورية، أمس الأربعاء، انسحاب نحو 400 عنصر من «الوحدات القتالية الكردية» من منطقة منبج في شمال البلاد، بعد أيام على انتشار قوات النظام فيها، تلبية لدعوة الأكراد في مواجهة تهديدات تركيا بشن هجوم ضدهم.
وكانت وحدات حماية الشعب الكردية أعلنت الصيف الماضي انسحابها من منطقة منبج بموجب اتفاق أميركي تركي، لكن أنقرة التي طالما هددت بشن هجوم ضد هذه المنطقة تصر على أنهم لم يغادروها.
ويسيطر حالياً مجلس منبج العسكري، المنضوي كما الوحدات الكردية في قوات سوريا الديمقراطية، على هذه المنطقة.
وقالت وزارة الدفاع السورية في بيان على موقعها الإلكتروني: «تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه لعودة الحياة الطبيعية إلى المناطق في شمال الجمهورية العربية السورية، بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) لعام 2019 قامت قافلة من الوحدات القتالية الكردية تضم أكثر من 30 سيارة بالانسحاب من منطقة منبج متجهة إلى الشاطئ الشرقي لنهر الفرات». وأضاف البيان: «المعلومات أن ما يقارب 400 مقاتل كردي قد غادروا منبج حتى الآن».
ونشرت الوزارة شريط فيديو أظهرت سيارات تقل مقاتلين وترفع رايات قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية. وحتى نشر الخبر، لم تحصل وكالة الصحافة الفرنسية أو «رويترز» على تعليق فوري من الوحدات الكردية أو قوات سوريا الديمقراطية، بشأن الانسحاب أو عدد المقاتلين الذين قد يبقون في منبج. غير أن مصدر أمني كردي أكد لقناة «الحرة»، انسحاب قسم من قوات سوريا الديمقراطية من منطقة منبج باتجاه كوباني.
من جهته، قال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «250 عنصراً من فصائل منضوية في قوات سوريا الديمقراطية انسحبوا من منطقة منبج»، نافيا لـ«الشرق الأوسط» صحة الرقم الذي أعلنته وزارة الدفاع السورية.
وأثارت تهديدات تركية سابقة بالهجوم على منبج توتراً بين واشنطن الداعمة للأكراد وأنقرة إلى أن تم التوصل إلى خريطة طريق أعلنت بموجبها الوحدات الكردية انسحابها من منبج في الصيف الماضي. وبدأ التحالف الدولي بقيادة واشنطن بدوره تسيير دوريات في المدينة.
وفي 19 ديسمبر (كانون الأول)، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراره بسحب قواته الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية من سوريا بعدما أنجزت مهمتها على حد قوله بإلحاق «الهزيمة» بتنظيم داعش.
وأثار القرار خشية الأكراد من أن يفسح المجال أمام أنقرة لتنفيذ تهديداتها. وللحؤول دون ذلك، دعت الوحدات الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، في 28 من ديسمبر، الجيش السوري للانتشار في المنطقة.
وفي اليوم نفسه، انتشر مئات العناصر من الجيش السوري على خطوط التماس الفاصلة بين قوات سوريا الديمقراطية من جهة، والفصائل السورية الموالية لأنقرة من جهة ثانية. ووحدات حماية الشعب هي العضو الأقوى في تحالف قوات سوريا
الديمقراطية الذي دعمته الولايات المتحدة في حملة على تنظيم داعش، وساعدته على السيطرة على مساحات كبيرة من شمال وشرق سوريا.
وكانت تركيا والفصائل الموالية لها أرسلت الشهر الماضي تعزيزات عسكرية إلى محيط منبج. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بأنه جرى سحب هذه التعزيزات كافة.
ولا تزال القوات الأميركية ضمن قوات التحالف الدولي تسير دوريات في مدينة منبج ومحيطها، وفق ما شاهد مراسل الفرنسية، قبل يومين.
وأعلن ترمب الاثنين أن عملية سحب القوات الأميركية ستتطلب وقتاً. وقال: «نحن نعيد جنودنا ببطء إلى بلادهم ليكونوا مع عائلاتهم، وفي الوقت نفسه نحارب فلول (داعش)».
وتشغل البلدة الواقعة على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود التركية موقعا حساسا على خريطة الصراع السوري، إذ إنها قريبة من ملتقى مناطق نفوذ كل من روسيا وتركيا - وحتى الآن - الولايات المتحدة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.