نازحون من سنجار يتحدثون لـ {الشرق الأوسط} عن إعدامات للرجال وسبي للنساء

دهوك تستقبل أكثر من مائة ألف إيزيدي.. وآلاف آخرون عالقون في الجبل

نازحون من سنجار يتحدثون لـ {الشرق الأوسط} عن إعدامات للرجال وسبي للنساء
TT

نازحون من سنجار يتحدثون لـ {الشرق الأوسط} عن إعدامات للرجال وسبي للنساء

نازحون من سنجار يتحدثون لـ {الشرق الأوسط} عن إعدامات للرجال وسبي للنساء

استقبلت محافظة دهوك في اليومين الماضيين أكثر من مائة ألف نازح إيزيدي ومسيحي قدموا من قضاء سنجار مشيا على الأقدام هربا من مسلحي «داعش» الذين سيطروا أول من أمس على سنجار بعد انسحاب البيشمركة منها، فيما أكدت مصادر مطلعة أن الآلاف ما زالوا عالقين في جبل سنجار من غير طعام، مشيرة إلى وفاة أكثر من 20 طفلا وامرأة جوعا وعطشا.
وقال النازح كوتي قرمو الذي وصل مع عائلته: «الليلة الماضية نمنا في العراء، مضى أكثر من خمس ساعات ونحن نسير هربا من المسلحين، لكن كثيرين من أقاربنا عالقون في سنجار ومصيرهم مجهول، وأصبحوا تحت رحمة (داعش) الذي لا يرحم». وتابع هذا النازح قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «تركنا كل شيء وجئنا إلى دهوك، وهناك أكثر من 5000 عائلة ما زالت عالقة بلا طعام ولا ماء في جبل سنجار».
بدوره، قال الناشط الإيزيدي في دهوك خضر دوملي: «وصل حتى الآن أكثر من مائة ألف نازح إيزيدي من سنجار إلى دهوك، خاصة إلى مناطق خانك وشاريا وباعدرا ودوميز وشيخان ولالش وأطراف مدينة دهوك التي قدم أهاليها للنازحين مساعدات عاجلة من طعام وماء ومأوى».
وأضاف دوملي: «النزوح مستمر والأعداد كبيرة، والأوضاع الإنسانية مأساوية، لأن هؤلاء النازحين يسكنون الهياكل غير المكتملة للبيوت، ولا تتوفر فيها الكهرباء والمياه، هؤلاء أمضوا ساعات حتى وصلوا إلى دهوك، وهناك عوائل نامت في العراء يومين حتى وصلوا إلى هنا».
وأشار دوملي إلى أن المنظمات الدولية والمحلية «بدأت بتوزيع المستلزمات الضرورية على النازحين، لكن الوضع ما زال صعبا لعدم وجود مخيمات خاصة بهم. الحكومة المحلية في دهوك وافقت أمس على تأسيس أكثر من مخيم في المحافظة لإيواء الأعداد الكثيرة من النازحين، فالمدارس والمراكز الثقافية وقاعات المناسبات مكتظة بالنازحين، لذا نتوقع خلال الساعات المقبلة فتح أكثر من مخيم للنازحين في المنطقة». بدوره، أعلن ديندار زيباري، نائب مسؤول العلاقات الخارجية لشؤون المنظمات في الإقليم، إن مكتبه سيعقد اليوم اجتماعا موسعا مع المنظمات الدولية في الإقليم، لمناقشة كيفية احتواء أزمة اللاجئين ومد يد العون للنازحين من سنجار. وفي سنجار نفسها، أفادت تقارير بأن «داعش» نفذ عشرات المجازر بحق المواطنين العزل. وقال مصدر في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن اسمه، إن مسلحي التنظيم «هاجموا عددا من أحياء المدينة، وقاموا بفصل الرجال عن النساء، وأعدم الرجال الذين رفضوا اعتناق الإسلام، وأخذوا نساءهم إلى جهة مجهولة».
من جانبها، قالت لطيفة كني، النازحة إلى دهوك، إن 24 طفلا وامرأة ماتوا بسبب الجوع والعطش في جبل سنجار منذ أول من أمس، وحذرت من أنه «إن لم تنجد الحكومة والمجتمع الدولي العالقين في الجبل، فإن آلافا سيتوفون بسبب النقص في الغذاء والماء». وتابعت: «الحالة الإنسانية صعبة جدا. سرت مع عائلتي الليل بأكمله حتى استطعنا الوصول إلى هنا. الأوضاع هنا أيضا غير جيدة، الطعام قليل وهناك أعداد كبيرة من النازحين».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.