سنوات السينما

حسين رياض في لقطة من «حياة أو موت»
حسين رياض في لقطة من «حياة أو موت»
TT

سنوات السينما

حسين رياض في لقطة من «حياة أو موت»
حسين رياض في لقطة من «حياة أو موت»

حياة أو موت (1954)
البحث جار عن فتاة تحمل سمّاً

> فتاة صغيرة تدخل صيدلية لتشتري دواء لوالدها المريض. يطالبها الصيدلي بـ25 قرشاً. تخبره أن معها 24 قرشاً فقط وستحاول دفع القرش المتبقي غداً. يبتسم لها ويعفيها عن دفع القرش الباقي. تخرج من الصيدلية وتتجه عائدة للبيت ومعها الدواء في زجاجة. ما الذي يمكن أن يحدث خطأ مع هذه التركيبة البسيطة من الأحداث؟
الجواب، في فيلم المخرج البارع كمال الشيخ، كل شيء. لقد اكتشف الصيدلي (حسين رياض) أنه أعطى الفتاة (ضحى أمير) جرعة زائدة من محلول كيميائي حوّل الدواء إلى سم قاتل. يطلب من مساعده الخروج إلى الشارع والبحث عنها لكن هذا لا يجد لها أثراً. الصيدلي يشعر بالخوف من أن يكون سبباً في قتل شخص بريء على يدي ابنته. يتصل بالطبيب الذي كتب الوصفة ولا يجد لديه المعلومات الكافية فيتجه للبوليس لعله يجد من يساعده وعندما يفشل في كسب أذن واعية للمأزق الواقع يدخل مكتب رئيس البوليس (يوسف وهبي) مردداً اسم الأب المطلوب البحث عن عنوانه قبل وصول الفتاة إليه وتجرعه السم. اسم الأب (عماد حمدي) هو أحمد إبراهيم وهو الاسم ذاته لأحد كبار المجرمين.
هذا يسهل على الصيدلي دخول مكتب رئيس البوليس، و«حكمدار» القاهرة، الذي يعتقد أن الرجل لديه معلومات عن المجرم. عندما يكتشف أن الصيدلي جاء لموضوع مختلف وسط مشاغل أمنية أهم، ينوي التنصل من الوضع لكن الصيدلي يتوسل إليه فيقتنع الحكمدار بضرورة البحث عن أحمد إبراهيم آخر لإنقاذ حياته قبل فوات الأوان. كل هذا والفتاة الصغيرة تسير في الطريق وتعبر الجسور والميادين في طريق عودتها إلى منزل أبيها. مشوار طويل كونها لم يعد لديها سعر تذكرة تعود بها.
لا أحد بنى تشويقاً في السينما العربية كما فعل المخرج كمال الشيخ. جزء من ذلك يعود إلى كونه مونتيرا سابقا وخبرته تلك أمدّته بالخبرة المطلوبة لجمع اللقطات دوماً في أتون ساخن. لقطاته ليست رصداً فقط لما يدور، خصوصاً لناحية المشاق التي تتكبدها الفتاة في طريق عودتها، بل رصد لحياة القاهرة كتضاريس بشرية وكتسجيل لما كانت عليه القاهرة حينها (أكثر نظافة وأقل ازدحاماً مما هي عليه اليوم).
هناك هيتشكوك بالطبع (الذي بدأ العمل مونتيراً أيضاً) لكن ليس هيتشكوك الأسلوب المحدد برؤية ومفهوم مختلفي التنفيذ، بل بالسمة التشويقية العامّة. ما هو أكثر من تلك السمات وجوداً، التقاء الفيلم بأعمال هوليوودية من الفترة ذاتها. تلك التي انشغلت بالتصوير خارج الأماكن المغلقة محوّلة شوارع المدينة إلى ممثل فعلي للفيلم لجانب شخصياته. أتحدث عن «المدينة العارية» لجووَل داسين (1948) و- على الأخص - «ذعر في الشوارع» لإيليا كازان (1950). في هذا الفيلم الأخير لدى الطبيب رتشارد ودمارك يومين فقط لرصد قاتل ينقل وباء خطراً قد ينتقل إلى البشر الأبرياء. هناك أيضاً يتدخل البوليس للمساعدة الفعالة.
لكن فيلم الشيخ، كما كتبه المخرج مع علي الزرقاني، يختلف في صلب الحكاية وبالاستعانة بفتاة صغيرة تؤدي الدور الأول، فإن المخرج حشد التأييد العاطفي لها جنباً إلى جنب التشويق المتأتي من كيف سيستطيع البوليس المصري الاهتداء إليها أو إلى والدها المريض قبل وصولها هي إليه. الفيلم من الجودة بحد ذاته والنجاح في معالجة حبكته بحيث يستطيع الناقد إغفال بعض الأخطاء (ألم تكن هناك صيدلية قريبة من البيت مثلاً؟) والسهو عن عدد من الصدف الواقعة.
قيمة تاريخية: (ممتاز)
قيمة فنية: (ممتاز)


مقالات ذات صلة

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».