1500 مدني نزحوا من عرسال.. والقرى المحيطة تتخوف من امتداد المعارك إليها

إطلاق نار على السيارات المغادرة.. وانتشار مسلح في تلال مجاورة

ارشيفية
ارشيفية
TT

1500 مدني نزحوا من عرسال.. والقرى المحيطة تتخوف من امتداد المعارك إليها

ارشيفية
ارشيفية

انعكس التوتر في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، أمس، إثر المعارك التي اندلعت بين الجيش اللبناني ومسلحين متشددين، توترا في القرى المجاورة، تمثل في استنفار عسكري اتخذه أهالي المنطقة المؤيدة بأغلبها لـ«حزب الله» اللبناني، خوفا من امتداد الاشتباكات إلى جرود القرى، فيما رصدت حركة نزوح من القرى المسيحية المحاذية للبلدة، بالتزامن مع نزوح 1500 شخص من سكان عرسال، هربا من الاشتباكات.
وتضاعفت أعداد النازحين من سكان عرسال النازحين من البلدة، بشكل قياسي في فترة ما بعد الظهر، مع اقتراب المعارك من المناطق المأهولة بالمدنيين. وبعد تسجيل خروج نحو 50 سيارة من السكان، تقل أطفالا ونساء من المنطقة، في فترة الظهر.. ارتفعت أعداد النازحين إلى حدود الـ300 سيارة في فترة ما بعد الظهر، وما يقارب الـ1500 شخص خرجوا من البلدة.
وعبر هؤلاء حاجز الجيش اللبناني في منطقة عين الشعب على مدخل عرسال، وقد اتخذ عناصر الجيش إجراءات لمنع فرار مسلحين مطلوبين من البلدة.
واتجهت السيارات نحو المناطق الأكثر أمنا في قرى وبلدات البقاع الأوسط والشمالي، بينما اعترض المسلحون عددا آخر من النازحين لمنعهم من الخروج من البلدة وسط مناشدة من الأهالي بهدنة للخروج من عرسال. وقال م. الحجيري (55 سنة) لـ«الشرق الأوسط» إن بعض المسلحين الذي دخلوا إلى الأحياء المدنية «يحاولون منعنا من الخروج ليتجنبوا القصف لولا تصدي الأهالي لهم»، مشيرا إلى مسلحين «يحكمون سيطرتهم على أحياء داخلية في البلدة»، مؤكدا أن معظم هؤلاء «غرباء وليسوا من أبناء البلدة».
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن وتيرة خروج المدنيين بواسطة السيارات تراجعت في الساعة الرابعة عصرا، «بعد تعرض عدد من السيارات لإطلاق نار من المسلحين لمنعهم من مغادرة البلدة»، لافتة إلى أن «حركة النزوح مشيا على الأقدام توقفت اعتبارا من الساعة الخامسة عصرا بسبب حدة الاشتباكات، فيما طلب الجيش من الإعلاميين إخلاء مكان وجودهم على الطريق المؤدي إلى عرسال من جهة بلدة اللبوة، حرصا على سلامتهم».
في هذا الوقت، سجلت حركة نزوح من المناطق المحاذية لعرسال، خوفا من امتداد المعارك إليها، أو وصول رشقات نارية وقذائف مدفعية إلى منازل الأهالي. ورغم أن حركة النزوح ضعيفة، فإن لبنانيين يسكنون في بلدان اللبوة، والفاكهة والنبي عثمان والعين ورأس بعلبك، قرروا النزوح باتجاه مناطق البقاع الشمالي بشكل خاص. وتقول ندى (40 سنة) التي خرجت من رأس بعلبك إلى مدينة الهرمل لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفرار مع الأطفال في هذه الظروف هو القرار الصائب، تجنبا لوقوع أي حادث»، مشيرة إلى «أننا متخوفون من استهدافنا بالصواريخ، كما جرى في مرات سابقة».
وكانت بلدات لبنانية، محاذية لعرسال، تعرضت في السابق لسقوط صواريخ مصدرها السلسلة الشرقية الحدودية بين لبنان وسوريا، ما أدى إلى مقتل وجرح أشخاص وتحديدا في بلدة اللبوة التي يغلب على سكانها التشيع. وتحيط بعرسال، التي تسكنها أكثرية سنية مؤيدة للمعارضة السورية قرى وبلدات مسيحية وأخرى تسكنها أغلبية شيعية مؤيدة لـ«حزب الله».
وتبنت مجموعات متشددة تقاتل في القلمون بسوريا إطلاق الصواريخ، قائلة إنها تأتي ردا على تدخل الحزب في القتال بسوريا.
وإلى جانب النزوح، برز تطور آخر في جرود تلك المناطق، حيث سجلت حركة استنفار مسلح لمواطنين يسكنون المناطق المحيطة بعرسال، في جرود المنطقة، وسط معلومات قالها الأهالي إن مسلحين مقربين من «حزب الله» استنفروا في جرود البلدات الشيعية.
وقال مصدر محلي رفض الكشف عن اسمه إن شبانا في المناطق المسيحية والشيعية «رابضون على التلال ومشارف القرى خشية وصول المسلحين إلى بلداتهم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم