نزوح مستمر شرق سوريا من آخر جيب لـ«داعش»

TT

نزوح مستمر شرق سوريا من آخر جيب لـ«داعش»

يشهد الجيب الأخير الواقع تحت سيطرة تنظيم داعش في شرق سوريا، موجات نزوح مستمرة، تُعد الكبرى منذ بدء «قوات سوريا الديمقراطية» هجومها في المنطقة قبل أكثر من 3 أشهر، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس.
وتأتي حركة النزوح في وقت يحاول فيه التنظيم الدفاع عن نقاطه الأخيرة في الجيب مع مواصلة «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي تحالف فصائل كردية وعربية، التقدم فيه.
وتخوض «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن منذ سبتمبر (أيلول) الماضي هجوماً ضد آخر جيب للتنظيم على الضفاف الشرقية لنهر الفرات في محافظة دير الزور وبمحاذاة الحدود العراقية.
وقال مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «شهد الأسبوعان الماضيان حركة النزوح الأكبر من جيب التنظيم منذ بدء الهجوم بفرار أكثر من 11500 شخص» منه، غالبيتهم من عائلات الجهاديين. وقد فتحت «قوات سوريا الديمقراطية» خلال الفترة الماضية ممرات لخروج المدنيين من الجيب الأخير.
ومع اشتداد المعارك وتقدم «قوات سوريا الديمقراطية» أكثر في الجيب الأخير، لم يعد التنظيم قادراً، وفق عبد الرحمن، على «السيطرة على حركة النزوح ومنع الناس من الفرار».
ومنذ بدء الهجوم في سبتمبر الماضي، فرّ أكثر من 15 ألف شخص، وفق عبد الرحمن، بينهم أيضاً «أكثر من 700 عنصر من التنظيم حاولوا التواري بين الجموع». وتنقل «قوات سوريا الديمقراطية» الفارين إلى حقل العمر النفطي في ريف دير الزور الشرقي قبل فرزهم، ونقل المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم إلى التحقيق، والباقين إلى مخيمات النزوح.
وتخوض «قوات سوريا الديمقراطية» حالياً معارك في قريتي الشعفة والسوسة، آخر أبرز قرى الجيب، ويواصل التحالف الدولي تقديم الدعم لها بالغارات والقصف المدفعي. ولا يزال التنظيم يوجد أيضاً في عدد محدود من القرى الصغيرة.
ويأتي تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي سحب قوات بلاده من سوريا، معلنا إلحاق «الهزيمة» بتنظيم داعش. وأعرب محللون عن خشيتهم من أن يساهم القرار الأميركي في إعادة ترتيب التنظيم لصفوفه، بعد دحره من مناطق واسعة، كما عدّه البعض «ضوءاً أخضر» لتركيا لتنفيذ تهديدها بشن هجوم ضد مناطق «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال وشمال شرقي سوريا.
وحذر مسؤولون أكراد من أن أي هجوم تركي سيعني انسحاب مقاتليهم من جبهة القتال الأخيرة ضد التنظيم المتطرف للدفاع عن مناطقهم شمالاً. إلا إن عبد الرحمن قال: «يبدو أن التنظيم بات على شفير الانهيار، وتراجعت حدة مقاومته بشكل كبير، والألغام هي التي تعوق تقدم (قوات سوريا الديمقراطية)». وأضاف: «قد لا يتمكن التنظيم من الصمود حتى بداية العام الجديد».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم