مسلحون يطلقون النار على مروحية عسكرية تونسية

اعتقال أحد المتهمين بالمشاركة في اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد

مسلحون يطلقون النار على مروحية عسكرية تونسية
TT

مسلحون يطلقون النار على مروحية عسكرية تونسية

مسلحون يطلقون النار على مروحية عسكرية تونسية

تعرضت يوم أمس مروحية عسكرية تابعة للجيش التونسي إلى إطلاق نار مباشر من قبل عناصر مسلحون متمركزة في جبل سمامة وسط غرب تونس. وأسفر الهجوم عن إصابة عسكري تونسي برتبة عريف أول، ويبلغ من العمر 40 سنة، بطلق ناري على مستوى البطن مما استوجب نقله إلى المستشفى الجهوي بالقصرين القريب من مكان الحادث الإرهابي لإجراء عملية جراحية مستعجلة.
ووفق شهود عيان من مدينة القصرين، فإن المروحية تعرضت لعطب مفاجئ مما اضطرها إلى هبوط اضطراري، وخلال إصلاح العطب تعرض طاقمها إلى إطلاق نار مكثف من قبل عناصر إرهابية قبل أن تختفي عن الأنظار وتلوذ بالفرار.
وكانت طائرة عسكرية مروحية قد تعرضت لنيران عناصر إرهابية يوم 29 يوليو (تموز) الماضي بنفس الجبل، وخلف الهجوم الإرهابي آنذاك إصابة عسكري وعون أمن بجراح طفيفة. ووفق مصادر عسكرية تونسية، فإن جبل سمامة كان يوم الأحد الماضي عرضة لقصف عنيف استعملت خلاله الطائرات المقاتلة في تعقب آثار المجموعة الإرهابية التي أطلقت النيران على ثكنة عسكرية في سبيطلة ما أدى إلى وفاة أحد العسكريين. وترجح المصادر أن يكون القصف المكثف إثر رصد تحركات مشبوهة في غابات جبل سمامة الذي لا يبعد أكثر من نصف كيلومتر عن مدينة سبيطلة.
في غضون ذلك، عرض 21 متهما بأعمال إرهابية على أنظار المحكمة الابتدائية بسوسة (وسط شرق تونس) في ظل إجراءات أمنية مشددة. وكانت تلك العناصر قد ألقي عليها القبض خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان بعد منعها أحد الأئمة المعينين من قبل وزارة الشؤون الدينية التونسية من الصعود على المنبر.
وقررت الحكومة التونسية بعد الهجوم المسلح على عناصر الجيش التونسي ومقتل 15 عسكريا، الغلق الفوري لكل مسجد خارج عن سيطرة وزارة الشؤون الدينية التونسية بتهمة التحريض على الإرهاب والتطرف.
من ناحيتها، تنتظر لجنة المبادرة من أجل كشف الحقيقة حول اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، نتائج التحقيق الأمني مع التونسي العفيف العموري المتهم بالمشاركة في الاغتيال في السادس من فبراير (شباط) 2013. وكانت وحدة مكافحة الإرهاب قد ألقت القبض عليه في منطقة سيدي بوزيد منذ الأربعاء الماضي وهو من أبرز العناصر الإرهابية المنتمية لتنظيم أنصار الشريعة المحظور.
على صعيد متصل، لم يستبعد مختار بن نصر العميد التونسي المتقاعد التفكير خلال الفترة المقبلة في دعوة الآلاف من جيش الاحتياط للمساعدة على ضبط الأمن وتوفير مناخ أفضل لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وقال: إن هذا «القرار هام ومتوقع بشدة». بيد أن الأمجد الحمامي المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية نفى هذا الأمر حاليا، وأكد قدرة الوحدات العسكرية على مجابهة كل التحديات، وعدم دعوة جيش الاحتياط في الوقت الحالي.
ويتفق أكثر من طرف أمني وعسكري تونسي على ضرورة دعم الوجود الأمني في أكثر من موقع ويشمل هذا الدعم المناطق الحدودية مع ليبيا وكذلك القوات المتمركزة في المنطقة العسكرية المغلقة بجبال الشعانبي وسط غرب تونس. وترى أن الظرف مناسب حاليا خاصة في حال خضوع عناصر الاحتياط لدورات تدريبية قل إلحاقهم بمراكز عملهم.
وكانت تونس قد استعانت بنحو 21 ألف عسكري لتأمين انتخابات المجلس التأسيسي (البرلمان) التي جرت يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011.
وحدد القانون الانتخابي التونسي تاريخ يوم 26 أكتوبر المقبل لإجراء الانتخابات البرلمانية، على أن تكون الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية يوم 23 نوفمبر (تشرين الثاني).
على صعيد آخر، لم تؤثر المواجهات المسلحة بين قوات الجيش والأمن على برامج الأحزاب السياسية التي أعلنت عن مضيها قدما في ضبط أسماء رؤساء اللوائح الانتخابية التي ستتقدم إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وتمكن حزب حركة نداء تونس من حسم معظم اللوائح الانتخابية وأعلن عن الأسماء المرشحة، ولم تبق سوى دوائر سيدي بوزيد والمنستير وأريانة محل خلاف بين القيادات السياسية.
وفي المقابل، لا تزال عمليات اختيار المرشحين داخل حركة النهضة، أبرز منافس لحركة نداء تونس، تجري في ظل تكتم شديد فيما يبدو أن أكثر من 150 حزبا سياسيا تونسيا من بين 194 حزبا حاصلا على الترخيص القانوني، لا تزال خارج دائرة الاهتمام ولم تعلن عن تقديم مرشحين في الانتخابات البرلمانية المقبلة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.