أكثر الإرهابيين الأميركيين ليسوا مهاجرين

على عكس الاعتقاد السائد في الولايات المتحدة

مهاجرون على متن شاحنة تنقل الدجاج متجهة الى الولايات المتحدة (رويترز)
مهاجرون على متن شاحنة تنقل الدجاج متجهة الى الولايات المتحدة (رويترز)
TT

أكثر الإرهابيين الأميركيين ليسوا مهاجرين

مهاجرون على متن شاحنة تنقل الدجاج متجهة الى الولايات المتحدة (رويترز)
مهاجرون على متن شاحنة تنقل الدجاج متجهة الى الولايات المتحدة (رويترز)

عارض تقرير، نشر أول من أمس، الاعتقاد الأميركي العام بأن الإرهابيين في الولايات المتحدة هم من شعوب العالم الثالث، سواء مهاجرين، أو طلاباً، أو زواراً. وقال التقرير، الذي أصدرته مؤسسة راند (في ولاية كاليفورنيا): «عادةً، تكون الصورة التي تتبادر إلى الذهن الأميركي عن الإرهابي هي صورة شخص ذي بشرة سمراء اللون، وله خلفية مهاجرة، وتكون له روابط بالشرق الأوسط، أو جنوب آسيا، أو شمال أفريقيا». لكن، قال تقرير «راند»، بعنوان «ظواهر انجذاب الأميركيين إلى منظمات إرهابية أجنبية من هجمات التاسع عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، إلى اليوم، في عصر داعش»: «وجد الباحثون أنه، خلال السنوات الأخيرة، كانت أكثر الخصائص الديموغرافية إثباتاً هي أن المتهم الإرهابي، بدافع من (الإسلام المتطرف) كان أميركياً، مولوداً في الولايات المتحدة، وإما أبيض، أو من أصل أفريقي».
وأضاف التقرير: «مع تغير طبيعة الإرهاب، سواء من الناحية الآيديولوجية، أو تحت تأثير التكنولوجيات الجديدة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، بدا متوسط (التشدد) في الولايات المتحدة أقل شبهاً من نوع الشخص الذي يريد الرئيس دونالد ترمب حظره من البلاد».
وإن هدف ترمب يمكن أن يسبب «نتائج لها آثار خطيرة على سياسات الهجرة، مثل ما يسمى حظر دخول المسلمين، الذي يفترض أن الإرهاب ينبعث بشكل طبيعي من المجتمعات المهاجرة، ولا سيما من الشرق الأوسط». وحددت دراسة معهد «راند» 476 شخصاً متورطين في قضايا «الإرهاب الأصولي» في الولايات المتحدة خلال 16 عاماً بعد هجمات 11 سبتمبر. كان من بين هؤلاء 206 من أصل شرق أوسطي، أو جنوب آسيا، أو شمال أفريقيا. يمثل هذا نحو 43 في المائة من الحالات. لكن، تشير الدراسة إلى أن هذا الرقم، بصورة «تدعو للدهشة»، يتجه نحو الانخفاض مع مرور الوقت. وأنه، اعتماداً على النسبة المئوية: «انخفض عدد الأفراد المنحدرين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا خلال السنوات الأخيرة الماضية». وقال التقرير: «يبدو أن الدافع الرئيسي لهذه الظاهرة هو ظهور تنظيم داعش»، خلال السنوات من 2014 إلى 2016، التي سماها التقرير «سنوات الذروة لتجنيد تنظيم داعش في الولايات المتحدة». وجدت الدراسة، أن أكثر ما يسمى «المجندين الإرهابيين الجهاديين» كانوا من الأميركيين البيض، أو الأميركيين الأفارقة، ووصف التقرير هؤلاء بأنهم «لا يرتبطون بشكل عام بالهجرة»، أي أن أكثرهم ولدوا في الولايات المتحدة، أو أن آباءهم وأمهاتهم هم الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة، وليسوا هم. حسب التقرير، خلال تلك السنوات الثلاث، جاءت نسب 79 في المائة و57 في المائة و62 في المائة من حالات «الإرهاب الجهادي» من هاتين المجموعتين، حسب كل سنة بالتتالي. وقال التقرير: «تظهر النتائج أن الصورة النمطية الشائعة لمن يصبح متشدداً محلياً في عصر (داعش) تتناقض مع البيانات الفعلية، ولعل أبرز هذه النتائج هي أن الأفراد المتطرفين بسبب نفوذ (داعش) لا ينتمون عرقياً أو عنصرياً إلى منطقة الشرق الأوسط، أو شمال أفريقيا أو جنوب آسيا».
وحسب ما كتبه هيثر ويليامز، وناثان تشاندلر، وإيريك روبنسون، وهم خبراء في معهد «راند» الذين قادوا فريق الدراسة التي استمرت سنوات، فإن نسبة 26 في المائة فقط من هؤلاء الإرهابيين يلائمون الصورة النمطية في أذهان الأميركيين. وأن نحو 65 في المائة من الأميركيين الذين تم جذبهم إلى «داعش» منذ عام 2013 كانوا إما أميركيين بيضاً، أو أميركيين سوداً. تدعم هذه الدراسة ما يقوله أكثر خبراء الإرهاب منذ فترة طويلة. «لا يوجد حل واحد للتهديد الذي تواجهه مجموعات مثل «داعش». قال ذلك أمناث أماركاسام، وهو خبير في مكافحة الإرهاب في مركز «ستراتيجيك ديالوغ» (الحوار الاستراتيجي) في واشنطن.


مقالات ذات صلة

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

سلطات طرابلس تضبط 40 باكستانياً قبل تهريبهم إلى أوروبا

يقول «جهاز دعم الاستقرار» الليبي بطرابلس إنه «تم جلب هؤلاء المهاجرين عبر تشكيل عصابي دولي يتقاضى 20 ألف دولار أميركي من كل مهاجر مقابل إرساله إلى ليبيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي قوات بحرية مصرية تحبط محاولة هجرة غير شرعية لمركب بالبحر المتوسط (المتحدث العسكري)

الجيش المصري يحبط محاولة هجرة غير شرعية عبر البحر المتوسط

أعلن الجيش المصري، الاثنين، تمكنه من إحباط محاولة هجرة غير شرعية لمركب على متنه 63 فرداً، بينهم 3 سودانيين، بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من المهاجرين المصريين (جهاز مكافحة الهجرة)

الإعلان عن «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة بشرق ليبيا

قالت سلطات أمنية بشرق ليبيا إنها نجحت في «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة في عملية وصفتها بـ«المُحكمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.