مدير الأمن العام اللبناني يستأنف اتصالاته وصولاً لتسوية حكومية

«الوطني الحر» و«الثنائي الشيعي» يطوقان تباينات

TT

مدير الأمن العام اللبناني يستأنف اتصالاته وصولاً لتسوية حكومية

طوّق «التيار الوطني الحر» و«الثنائي الشيعي» التباينات الناتجة عن فشل المبادرة الأخيرة لتشكيل الحكومة، بموازاة استئناف العمل لحل عقدة تمثيل النواب السنة المستقلين (سنة 8 آذار)، وسط معلومات عن البحث عن صيغة لتمثيلهم لن تبقى محصورة بأن يكون الوزير السني المعارض من حصة رئيس الجمهورية.
واستُأنفت المفاوضات أمس إثر انعقاد لقاء بين رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم في إطار نقل طرح من قبل «حزب الله» لمعالجة الأزمة. وفيما تم تداول معلومات بأن «الملف لم يقفل والأفق ليس مسدودا وهناك كلام متجدد على صعيد معالجة المشكلة»، نقلت قناة «إم تي في» عن مصدر مطلع على التأليف تأكيده أنه «لن تعاد تسمية جواد عدره ويُعمل على أكثر من مخرج وليس من الضروري أن يكون المخرج الوحيد بأن يكون الوزير السني المعارض من حصة الرّئيس».
وتزامنت هذه المعطيات مع إشارات إيجابية، كشف عنها نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، قائلاً بأن «مبادرة رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة وحل العقدة السنية المستحدثة لم تذهب أدراج الرياح، وأن العمل جارٍ حالياً على تفعيلها عبر اتصالات تهدف إلى تقويم الاعوجاج الذي طرأ على سوء التنفيذ، ويتابع مدير عام الأمن اللواء عباس إبراهيم عملية التواصل بين الأطراف كافة».
ولفت الفرزلي في تصريح لـ«المركزية» إلى «أن المشكلة لم تعد مع «اللقاء التشاوري»، لأن ما يهمّ «اللقاء» مبدأ تمثيله، أما التمثيل من ضمنه أو من خارجه، فقد تم الإقرار بمبدأ تمثيله من خارجه، وهذا الأمر قد حسم، يبقى الاتفاق على التفاصيل الأخرى كموقع الوزير الجديد ودوره ووظيفته، وهي أمور قيد المعالجة، من خلال الاتصالات التي تجري مع الأطراف كافة».
وبدا أن الخلاف على توزيع الحقائب، لم يدخل إطار المباحثات، إذ انصبت الاهتمامات على حل معضلة تمثيل «سنة 8 آذار»، وهو ما عبر عنه عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى الذي دعا إلى «إعادة خطوط التواصل والمشاورات بين الأطراف، لإيجاد الحل المناسب لتشكيل الحكومة». ورأى موسى في حديث إذاعي «صعوبة في إعادة توزيع الحقائب بين الأطراف، بعد الاتفاق على تثبيتها في المرحلة السابقة»، معتبرا أن «أي تعديل سيدخلنا في نفق طويل، فيما الحاجة اليوم إلى الإسراع في تشكيل الحكومة»، لافتا إلى أن «المطلوب اليوم هو حل عقدة توزير اللقاء التشاوري».
وبعدما ظهرت توترات في العلاقة بين «الثنائي الشيعي» وقوى «8 آذار» من جهة، و«التيار الوطني الحر» من جهة أخرى، على خلفية فشل المبادرة الحكومية الأخيرة، بدا أن هذه التباينات تقلصت، إذ أكد النائب موسى أن «العلاقة السياسية بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل جيدة»، لافتا إلى أن «الهدف اليوم هو تشكيل حكومة تواكب التغييرات التي تشهدها المنطقة».
وتزامن هذا التصريح مع إشارة أخرى دفع بها «حزب الله»، حيث زار وفد قيادي من الحزب ترأسه مسؤول منطقة بيروت حسين فضل الله هيئة قضاء بعبدا في «التيار الوطني الحر»، وأكد الطرفان في بيان على «استثمار العلاقة الطيبة القائمة بين التيار والحزب والاستفادة منها على أكمل وجه، باعتبارها فرصة ذهبية قلما تتكرر».
وقال النائب السابق ناجي غاريوس بأن «العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله متينة وراسخة ولا تحتاج إلى التعزيز»، فيما أكد فضل الله أن التفاهم بين الطرفين «قائم ولازم ودائم وثابت إلى أبد الآبدين، وراسخ رسوخ جبال لبنان لم ولن تؤثر فيه، لا بيانات مشبوهة من هنا ولا تغريدات مجهولة من هناك، لأن التيار والحزب صادقان في العلاقة بينهما، وقريبان من الناس إلى أبعد الحدود».
وشدد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب زياد الحواط في حديث إذاعي على «ضرورة تشكيل الحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية، والشروع في تنفيذ الإصلاحات التي أقرها مؤتمر سيدر، لأن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من التأخير».
وطالب الحواط رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري بـ«وضع التشكيلة التي يريانها مناسبة وليرض من يرضى ويعتذر من يعتذر، لأن البلاد لا تقاد ونحن ننتظر التفاهمات الخارجية».
كذلك، أمل عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم أن «يتم تجاوز العقد والعقبات من أمام تشكيل الحكومة، بعد أن وصلت الأمور إلى هذا المستوى المهترئ والمزري، خصوصا بعد التطورات الأخيرة والمتسارعة محليا وإقليميا ودوليا، لأن وجود حكومة وحدة وطنية جامعة أصبح أكثر من ضرورة وطنية لمواكبة ومقارنة الأزمات والتحديات، وما أكثرها في هذه الأيام».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.