مبادرة لتوحيد أجهزة الأمن الليبية

الأمم المتحدة تنتقد استهداف مقهى نسائي في بنغازي

صورة وزعتها وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الليبية للقاء بين مسؤولين أمنيين من غرب البلاد وشرقها في بنغازي قبل يومين
صورة وزعتها وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الليبية للقاء بين مسؤولين أمنيين من غرب البلاد وشرقها في بنغازي قبل يومين
TT

مبادرة لتوحيد أجهزة الأمن الليبية

صورة وزعتها وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الليبية للقاء بين مسؤولين أمنيين من غرب البلاد وشرقها في بنغازي قبل يومين
صورة وزعتها وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الليبية للقاء بين مسؤولين أمنيين من غرب البلاد وشرقها في بنغازي قبل يومين

أكدت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني الليبية، المدعومة من الأمم المتحدة، وجود مبادرة «لتوحيد الجهود الأمنية وفرض الأمن» في مختلف أنحاء البلاد.
وقالت الوزارة، في بيان، إن «المبادرة وطنية مهنية مؤسسية ينادي بها لفيف من ضباط الشرطة والأمن، بهدف ترسيخ مضامين التكامل والتنسيق الأمني والشرطي بين مكونات المؤسسة الأمنية كافة في ربوع ليبيا».
وأكدت أن «الاجتماع الذي تمّ في بنغازي أخيراً بين مديري أمن طرابلس وبنغازي استند إلى موافقة وزيري الداخلية في حكومة الوفاق الوطني والحكومة المؤقتة على المبادرة الوطنية التي قُدمت لهما، لتوحيد الجهود الأمنية وحلحلة كل المختنقات التي تَحُول دون فرض الأمن في كامل التراب الليبي».
وأعلنت الوزارة عن إنشاء إدارة جديدة لحقوق الإنسان، من أجل حماية الضحايا من الانتهاكات والمخاطر. وأكدت في بيان «التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وما صادقت عليه الدولة الليبية من مواثيق واتفاقيات دولية تضمن وتحمي الإنسان وحقوقه وتحقق أهداف ليبيا في هذا المجال». واعتبرت أن «محاولات صرف النظر عن المخاطر الأمنية الملحة، إلى قضايا جدلية لا يمكن للوزارة أن تخرج فيها عن الأعراف الشرعية والأخلاقية والإنسانية، لن يفيد أحداً في هذه المرحلة بالذات».
إلى ذلك، دخلت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا على خط أزمة إغلاق مقهى خلال عملية مداهمة أمنية قامت بها قوات الأمن في مدينة بنغازي شرق البلاد. وأعربت عن «انزعاجها الشديد»، مستنكرة استهداف «الحريات الفردية» في المدينة.
ونددت البعثة في بيان بـ«اقتحام مقهى، التقت فيه سيدات في بنغازي، وباحتجاز العاملين فيه». وطالبت بـ«الإفراج عن المحتجزين فوراً، وحماية حق النساء في التجمع في الأماكن العامة، بما فيها المقاهي»، معتبرة أن «هذه الأفعال مؤشر خطير لتراجع الحريات الفردية».
ونقلت وسائل إعلام محلية، أمس، عن مصدر أمني، تأكيده إحالة العاملين المحتجزين من المقهى إلى النيابة العامة، وذلك بعد يومين فقط من إعلان وزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة، التي يترأسها عبد الله الثني في بنغازي، مداهمة المقهى الذي كانت تتجمع فيه عشرات النساء في حفل مغلق.
واتهمت الأجهزة الأمنية المقهى باستضافة «أعمال منافية للآداب العامة»، واعتقلت عدداً من الشبان العاملين فيه. ونشرت مقاطع مصورة تظهر عشرات النساء داخل المقهى، وتجمّع عدد من الشبان العاملين فيه حولهن. لكن واقعة الدهم أثارت، وفقاً لوكالة «شينخوا» الصينية «سخط المدونين في ليبيا»، إذ اعتبروها «مساساً بحرية التعبير والتجمع في الأماكن العامة».
من جهة أخرى، نددت وزارة العدل في حكومة الوفاق بهجوم شنّته «عصابات أجنبية»، الخميس الماضي، على نقطة أمنية منعزلة في مدينة تراغن جنوب غربي البلاد. وأوضحت في بيان أن «الهجوم العدواني المفاجئ الذي دام ساعتين أسفر عن مقتل اثنين من القوة المرابطة في المقر المستهدف، إبان دخولهم في اشتباك مع المعتدين»، مؤكدة «ضرورة انعقاد الاختصاص للقضاء الوطني لإنزال العقاب العادل بحق المعتدين، والرادع لكل متربص تسول له إرادته الآثمة مجرد العزم أو عقد النية على إتيان مثل هذه الأفعال المجرمة والمحرمة بموجب أحكام القانونين الليبي والدولي». وأكدت على «سيادة الدولة الليبية من خلال حكومة الوفاق على كامل إقليمها البري والبحري والجوي، وكذلك ضمان حماية مواطنيها وأمنهم».
على صعيد آخر، كشفت حكومة الوفاق عن «إجراء وفد من شيوخ وأعيان ليبيا زيارة إلى مصر أخيراً»، مشيرة إلى أن الوفد أطلع مساء أول من أمس وزير الدولة لشؤون النازحين والمهجرين يوسف جلالة على نتائج هذه الزيارة. وأوضحت أن الاجتماع «ناقش آلية تحسين ظروف الطلبة المهجرين، وتقديم المساعدات المالية التي تلبي احتياجاتهم الضرورية، إضافة إلى تقديم التسهيلات اللازمة لعودة الأسر الراغبة في العودة إلى ليبيا بشكل آمن».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم