الإصلاحات تخفِّض قيمة الصفقات العقارية السعودية 37% في 2018

نزول قيمة الصفقات التجارية 46% ضغط بشكل مباشر على المؤشر العام

يعد انخفاض أسعار الأراضي مؤشراً أول على تراجع أسعار العقار بشكل عام (رويترز)
يعد انخفاض أسعار الأراضي مؤشراً أول على تراجع أسعار العقار بشكل عام (رويترز)
TT

الإصلاحات تخفِّض قيمة الصفقات العقارية السعودية 37% في 2018

يعد انخفاض أسعار الأراضي مؤشراً أول على تراجع أسعار العقار بشكل عام (رويترز)
يعد انخفاض أسعار الأراضي مؤشراً أول على تراجع أسعار العقار بشكل عام (رويترز)

سجلت قيمة الصفقات العقارية السعودية مع نهاية 2018 انخفاضاً في قيمة الصفقات بما يقارب 37%، لتحقق 37 مليار دولار مقارنةً بعام 2017، الذي سجلت فيه قيمة الصفقات 59 مليار دولار، حسب المؤشرات العقارية، حيث شمل النزول الفرع السكني بنسبة 31.9%، مقارنةً بالقطاع التجاري الذي كانت المفاجأة بانخفاض قدره 46% فيه.
وتأتي هذه النتائج امتداداً لانخفاض الصفقات، حيث سجل عام 2018 تقلصاً في قيمة الصفقات مقارنةً بعام 2017 بنسب أكبر، مما يشير إلى أن هناك نزولاً متسلسلاً في الأعوام في الحركة العقارية نتيجة دخولها في تصحيح الأوضاع والأسعار بعد حزمة القرارات التاريخية التي فرضتها السعودية في وقت لاحق لضبط إيقاع العقار.
وتحدث عقاريون أن نتائج القطاع التي لخصت حال السوق خلال عام 2018 لم تكن مفاجئة إلى حد كبير، مع وجود موجة كبيرة من الضغوط التي عانى منها القطاع خلال العام الذي وصفوه بالصعب الذي ألقى على كاهلهم الكثير من التحديات، أهمها امتصاص صدمة رسوم الأراضي والعزوف في الطلب إلى مستويات متنامية، بالإضافة إلى الفجوة بين قدرات المشترين وأسعار العارضين واشتراطات التمويل العقاري، ودخول الحكومة مع المطورين في خط إطلاق مشاريع غير ربحية تهدف إلى السيطرة على الأسعار، وأمور متعددة أدت إلى نتيجة واحدة وهي خفض الصفقات.
وكشف عبد العزيز المقيرن المستثمر في القطاع العقاري، أنه من المعروف أن القطاع العقاري عانى كثيراً خلال الفترة المنصرمة نتيجة اتحاد عدد من الظروف ضده، إلا أن ذلك لا يعني التوقف عن العمل، بل يعني إعادة ترتيب الأوراق من جديد بعد عام حافل بالتطورات والتقلبات لم تشهدها السوق منذ فترات طويلة، مما يعني أن إعادة ترتيب الأوراق مع العام القادم وتكييفها حسب الإمكانيات والظروف هو الحل الأمثل للنهوض بالقطاع من جديد خصوصاً في ظل تأثير الرسوم الذي ساهمت في ذلك، بالإضافة إلى الفجوة الملحوظة بين العرض والطلب والتي يجب تقليصها بما يتناسب مع الحال الجديد للسوق، والذي تختلف فيها الظروف من عام لآخر، لافتاً إلى أن 2019 سيكون صعباً على الشركات التي لن تطور من أدائها وستكون عرضة للخسائر في ظل تقلبات الطلب وتغيير مفاهيم السكن لدى المواطن.
وأضاف: «عند الرغبة في إحداث أمر جديد يجب أن يكون على حساب السعر قبل حساب عدد الصفقات التي انخفضت حسب المؤشرات إلى ما يقارب الـ37%، وهو معدل كبير إلى حد لافت، نتيجة الانخفاضات السابقة التي ضربت القطاع خلال السنوات الأخيرة خصوصاً الثلاث الأخيرة منها، ما يعني أن الانخفاض هنا غير جديد بل هو امتداد لما قبله، قد يختلف بأنه بنسب بسيطة، إلا أن المحفز الأول لعودة الصفقات العقارية إلى أضعاف ما هي عليه هو عودتها لقيمتها الواقعية التي ابتعدت عنها كثيراً»، مضيفاً أن العقلية القديمة لإدارة الاستثمارات العقارية يجب أن تتغير وتتكيف مع قدرة المشترين والظروف الاقتصادية الحالية».
كما سجلت الصفقات العقارية انخفاضاً سنوياً وصلت نسبته إلى 10.1%، حيث كان انخفاض القطاع السكني بنسبة 8.5%، وانخفاض القطاع التجاري بنسبة 20.7%، لتستقر مع نهاية العام عند مستوى 210.1 ألف صفقة عقارية، مقارنةً بنحو 233.8 ألف صفقة عقارية خلال العام الماضي.
وفي ذات الاتجاه، قال فهد الربيعان الذي يدير عدداً من الاستثمارات العقارية، إن القطاع العقاري منذ ما يقارب العقد وهو يسير باتجاه منخفض من قيمة الصفقات والمبيعات بالتوازي مع الارتفاعات المتكررة لأسعار العقار، إلا أن أهم ما يميز المقارنة بين الربع الأخير «بالتحديد» من العام الجاري والربع المماثل من العام المنصرم هو الانخفاض في الأسعار في مختلف القطاعات، وإن كانت بنسب غير متكافئة من النزول الحاصل في الإقبال إضافةً إلى نزول في عدد الصفقات، إلا أن تسجيلها انخفاضات جديدة يبث الاطمئنان بأن السوق في تراجع صحيح بدليل الانخفاض الحاصل في القيمة ونتيجة عدم استطاعة معظم المستثمرين مقاومة بقاء الأسعار مرتفعة رغم انخفاض الطلب بكميات متتالية.
وأضاف الربيعان أن هناك ارتفاعاً كبيراً في نسبة الأراضي مقارنةً بالأفرع العقارية الأخرى، وذلك يعود إلى التسييل الكبير للأراضي الذي تزامن مع تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء في السعودية هذا العام، وهي بمثابة العلامة الفارقة، حيث إن هناك عرضاً كبيراً يتم تداوله بكميات تعد بسيطة عن الموجودة والمعروضة، مما دفع بمؤشر العقار إلى تحقيق نسب مرتفعة في تحركات الأراضي عبر البيع والشراء نتيجة انخفاض بسيط في قيمتها، وهو الأمر الذي دفع إلى الحركة الكبيرة التي تشهدها الأراضي محلياً، متوقعاً انتعاشاً كبيراً في حركة الأراضي في حال تراجع أسعارها سيتوّجها إلى تصدر المشهد العقاري لسنوات إضافية.
وسجلت أعداد العقارات المبيعة خلال العام انخفاضاً سنوياً وصلت نسبته إلى 11.7%. كما انخفض القطاع السكني بنسبة 9.5%، والقطاع التجاري بنسبة 24.7%، لتستقر مع نهاية العام عند مستوى 219.2 ألف عقار مبيع، مقارنةً بنحو 248.1 ألف عقار مبيع خلال العام الماضي. أما على مستوى مساحات الصفقات العقارية خلال العام المنصرم.
وفي صلب الموضوع تحدث سامي الحربي صاحب شركة «عبر البناء للاستشارات العقارية»، بأن هناك مستويات انخفاض في ما يخص القيمة جاءت كردة فعل عكسية على ضعف الطلب، وبالتحديد قيمة الصفقات بعد أن عجزت السوق عن تحمل انخفاضها نتيجة ارتفاع أسعار العرض، وأن تطبيق الرسوم ضمن القرارات التي غيّرت وجه السوق نحو تسجيل نزول في القيمة بنسب كبيرة لا تقل عن 15% في أقل الأحوال وفي مختلف الأنشطة، موضحاً أن الاستثمار في القطاع العقاري هذه الفترة صعب للغاية، لأن السوق في تحول كبير نحو عودة الأسعار إلى طبيعتها بعد موجة من التضخم.
وأشار إلى أن تنويع الاستثمارات العقارية أمر مهم خلال الفترة القادمة، لافتاً إلى أن انخفاض أسعار الأراضي هو المؤشر الأول لقرب نزول العقار عموماً، خصوصاً أن ارتفاع قيمة الأراضي هو المتسبب الرئيسي في ارتفاع العقار بشكل عام، لافتاً إلى أن العقار سيشهد مزيداً من الانخفاض، وهو ما يحاول العقاريون الذين يحاولون تصريف ما يمتلكون بأقل الأضرار، التكيف معه.
وتُلاحَظ جلياً معالم الهدوء في الحركة العقارية محلياً، حيث انخفض إلى كبير إطلاق المشاريع السكنية الكبرى، بعد أن كانت الشركات العقارية القيادية تتسابق في الإعلان عن المشاريع الجديدة التي تستهدف الأفراد بشتى طبقاتهم المادية، إلا أن الترقب والنزول دفع بتلك الشركات إلى التريث وعدم الدخول في مشاريع جديدة في انتظار استقرار السوق أو حدوث أي أمر مستجد، يبنون عليه خططهم.


مقالات ذات صلة

ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».