بولسونارو يشيد بنتنياهو ويتجاهل وعده بنقل السفارة إلى القدس

الرئيس البرازيلي الجديد يخشى خسارة الأسواق العربية

بولسونارو ونتنياهو في كنيس يهودي بريو دي جانيرو أول من أمس الجمعة (إ.ب.أ)
بولسونارو ونتنياهو في كنيس يهودي بريو دي جانيرو أول من أمس الجمعة (إ.ب.أ)
TT

بولسونارو يشيد بنتنياهو ويتجاهل وعده بنقل السفارة إلى القدس

بولسونارو ونتنياهو في كنيس يهودي بريو دي جانيرو أول من أمس الجمعة (إ.ب.أ)
بولسونارو ونتنياهو في كنيس يهودي بريو دي جانيرو أول من أمس الجمعة (إ.ب.أ)

قال الرئيس البرازيلي المنتخب جايير بولسونارو، إنه سيقوم بزيارة لإسرائيل في مارس (آذار) المقبل، تلبيةً لدعوةٍ من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست»، أمس (السبت)، أن بولسونارو أوضح أن زيارته تأتي رداً على زيارة نتنياهو الحالية للبرازيل. ولم تعلن البرازيل في ختام محادثات بولسونارو ونتنياهو، أول من أمس (الجمعة)، أيّ موقف بشأن نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وهي خطوة من شأنها إغضاب الدول العربية والتأثير سلباً على صادرات البرازيل من اللحوم إلى الأسواق العربية.
وأشارت وكالة الأنباء الألمانية إلى أن نتنياهو وصل إلى البرازيل، أول من أمس (الجمعة)، للمشاركة في تنصيب بولسونارو، إيذاناً بتولي مهمته الرئاسية رسمياً اعتباراً من الأول من يناير (كانون الثاني). ومن المقرر أن يبقى رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الثلاثاء في برازيليا للانضمام إلى شخصيات أجنبية أخرى خلال حفل تنصيب بولسونارو.
وعقد نتنياهو، الجمعة، اجتماعاً مع الرئيس البرازيلي المنتخب الذي تحدث عن بدئه «فترة حكم صعبة» اعتباراً من مطلع السنة الجديدة، مؤكداً في الوقت ذاته أن «البرازيل لديها المقومات»، حسب ما نقلت الوكالة الألمانية عن «جيروزاليم بوست». وأضاف بولسونارو: «لكي نتمكن من التغلب على العقبات، نحتاج إلى حلفاء وأصدقاء وأشقاء مخلصين مثل بنيامين نتنياهو».
وكان بولسونارو، المنتمي إلى أقصى اليمين، قد أكد عقب انتخابه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وعده الانتخابي بنقل سفارة بلاده إلى القدس، في إعلان اعتبره نتنياهو آنذاك «تاريخياً». لكن وكالة «رويترز» أشارت إلى أن لقاء بولسونارو ونتنياهو في ريو دي جانيرو، الجمعة، لم يصدر في ختامه إعلان برازيلي بنقل السفارة إلى القدس، كما توقع بعضهم. ولفتت «رويترز» إلى أن نتنياهو، وهو أول رئيس وزراء إسرائيلي يزور البرازيل، تناول الغداء مع بولسونارو في قلعة على شاطئ كوباكابانا قبل أن يدليا بتصريحات للصحافيين. وقال نتنياهو إن إسرائيل تستطيع تقديم المساعدات في قطاعات الاقتصاد والأمن والزراعة والموارد المائية.
وذكرت «رويترز» أن بولسونارو تعرّض منذ انتخابه لضغوط من داعمين أقوياء في القطاع الزراعي للتخلي عن فكرة نقل السفارة إلى القدس نظراً إلى خشيتهم من أن تضر الخطوة بمبيعات اللحوم إلى دول عربية. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن قرابة 20% من صادرات البرازيل من لحوم البقر وقيمتها 5 مليارات دولار تذهب إلى 17 دولة عربية، مضيفةً أن حجم التجارة بين البرازيل وإسرائيل يبلغ حالياً 1.2 مليار دولار.
وأوردت «رويترز»، من جهتها، أن الجامعة العربية أبلغت الرئيس البرازيلي المنتخب بأن نقل السفارة إلى القدس سيمثل انتكاسة للعلاقات مع الدول العربية، وذلك وفقاً لخطاب اطّلعت عليه الوكالة في وقت سابق من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وتابعت «رويترز» أن مثل هذا الإجراء سيمثّل تحولاً حاداً في سياسة البرازيل الخارجية، وهو ما حدث مع الولايات المتحدة عندما أعلن الرئيس دونالد ترمب في مايو (أيار) نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
وقال بولسونارو خلال لقاء مع أفراد من الطائفة اليهودية البرازيلية في كنيس في ريو دي جانيرو يوم الجمعة، بحضور نتنياهو، إن «لدينا مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة ذات الآيديولوجيا المماثلة لبلدنا، كل شيء لمساعدة بعضنا البعض وتحقيق منافع لبلداننا»، حسب الوكالة الفرنسية، التي أشارت إلى أن بولسونارو، الضابط السابق بالجيش، سبق له أنه تعهد بمكافحة الجريمة المستشرية والفساد. وفي تصريحاته يوم الجمعة، أشار بولسونارو الذي يطلق عليه أحياناً «ترمب المناطق الاستوائية» لتماثل أسلوبه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى العلاقات التي يريد أن يقيمها مع نتنياهو، وقال: «نحن أكثر من شركاء، سنكون إخوة في المستقبل في الاقتصاد والتكنولوجيا وكل ما يمكن أن يعود بالفائدة على بلدينا». كما تحدث عن التعاون في المسائل العسكرية والزراعية.
من جهته، وصف نتنياهو زيارته بـ«التاريخية»، مشيراً إلى «الأخوة والتحالف (...) ما يمكن أن ينقلنا إلى آفاق عظيمة». وقال: «من الصعب التصديق أننا لم تكن لدينا هذه العلاقات من قبل».
ويمثّل بولسونارو، من وجهة النظر الإسرائيلية، «تغييراً كبيراً» بالنسبة إلى سياسات البرازيل التي حكمتها على مدى عقود حكومات من يسار الوسط ويمين الوسط التزمت بالتوافق الدولي حيال المسائل المرتبطة بالنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي ووضع مدينة القدس المتنازع عليها. واعترفت برازيليا عام 2010 بالدولة الفلسطينية.
وبين كبار الشخصيات التي ستحضر حفل تنصيب الرئيس البرازيلي الجديد، الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، إلى جانب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو. وذكرت الوكالة الفرنسية أن بولسونارو وفريقه استثنوا قادة الدول التي يحكمها اليسار على غرار فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا من الدعوة إلى حفل التنصيب.
ويزور نتنياهو البرازيل رغم الاضطرابات السياسية الداخلية التي تشهدها إسرائيل والتقلبات التي يشهدها الوضع العسكري في سوريا المجاورة. وأكد مسؤول إسرائيلي ووزارة الخارجية الأميركية أن بومبيو ونتنياهو سيناقشان الوضع في سوريا خلال لقائهما في برازيليا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».