زيارة نتنياهو للبرازيل تنتهي باحتجاجات

بعد استقبال رسمي دافئ ووعود بنقل السفارة

نتنياهو وزوجته سارة في أحد مطاعم ريو دي جانيرو (إ.ب.أ)
نتنياهو وزوجته سارة في أحد مطاعم ريو دي جانيرو (إ.ب.أ)
TT

زيارة نتنياهو للبرازيل تنتهي باحتجاجات

نتنياهو وزوجته سارة في أحد مطاعم ريو دي جانيرو (إ.ب.أ)
نتنياهو وزوجته سارة في أحد مطاعم ريو دي جانيرو (إ.ب.أ)

في وقت حظي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، باستقبالات حارة من الرئيس البرازيلي وحكومته، اصطدم باحتجاج شعبي من مئات السياح والمواطنين، فاضطر إلى إلغاء زيارته لموقع «تمثال المسيح الفادي» الشهير في ريو دي جانيرو، والبقاء في سيارته وسط حراسة مشددة، ثم قفل عائداً إلى الفندق.
وقالت مصادر في حاشية نتنياهو، إن المسؤولين في البرازيل خرجوا عن طورهم لإظهار المحبة لرئيس الحكومة الإسرائيليّة، لدرجة أنهم أصدروا طابعاً بريدياً خاصاً به نُقشت عليه صورته إلى جانب الإشادة بمرور 70 سنة على قيام إسرائيل، وأبلغوه بأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هي مسألة وقت لا أكثر، وأبرموا معه عدة اتفاقيات تعاون.
ولكن هذه الحرارة لم تنعكس على الشارع، فلدى قدومه مع أفراد عائلته لزيارة تمثال المسيح تسببت الحراسة المشددة حوله إلى اختناقات مرورية صعبة، فغضب الناس وراحوا يطلقون الصافرات ويهتفون ضده ويشتمونه، فقرر بنيامين نتنياهو التنازل عن زيارة الموقع، وجلس في السيارة ينتظر قيام زوجته وابنه بإتمام الزيارة وحدهما ثم انسحب مغادراً.
وكان نتنياهو قد بدأ زيارة رسميّة للبرازيل، منذ يوم الجمعة الماضي، التقى خلالها الرئيس الجديد جايير بولسونارو، وحثّه على نقل السفارة البرازيليّة إلى القدس مثلما تعهد في حملته الانتخابيّة، بالإضافة إلى الدفع بمشاريع اقتصاديّة بين البلدين.
إلا أن خطوة نقل السفارة تعتريها مخاوف من مقاطعة عربيّة لصادرات الأبقار البرازيليّة، ما سيؤدي إلى خسائر بمليارات الدولارات، وهو ما تسعى البرازيل لتعويضه بتسهيلات أميركيّة على الضرائب المفروضة على صادرات البرازيل من الألمنيوم، بوساطة إسرائيل.
كما التقى نتنياهو مع من وصفهم بـ«أصدقاء إسرائيل من المسيحيين البرازيليين». وأول من أمس، شارك في حفل تدشين الطابع البريدي، الذي أعده هؤلاء الأصدقاء وأصدرته سلطة البريد التابعة لولاية أمازوناس البرازيلية.
وقال نتنياهو في خطاب له، أمس: «ليس لدينا أصدقاء أفضل في العالم من المجتمع الإنجيلي، وليس لدى المجتمع الإنجيلي صديقة أفضل في العالم من دولة إسرائيل. فيوجد مكان واحد فقط في الشرق الأوسط حيث يعيش المسيحيون بأمان كما يوجد مكان واحد فقط حيث يشهد المجتمع المسيحي نمواً وازدهاراً، ألا هو دولة إسرائيل. بينما وفي كل مكان آخر يضطر المسيحيون إلى التصرف بحذر شديد أو المغادرة، ولكنّ هذا ليس هو الحال في إسرائيل. أنتم إخواننا وأخواتنا، حيث ندافع عن حقوق المسيحيين على غرار دفاعنا عن حقوق الديانات كافة. إسرائيل وأورشليم شيء واحد.
فمنذ حقبة الملك داهود، قبل حقبة الملك حزقيا بـ300 عام، كانت أورشليم عاصمة شعبنا، وهي ما زالت عاصمة شعبنا وستبقى عاصمة الشعب اليهودي الموحدة والأبدية إلى أبد الآبدين. لستم بحاجة إلى هذا التذكير كونكم تعرفون تاريخنا، وتعرفون جذورنا المشتركة. إن تاريخنا ومعتقداتنا وقيمنا متشابك بعضها ببعض.
وفي كل مرة نحفر فيها في أرضنا نكشف عن الكُنس القديمة أو الكنائس القديمة، وأحياناً لا نحتاج حتى إلى الحفر».
وأشاد نتنياهو بالرئيس بولسونارو واعتبره أخاً. وقال: «هل تعلمون أن الاسم الشخصي للرئيس بولسونارو صيغته العبرية هي يئير، وهو اسم ابننا أيضاً. إلا أن ذلك الاسم له معنى بالعبرية كونه يشير إلى من يجلب النور.
أعتقد أننا نملك الآن الفرصة في الإتيان بنور عظيم للمواطنين البرازيليين والإسرائيليين. إنه بمثابة تحالف الإخوان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم