شكوك حول شفافية انتخابات الكونغو الديمقراطية

مخاوف من اندلاع اشتباكات بعد أول انتقال سلمي للسلطة منذ الاستقلال

ناخبتان تعاينان لائحة المرشحين في أحد مكاتب الاقتراع مساء الأحد (أ.ف.ب)
ناخبتان تعاينان لائحة المرشحين في أحد مكاتب الاقتراع مساء الأحد (أ.ف.ب)
TT

شكوك حول شفافية انتخابات الكونغو الديمقراطية

ناخبتان تعاينان لائحة المرشحين في أحد مكاتب الاقتراع مساء الأحد (أ.ف.ب)
ناخبتان تعاينان لائحة المرشحين في أحد مكاتب الاقتراع مساء الأحد (أ.ف.ب)

تترقب جمهورية الكونغو الديمقراطية صدور النتائج الأولية للانتخابات التاريخية التي جرت أول من أمس (الأحد)، والتي تطرح علامات استفهام بشأن شفافيتها مع خطر الطعن على نتائجها.
وازداد مستوى التوتر مع فرز نتائج هذا التصويت لاختيار خلف لجوزيف كابيلا، أول رئيس في البلاد يتخلى عن السلطة بقوة الدستور لا العنف، منذ استقلالها عام 1960. وأُوقف الإنترنت عن العمل منتصف يوم أمس «لأجل غير مسمى» و«بتوجيهات من الحكومة»، كما قال أحد مزودي الشبكة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وأكّدت شركة «فوداكوم» المشغّلة للخلوي والإنترنت في الكونغو، هذه المعلومات.
واتّهم معسكر المرشح المعارض مارتن فايولو «وكالة الاستخبارات الوطنية» بقطع الإنترنت من أجل التسبب في إرباك وغموض بشأن النتائج التي تُرجّح كفة مرشح المعارضة.
من جهته، قال مرشح السلطة إيمانويل رامازاني، صباح الأحد: «لقد ربحت». ودعا تحالف رامازاني، أمس، «الشعب الكونغولي للحفاظ على هدوئه وانتظار النتائج الرسمية». وستنشر اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية خلال الأيام المقبلة.
وأكد المرشحون الثلاثة أنهم سيرصدون «مراكز الفرز» الخاصة بهم من أجل معرفة النتائج. ووزع مقربون من المرشح المعارض فيليكس تشيسيديكي، على الصحافة نتائج تضعه في المرتبة الأولى، بنسبة تفوق الـ50% من أصوات 20 مركز اقتراع في كينشاسا، ومعقله كاساي ومنطقة سو - كيفو معقل منظِّم حملته فيتال كاميرهيه.
في هذه الأثناء، تُطرح أسئلة كثيرة بشأن نسبة المشاركة وعملية الاقتراع في عشرات الآلاف من المراكز الانتخابية، وكذلك بشأن إدارة عمليات الفرز حتى صدور النتائج، وهي تساؤلات من شأنها إشعال العنف في بلد يتوق إلى الاستقرار.
ونشرت لجنة المراقبة المعيّنة من الأساقفة صباح أمس ملاحظاتها بالنسبة إلى مخالفات رصدتها في فرز الأصوات، بناءً على تقرير جزئي من مراقبيها البالغ عددهم 40 ألفاً.
ومن كينشاسا إلى غوما ومن كيسانغاني إلى لومبوباشي، تم عرض النتائج الأولية لمن بقوا في مراكز الاقتراع، حيث استمر فرز الأصوات صباح أمس. ولم تتعدَّ نسبة المشاركة 50% في مركزين أساسيين في كينشاسا، وفي مركز آخر في غوما حلّ فيه المرشح المعارض فايولو في المقدمة.
وفي كيسانغاني، نام «الشهود» (المراقبون الانتخابيون) من الأحزاب السياسية المختلفة على الأرض أو على الطاولات في أحد مراكز الاقتراع خلال فرز الأصوات، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأكّد ممثّل للجنة المراقبة «سيموجيل» للوكالة الفرنسية صباح أمس، أن مراقبيها أُجبروا على مغادرة مراكز التصويت في المحافظات الـ26 للبلاد. وأضاف المتحدث باسم اللجنة لوك لوتالا، أنه وقعت حالات «اعتداء ضد مراقبينا في مبوجي مايي».
وفي مبوجي مايي، اتهم حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية المعارض، حاكم المنطقة ألفونس نغويي كاسانجي بأنه يقوم بتعبئة صناديق الانتخاب لصالح معسكر السلطة. وأكد الرئيس الفيدرالي للحزب دينيس كالومبو: «تواصلت معه وحذرته بأننا لن نقبل بالنتيجة التي يحاول فبركتها».
من جهته، اتّهم المتحدّث باسم الحاكم فنسنت نغويي، ناشطي حزب الاتحاد الذي ينتمي إليه المرشح تشيسيديكي بمحاولة الاستيلاء على آلات التصويت. وأكّد متحدّث باسم سيموجيل مقتل أربعة أشخاص في محافظة كيفو الجنوبية خلال العملية الانتخابية، وتحدث أيضاً عن وجود جرحى. وتابع أن «موظفاً انتخابياً حاول خداع الناس للتصويت لصالح مرشح السلطة، ما أثار رد فعلهم وأدى إلى تدخل الشرطة».



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.