آلاف المحتجين في السودان... واستجابة للتظاهر في «جمعة الشهيد»

الشرطة فرقتهم بالغازات... واعتقالات في صفوف المعارضة والصحافيين ونداءات لـ«ثلاثاء الاستقلال»

صورة وزعها ناشطون لاحتجاجات في الخرطوم يوم الثلاثاء الماضي (أ.ب)
صورة وزعها ناشطون لاحتجاجات في الخرطوم يوم الثلاثاء الماضي (أ.ب)
TT

آلاف المحتجين في السودان... واستجابة للتظاهر في «جمعة الشهيد»

صورة وزعها ناشطون لاحتجاجات في الخرطوم يوم الثلاثاء الماضي (أ.ب)
صورة وزعها ناشطون لاحتجاجات في الخرطوم يوم الثلاثاء الماضي (أ.ب)

استجاب الآلاف من السودانيين، أمس، لنداءات التظاهر التي أطلقها نشطاء وقوى المعارضة للاحتجاج، بعد صلاة الجمعة، فخرجوا في المدن والقرى فيما عرف بـ«جمعة الشهيد»، أو «جمعة الغضب» في رسائل أخرى. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وقنابل صوتية لتفريق المحتجين، في وقت اعتقلت فيه السلطات الأمنية، عدداً من الناشطين والصحافيين، كما اعتقلت في وقت متأخر من مساء أول من أمس قيادات في المعارضة خلال مداهمة لدار حزب البعث العربي الاشتراكي. وتعمل المعارضة السودانية للخروج في مظاهرات صاخبة يوم الثلاثاء المقبل التي يصادف الذكرى الـ63 لاستقلال السودان.
ونقلت وسائط التواصل الاجتماعي «فيديوهات» مباشرة من المظاهرات المختلفة في مدن العاصمة الثلاث «الخرطوم، وبحري، وأم درمان»، وشوهد خلالها إطلاق الغاز المسيل للدموع. وهتف المتظاهرون بإسقاط النظام و«حرية سلام وعدالة» لدى خروجهم من مسجد في أم درمان تابع لحزب الأمة الرئيسي المعارض، وفقاً لأحد الشهود. لكن سرعان ما ردّت شرطة مكافحة الشغب بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، بحسب المصدر ذاته.
وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط»: إن «المحتجين خرجوا من المساجد وآخرين من داخل الأحياء في مدن العاصمة في الخرطوم، وبحري، وأم درمان»، مشيراً إلى أن قلب الخرطوم شهد مظاهرة ضخمة تم تفريقها من قِبل الشرطة بالغاز المسيل للدموع، إلى جانب سماع أصوات رصاص في مناطق متفرقة. ولم يتم التأكد بشكل رسمي من وقوع قتلى.
وقالت مصادر مستقلة: إن «المظاهرات كانت سلمية تماماً، ولم تحدث أي أعمال تخريبية». ودعت بيانات للمعارضة المحتجين، إلى إبعاد أي شخص يعمد لاستخدام القوة للتخريب». وبحسب عدد من الناشطين ووكالات الأنباء، فإن الخرطوم، شهدت مظاهرات في أحياء «بري، وشرق الخرطوم ووسطها، والصحافة، والرياض، والمنشية، والصفا، وشارع الستين، والجريف غرب، والديم». كما شهدت مدينة بحري، مظاهرات في حيي شمبات والحلة. وفي أم درمان أحياء «ودنوباوي، وبيت المال، وابوروف، والفتيحاب، وأم بدة». وفي مدن الولايات خرجت مدينة عطبرة (شمال) التي أشعلت فتيل الاحتجاجات في التاسع عشر من الشهر الحالي، كما شهدت مدينتا حلفا الجديدة، وخشم القربة في شرق البلاد، احتجاجات أيضاً.
من جهة أخرى، قالت مصادر «الشرق الأوسط»: إن السلطات الأمنية داهمت دار «حزب البعث الاشتراكي العربي الأصل» واعتقلت 9 من قيادات تحالف قوى الإجماع كانوا داخل الدار، أبرزهم عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف، والمتحدث الرسمي باسم حزب البعث محمد ضياء الدين، ورحمة عتيق، والتجاني مصطفى، وحمد موسى وفتحي صديق بابكر محجوب، وأحمد حضرة، وكمال السني، ومجدي عكاشة، لينضموا إلى آخرين وعددهم 14 من قيادات المعارضة اعتقلوا الأسبوع الماضي أثناء اجتماع لهم، أبرزهم فاروق أبو عيسى رئيس هيئة تحالف قوى الإجماع المعارض.
ولم يتم التأكد بشكل رسمي أو من قِبل المعارضة لتحديد عدد المعتقلين في الخرطوم ومدن البلاد المختلفة.
إلى ذلك، دعا نائب رئيس المؤتمر الوطني الحاكم فيصل حسن إبراهيم، عقب انتهاء اجتماع المكتب القيادي في الساعات الأولى من صباح أمس برئاسة رئيس الحزب عمر البشير، الجهاز التنفيذي إلى بذل الجهود لتوفير السلع، داعياً القوى السياسية إلى تضافر الجهود، وتعزيز التسامح والاستقرار، ومبدأ التداول السلمي للسلطة، وتوحيد الجبهة الداخلية في إطار الوفاق الوطني.
وفي وقت يعد فيه نشطاء ومعارضون ترتيبات للخروج في مظاهرات صاخبة يوم الثلاثاء المقبل التي تصادف الذكرى الـ63 لاستقلال السودان، أكد رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض، عمر يوسف الدقير، أن قوى المعارضة تسعى لخلق مركز موحد للتنسيق بينها ضمن الحراك في عدد كبير من مدن البلاد، وتوحيد مطالب الشعب السوداني بعنوان «رحيل النظام».
وقال: إن هذه المساعي قطعت شوطاً بعيداً لتشكيل هيئة تنسيقية من كافة قوى التغيير، وأضاف: «نتوقع أن يصدر الإعلان التأسيسي للتنسيقية خلال اليومين المقبلين، وسيكون مفتوحاً للقوى التي تعمل على التغيير»، داعياً السودانيين إلى مواصلة الاحتجاجات حتى تتحقق المطالب، وتابع: «لا رجعة عن مطلب رحيل نظام الرئيس البشير الذي لا يملك خيارات في معالجة الأزمة التي تواجه البلاد».
ونوه الدقير على ضرورة «اليقظة ورفض الحيل التي قد تلجأ لها الحكومة للالتفاف على هذا الحراك وإفراغه من محتواه عبر طرح بدائل تعيد بها إنتاج النظام بنسخة مخادعة»، وقال: إن «الشعب السوداني الآن في الشوارع يطالب بالتغيير، حتى وإن طال الوقت».
من ناحيته، قال سكرتير الحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب: إن قوى المعارضة المختلفة تحالفت وتواثقت في اجتماع عقد الأربعاء الماضي على تشكيل لجنة تنسيقية تعمل على إدارة العمل المشترك ومواصلة الحراك الشعبي، مشيراً إلى أن الاجتماع ضم تحالف قوى الإجماع، ونداء السودان، وتجمع المهنيين السودانيين، والحزب الجمهوري، والتجمع الاتحادي المعارض. وقال: إن الاجتماع خلص إلى مواصلة المسيرات الاحتجاجية الشعبية والتنسيق مع التحالفات والقوى المنظمة القائدة لحركة الجماهير في الأقاليم والمدن خارج العاصمة. كما أكد أن المجتمعين شددوا على أهمية سلمية المواكب واليقظة من الاختراق من قِبل عناصر الأمن لتشويه الانتفاضة بتدمير وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وضرورة التصدي للمخربين.
وكانت الحركة الشعبية – شمال، قيادة عبد العزيز الحلو، قد انضمت إلى قوى المعارضة التي دعت إلى مواصلة الاحتجاجات على الحكومة، وقالت: «إن إسقاط نظام عمر البشير يسمح بالحفاظ على وحدة السودان».
من جهته، حثّ ياسر عرمان، نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، قيادة مالك عقار، قوى المعارضة على تحديد خطة عمل مشتركة تحدد الأولويات التي يجب القيام بها خلال الأيام المقبلة، وقال: «نحن نحتاج حقاً إلى مركز موحد للانتفاضة، يتم فيه الاتفاق على الخطوات بشكل جماعي»، مشدداً على أهمية الحفاظ على سلمية الاحتجاجات.
وكانت السفارة الأميركية في الخرطوم قد حذرت رعاياها من الاحتجاجات التي اندلعت في العاصمة أمس بعد صلاة الجمعة، وحثت موظفيها للحد من تحركاتهم من الساعة الثانية عشرة ظهراً وحتى الخامسة مساءً. ونوهت إلى أن هناك توقعات بخروج مظاهرات في الخرطوم ومدن البلاد ومواقع أخرى الأسبوع المقبل، وبخاصة الثلاثاء الذي يصادف ذكرى استقلال السودان الأول من يناير (كانون الثاني).



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».