«داعش» يقترب من سد الموصل بعد انسحاب البيشمركة

تحذير من كارثة إنسانية في سنجار بعد سقوطها بيد التنظيم

منظر عام لسد الموصل
منظر عام لسد الموصل
TT

«داعش» يقترب من سد الموصل بعد انسحاب البيشمركة

منظر عام لسد الموصل
منظر عام لسد الموصل

فاجأ تنظيم داعش القادة العسكريين الأكراد والمراقبين بتحركه السريع خلال اليومين الماضيين في شمال العراق وسيطرته على مناطق كانت خاضعة لسيطرة قوات البيشمركة، بعد انسحابات مفاجئة من جانب الأخيرة. وبينما أفادت تقارير بسيطرة «داعش» على سد الموصل، أكبر سدود العراق، نفت مصادر كردية ذلك، لكنها أكدت أن المسلحين على مسافة 20 كيلومترا من السد.
وسيطر مسلحو «داعش» على حقل عين زالة النفطي ليضيفه إلى أربعة حقول سيطر عليها بالفعل إلى جانب ثلاث بلدات. وحسب وكالة «رويترز»، قوبل التنظيم بمقاومة كردية قوية في بداية أحدث هجوم له أثناء الاستيلاء على بلدة زمار. ورفع المتشددون الأعلام السوداء للتنظيم على المباني، وهو إجراء عادة ما تتبعه عمليات إعدام جماعي. وهاجم المسلحون بلدة زمار من ثلاثة اتجاهات على شاحنات محملة بالأسلحة ليهزموا القوات الكردية التي دفعت بتعزيزات إلى البلدة. كما سيطر التنظيم في وقت لاحق أيضا على بلدة سنجار، حيث قال شهود إن السكان هربوا بعدما لم يبد المقاتلون الأكراد مقاومة تذكر ضد المتشددين المسلحين.
وقال «داعش» في بيان بموقعه على الإنترنت «يسر الله تعالى للمجاهدين اقتحام العديد من المناطق المهمة التي تسيطر عليها العصابات الكردية والميليشيات العلمانية، بعد سلسلة معارك بمختلف أنواع الأسلحة استغرقت يوما كاملا فتح الله بها على أوليائه الموحدين وأخزى فيها أعداءه المرتدين، وسقط وأصيب فيها العشرات وهرب المئات منهم تاركين أعدادا كبيرة من الآليات والعجلات وكمية ضخمة من الأسلحة والأعتدة غنيمة للمجاهدين». وأضاف البيان «سيطر الإخوة على العديد من المناطق، وهي ناحية زمار ومنطقة عين زالة الغنية بالنفط» بالإضافة إلى 12 قرية أخرى. وتابع «وقد وصلت سرايا الدولة الإسلامية للمثلث الحدودي بين العراق والشام وتركيا».
وقال غياث سورجي، العضو العامل في مركز تنظيمات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في الموصل، لـ«الشرق الأوسط»، إن مسلحي «داعش» بدأوا بمهاجمة عدد من مجمعات الأكراد الإيزيديين، وتمكنوا من السيطرة عليها بعد معارك مع قوات البيشمركة، مشيرا إلى أن «داعش» يملك الكثير من الأسلحة الثقيلة التي استولى عليها بعد انسحاب القوات العراقية من الموصل الشهر الماضي، وأنه «بعد معارك عنيفة نفد عتاد قوات البيشمركة واضطرت إلى الانسحاب، وبالتالي سيطر (داعش) على المنطقة بالكامل». وأضاف أن «(داعش) واعتمادا على العشائر العربية السنية الموجودة في المنطقة استطاع أن يسيطر على ناحية زمار وكل أطرافها، بعد أن انسحبت قوات البيشمركة منها»، مشيرا إلى أن التنظيم فرض سيطرته على الخط الاستراتيجي لتصدير النفط والآبار الموجودة في عين زالة وسنجار، مبينا أن سد الموصل ما زال تحت سيطرة قوات البيشمركة المتمثلة باللواء الخامس عشر «زيرفاني».
بدوره، أكد مصدر في «وحدات حماية شعب كردستان» الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن قواته بدأت منذ مساء أول من أمس بدخول الأراضي العراقية «لمساندة قوات البيشمركة». وقال المصدر إن 600 مقاتل من مقاتليه عبروا الحدود «وهم الآن جنبا إلى جنب مع البيشمركة في الجبهة ضد (داعش) في منطقة ربيعة»، معربا عن استعداد قواته للمشاركة «في تحرير زمار وسنجار».
وبينما تأكدت سيطرة مسلحي «داعش» على بلدة وانة، التي تبعد 20 كيلومترا عن سد الموصل، نفى رئيس مجلس محافظة نينوى بشار كيكي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، سقوط السد بيد المسلحين، مؤكدا أنه «لا يزال مؤمنا من قبل قوات البيشمركة».
من جهة أخرى، أكد مصدر في قوات البيشمركة، فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، وصول «أول شحنة من الأسلحة الأميركية الثقيلة إلى مطار أربيل الدولي»، مضيفا أنه «تم إرسالها إلى جبهات القتال فورا». واكتفى بالقول إن هذه الأسلحة «تضم ثلاثة أنواع لم تكن البيشمركة تملكها في السابق».
لكن وزارة البيشمركة نفت على لسان مسؤولها الإعلامي تسلم الإقليم السلاح الأميركي. وقال هلكورد حكمت، المسؤول الإعلامي لوزارة البيشمركة «هذه الأنباء بعيدة عن الصحة ونحن ننفيها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.