ابن كيران: تشكيل الحكومة فوت الفرصة على الساعين لجر المغرب للعودة إلى التوتر والاضطراب

العثماني يقول لمن يراهن على انشقاق «العدالة والتنمية» إن انتظاره سيطول من دون الوصول لمبتغاه

عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية.
عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية.
TT

ابن كيران: تشكيل الحكومة فوت الفرصة على الساعين لجر المغرب للعودة إلى التوتر والاضطراب

عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية.
عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية.

أعلن عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، أن الائتلاف الحكومي السابق تعرض «لاستهداف ممنهج من أجل تفكيكه وشله وعزله»، عادا أن «المحصلة النهائية كشفت عن صمود استثنائي أدى إلى صد مخططات الاستفزاز والاستدراج والاستنزاف».
وقال رئيس الحكومة المغربية أمس السبت، خلال تلاوته للتقرير السياسي أمام الدورة العادية للمجلس الوطني (برلمان) للحزب، التي نظمت تحت شعار «البناء الديمقراطي صمود والتزام»، إن النجاح في تكوين الحكومة الثانية «عبر تعديل حكومي هادئ وسلمي وبطريقة ديمقراطية»، فوت الفرصة على من سعوا إلى جر المغرب إلى ما شهدته دول أخرى من عودة التوتر والاضطراب. وأقر ابن كيران بأنه فضل تجنب اللجوء إلى خيار الانتخابات السابقة لأوانها، عادا أن «عواقبها تبقى مفتوحة على المجهول في مثل هذه الأحوال».
ورفع ابن كيران شعار الوحدة وتقوية البيت الداخلي لمواجهة أي انتقادات لاذعة على خلفية الرجة التي عرفها حزب العدالة والتنمية جراء الأزمة الحكومية التي انتهت بخروج حزب الاستقلال من الغالبية والتحاقه بالمعارضة، وقال إن ما يجري تداوله حول قرب حدوث انشقاق داخل حزبه هو محاولات «كئيبة»، مؤكدا أن الحزب «لن يعرف أي انشقاق أو فرقة»، محذرا في الآن ذاته من أي خطوة في هذا الاتجاه، وقال «من أراد ذلك فسيجد نفسه وحيدا».
وأبرز ابن كيران أنه «بعد مرور ثلاثة أشهر على تشكيل التحالف الجديد تمكنت الحكومة من استرجاع الآمال. بعد أشهر من ممارسات التضليل والتشويش والخلط وإثارة القضايا الهامشية وافتعال المعارك الهامشية»، عادا أن الحصيلة العامة لحكومته كانت إيجابية رغم التشويش والحرب الإعلامية.
بيد أن ابن كيران دعا أعضاء المجلس الوطني لقراءة حصيلة حكومته ضمن الطابع الاستثنائي لسنة 2013 التي شهدت مجموع التحولات المتسارعة الخارجية والوطنية وكذا المواقف السياسية المستجدة، والتي كانت لها آثار كبيرة على سير التجربة السياسية الحكومية، مشيرا إلى أن هذا السياق «فرض تغيير تركيبة الأغلبية المساندة لضمان استمرار الحكومة برئاسة حزب العدالة والتنمية».
ووجه ابن كيران رسائل مشفرة للمعارضة، وقال إن المغرب في حاجة لمعارضة قوية بما يتطلبه ذلك من تحديد الموقف»، متهما بعض معارضيه الذين لا «يرون في السياسة سوى التنازع، بل ويريدوننا أن ننازع بدلهم، ونحن لسنا سدجا»، داعيا معارضيه إلى «تحديد موقفهم بوضوح من مسلكيات سياسية تسعى لاستدراج القوى السياسية إلى أتون المزايدات الهامشية وإضعاف الثقة في العمل السياسي»، مؤكدا أن هذه المسلكيات «لن تثنينا عن تحمل مسؤوليتنا في القيام بالإصلاحات اللازمة، في إطار التشارك والتعاون الوثيق بين أحزاب الأغلبية وتوسيع الشراكة بين مكوناتها، والانفتاح على المعارضة المسؤولة والهيئات النقابية والمجتمع المدني».
ونصح ابن كيران وزراء وبرلمانيي حزبه بالاستمرار في أوراش الإصلاح، وقال «لم نأت لنقضي أياما ونخرج بمغانم، بل جئنا لمواجهة الفساد والاستبداد، ومنطق المرحلة يقول بذلك»، داعيا لتقديم المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية بالقول «ما فائدة حزب ناجح في دولة تغرق؟».
من جهته، نفى سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب، وجود تهديدات بحدوث انشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية، وقال «الذين ينتظرون حدوث الانشقاق في الحزب سيطول انتظارهم من دون الوصول لمبتغاهم»، مضيفا أن «الاختلاف في وجهات النظر والآراء والتحليل وسط الحزب لا يعني الانشقاق».
وعد العثماني حزبه «ليس حزبا ستالينيا جامدا»، مؤكدا أن «النقاش الداخلي العميق والمسؤول هو الضمانة لوحدة الحزب». ودعا العثماني أعضاء برلمان الحزب للعمل على ضمان «استمراره موحدا وقويا ومحافظا على خطه للقيام بالإصلاحات». وأبرز العثماني أن المرحلة التي يمر بها المغرب تحتاج إلى ترسيخ المزيد من التوجهات الديمقراطية وفق معايير الدستور واحترام حقوق المواطنين. وحث «جميع أعضاء الحزب على الوعي بالتحديات التي يمر بها المغرب»، مشيرا إلى أن «الحزب اختار الوقوف في صف مصلحة واستقرار وازدهار الوطن».
على صعيد آخر، يحل ابن كيران، الثلاثاء المقبل، بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، في إطار جلسة المساءلة الشهرية. وقررت فرق الأغلبية حسب بيان لمجلس النواب مساءلة رئيس الحكومة في موضوع «برنامج تحدي الألفية»، فيما اختارت المعارضة المساءلة حول السياسة العامة المتبعة بخصوص تجميد الحوار الاجتماعي وانعكاساته على السلم الاجتماعي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».