تتطلع دبي لبناء قطاع سياحي يكون أحد روافد الاقتصاد الوطني، من خلال التركيز بشكل أكبر على القطاعات غير النفطية، وذلك من خلال إعادة صياغة النهج المتبع، لمعرفة الحقائق السوقية الجديدة، والتحديات المتوقعة في المستقبل، وخلق فرص حقيقية للنمو لجميع الأطراف في قطاع السياحة، والذي سيحفّز الاستثمارات الدولية للمساهمة في تنمية القطاع على المدى الطويل.
هلال المري، المدير العام لدائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي، يقول في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن الدائرة تعمل على مواصلة اعتماد خمس استراتيجيات رئيسية، تتضمن تعزيز قوة البيانات، وإعادة تعريف رحلة الزائر، والريادة في تغيير وسائل الاتصال، لتعزيز العلامة التجارية، ورفع حصص تجربة السفر، واستكشاف طرق جديدة للابتكار.
وأضاف المري أن حجم قطاع السياحة في دبي يقدر بنحو 109 مليارات درهم (29.6 مليار دولار) في عام 2017، موضحاً أنه ينتظر مواصلة نموه ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لدبي، كما تحدث عن استرجاع ضريبة القيمة المضافة للزوّار، والتي ستزيد من تنافسية القطاع عالمياً.
وإلى نص الحوار:
> ما استراتيجية دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي (دبي للسياحة) خلال الفترة المقبلة؟
- تستمر «دبي للسياحة» في إطلاق الحملات الترويجية على مدار العام، والتي تحظى بدعم جميع الشركاء والجهات المعنية من القطاعين العام والخاص، فبالإضافة إلى المشاركة في أهم الأحداث والمعارض السياحية حول العالم، والقيام بالجولات الترويجية، تتعاون «دبي للسياحة» مع شخصيات مشهورة ضمن حملاتها، تتسم بالإبداع ومخاطبتها للأسواق المستهدفة.
ومن بين أبرز تلك الحملات إطلاق نسختين من الفيلم الترويجي «كن ضيفي»، والذي حقق نجاحاً عالمياً كبيراً، كما أحرز الفيلم كثيراً من الجوائز العالمية. وجاءت نسختا الفيلم للترويج لدبي في السوق الهندية، التي تعتبر أضخم سوق مصدّرة للزوار إلى دبي، وستأتي النسخة الجديدة من فيلم «كن ضيفي» استكمالاً لما حققه الفيلم من نجاحات، ولكن هذه المرة مع شخصية جديدة لا تقل شعبية عن الأولى، وسيتم الإعلان عنها قريباً. وتتمحور الفكرة الأساسية للسلسلة الجديدة من الفيلم الترويجي حول ما تتمتع به دبي من تجارب متنوعة ترقى إلى اهتمامات الزوار وتلبي أذواقهم.
كما قمنا في شهر مايو (أيار) الماضي، بتوقيع عدد من الاتفاقيات مع كبرى الشركات التكنولوجية الصينية، بهدف توحيد الجهود لترسيخ مكانة دبي كوجهة مفضلة لدى الزوّار من الصين، بالإضافة إلى إطلاق عدد من المبادرات والحملات الترويجية التي تعزّز تجربة الزائر الصيني في دبي، من خلال توفير محتوى مناسب عبر الأجهزة المتحركة والتطبيقات الذكية. وكذلك تتبنّى «دبي للسياحة» أحدث التقنيات وتعمل على تطبيقها عملياً، ومن بينها «جدول فعاليات دبي»، الذي يتم تحديث موقعه الإلكتروني، وتطبيق الهاتف الذكي بصفة دورية، ليقدما مصدراً مجانياً للتعرف على أفضل العروض والفعاليات التي تقام في دبي. كما قمنا بإطلاق تطبيقات الهواتف الذكية لتحسين تجربة الزوار، من خلال تقنية المرشد الصوتي للجولتين الافتراضيتين «لحظات على المترو» و«جولة الفهيدي». وتتبنى دبي للسياحة كذلك الحلول الرقمية التي تدعم وسائل التواصل الاجتماعي، ونحرص على مواصلة اعتماد خمس استراتيجيات رئيسية، تتضمن تعزيز قوة البيانات، وإعادة تعريف رحلة الزائر، والريادة في تغيير وسائل الاتصال لتعزيز العلامة التجارية، ورفع حصص تجربة السفر، واستكشاف طرق جديدة للابتكار.
وضمن «مبادرة 10X» أطلقنا مشروعاً مبتكراً، يمثل سوقاً افتراضية لفنادق المدينة، ويعتمد تقنية «البلوك تشين» لإتاحة المجال أمام الزوار الدوليين، للحصول على المعلومات بشكل مباشر، ضمن بيئة آمنة تمتاز بالشفافية، وبالتالي اتخاذ القرار المناسب من بين الخيارات الفندقية التي تقدمها المدينة.
> مع اقتراب الوصول إلى نهاية العام، ما تقييمك لقطاع السياحة في دبي العام الجاري؟
- تستمر دبي في تألقها باعتبارها الوجهة المفضلة لكثير من الزوار من شتى أنحاء العالم. ولقد شهدت عدّة أسواق أداءً ثابتاً خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2018، فيما حقّق بعضها نمواً كبيراً، وهو ما جعل دبي تنجح في استقبال نحو 11.58 مليون زائر حتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو ما يعزز من قدرة دبي على استقطاب مزيد من الزوار على مدار العام.
> كم يشكل قطاع السياحة من اقتصاد دبي؟
- يستمر قطاع السياحة في دبي، والذي قدّر حجمه بنحو 109 مليارات درهم (29.6 مليار دولار) في عام 2017، في مواصلة نموه ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لدبي. في حين تبشّر هذه الأرقام باستمرار دبي في تقدّمها لتحقيق مزيد من النمو خلال الفترة المتبقية من العام الحالي، مع تعزيز الإمارة من مكانتها كوجهة سياحية مفضّلة لدى كثير من الزوّار في مختلف الأسواق. وسنواصل العمل مع شركائنا في القطاعين العام والخاص لضمان ازدهار قطاعي الفنادق والسياحة بطريقة تتماشى مع تطلّعاتنا الاستراتيجية، لتكون المدينة الأكثر زيارة، والموصى بها، والأكثر تكراراً للزيارات في العالم، وبالتالي تحقيق هدفنا في زيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي لاقتصاد دبي.
> كيف يمكن أن يسهم قرار رد الضريبة للسياح في تعزيز القطاع خلال الفترة المقبلة؟
- إنّ تطبيق آلية استرجاع ضريبة القيمة المضافة للزوّار، سيضمن تنافسية القطاع عالمياً، ومنحه مزيداً من الزخم لتحقيق معدّلات نمو أخرى، وبالتالي ارتفاع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي.
> ما العوامل التي ستساعدكم لتحقيق رؤية دبي السياحية 2025، الرامية لاستقبال 25 مليون زائر سنوياً؟
- يرتكز عمل استراتيجية السياحة على 5 أولويات، لضمان عدم تأثر دبي بالمتغيرات الجذرية في المستقبل وقيادة التغيير في القطاع، وهي: استمرار الريادة في الأسواق «الأساسية والمتنوعة» من خلال الحفاظ على الريادة في الأسواق التي توجد بها، وزيادة النمو في الأسواق الرئيسة المصدرة للسياح، وتنويع المصادر في الأسواق التي فيها إمكانات هائلة، وخلق تجارب سياحية متكاملة «فقط في دبي» من خلال نقاط السفر، وذلك عبر الحفاظ على المقومات السياحية ذات المستوى العالمي، التي صممت بما يتناسب مع مختلف الشرائح، وتطويرها إلى تجارب متكاملة. إضافة إلى التواصل من خلال التسويق الشخصي الذكي، المبني على البيانات، من خلال تطوير مفاهيم مفصلة عن الزوار، لتحقيق التسويق الشخصي، واعتماد آلية للتطوير المستمر، وكذلك تعزيز جاذبية دبي كوجهة رائدة للأعمال، من خلال أن تصبح دبي مركزاً رئيساً لتوسعات الأعمال.
وتتوافق استراتيجية دبي السياحية مع خطط تطوير القطاع، حتى تتمكن دبي من الريادة في ظل التحوّلات الجذرية التي تشهدها معظم القطاعات الاقتصادية والأسواق العالمية؛ حيث تتطلب المرحلة المقبلة مزيداً من التكامل بين مختلف الجهات في القطاعين العام والخاص، وذلك لتنفيذ مبادرات طموحة لتعزيز القطاع السياحي، ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لدبي خلال السنوات المقبلة، فضلاً عن اعتماد أحدث التقنيات والبرامج الرائدة، مثل «البلوك تشين»، وبما يسهم في تعزيز مكانة دبي الريادية على الخريطة العالمية في مجال التكنولوجيا والتسويق المبتكر.
وذلك إلى جانب ما تزخر به دبي من مشروعات رائدة تجذب الزوار، من خلال توفير حلول تقنية متطورة وآمنة لقطاع السفر، لتقديم دبي كوجهة شاملة ومتكاملة ضمن منظومة سفر عالمية مميزة. حيث تعتمد المرحلة المقبلة من استراتيجية دبي السياحية على استدامة نمو مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لدبي، وبما يتماشى مع «مئوية الإمارات 2071»، و«خطة دبي 2021» الرامية إلى التركيز بشكل أكبر على القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وذلك من خلال إعادة صياغة النهج المتبع، لمعرفة الحقائق السوقية الجديدة، والتحديات المتوقعة في المستقبل، وخلق فرص حقيقية للنمو لجميع الأطراف في قطاع السياحة، والذي سيحفّز الاستثمارات الدولية للمساهمة في تنمية القطاع على المدى الطويل.
> مع تطوير دبي لوجهات سياحية متعددة في الإمارة، ألا تعتقد أن ذلك يؤثر على المناطق القديمة بشكل غير مباشر؟
- دبي مدينة متجدّدة دائماً، وهذا ما يجعلها مفضّلة للزوّار من مختلف أنحاء العالم، وأيضاً يساهم ذلك في تنويع مقوماتها السياحية والخيارات التي تقدمها لمختلف الفئات من الزوّار، سواء كانوا من العائلات أو من جيل الألفية. وعلى الرغم من مشروعات التطوير المستمرة تبقى الأحياء الثقافية والتراثية من المناطق التي يفضل الزوار زيارتها، وهذا ما تؤكده إحصائيات العام الماضي، التي أشارت إلى أن نسبة زوار الأحياء الثقافية والتراثية بلغت 63 في المائة من إجمالي عدد الزوار. كما تشتهر دبي بأسواقها التقليدية التي يضعها الزائر على قائمة الأماكن التي يفضل زيارتها عند مجيئه إلى دبي.
> هل ساهمت السياحة بشكل مباشر في جذب الاستثمارات الأجنبية؟
- يعتبر قطاع السياحة من القطاعات الاقتصادية التي تشكل بيئة مناسبة للاستثمار وجذب رؤوس الأموال من الخارج؛ حيث إن العائدات تعتبر مجزية في ظل النمو الذي يشهده القطاع كل عام، وهي تحفز المستثمرين على إقامة المشروعات التي تلبي الطلب المتوقع، وذلك في الوقت الذي نعمل فيه من أجل تحقيق أهداف استراتيجية السياحة 2022 - 2025، الرامية لاستقبال 25 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2025.
> هل تأثرت السياحة بفرض ضريبة القيمة المضافة خلال العام الجاري؟
- على الرغم من أن فرض ضريبة القيمة المضافة جاء مع بداية العام الجاري، ومع وجود تخوف في بداية الأمر من احتمال ارتفاع الأسعار، وتأثير ذلك على القرارات التي يتخذها الزائر، فإننا لاحظنا مع مرور الوقت استيعاب الزوار لهذا الأمر، وهو ما ساهم في تحقيق معدلات نمو خلال الأشهر الماضية. ولا شك أنه مع البدء في استرجاع قيمة الضريبة المضافة للزوار الدوليين، فإن هذا الأمر سيساهم في منح القطاع مزيداً من الزخم.
> كم يبلغ عدد الفنادق في دبي؟ وهل يمكن تقسيمها حسب التصنيف؟ وهل تعتقد أن زيادة أعداد الغرف يضغط على الأسعار مما يسبب تحديات أمام الربحية؟
- بالنسبة للسعة الفندقية، فقد شهدت الغرف الفندقية بدبي زيادة في نسبة الإشغال بنحو 3 في المائة، فيما بلغ عدد الغرف التي تم حجزها 21.89 مليون غرفة حتى سبتمبر الماضي، ووصل معدل إقامة الزائر في دبي إلى 3.5 ليلة. وارتفع عدد المنشآت الفندقية مع نهاية شهر سبتمبر إلى 706 منشآت بزيادة قدرها 4 في المائة، منها 108 منشآت 5 نجوم، و141 منشأة 4 نجوم، و262 منشأة ما بين نجمة إلى 3 نجمات. بينما ارتفع عدد الغرف الفندقية بنسبة 6 في المائة إلى 112.381 ألف غرفة، وذلك بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. وهذه النتائج تجعلنا نخطو خطوات ثابتة نحو تحقيق طموحنا في أن تصبح دبي المدينة الأكثر زيارة على مستوى العالم. ولقد شهدت العروض والمقوّمات السياحية لدبي تطوّرات مهمّة، لتلبّي متطلّبات السوق، وتسهم في زيادة جاذبية الإمارة لدى مختلف الشرائح المستهدفة من الزوّار في جميع الأسواق الرئيسية. وفيما يتعلق بالأسعار، فتحددها آلية السوق، العرض والطلب، مع العلم بأن دبي تحرص على توفير الخيارات التي تناسب مختلف الميزانيات.
رئيس دائرة السياحة بدبي: نعمل ليكون القطاع أحد روافد الاقتصاد الوطني
المري أكد أن عوائدها توفر بيئة مناسبة للاستثمار وتجذب رؤوس الأموال من الخارج
رئيس دائرة السياحة بدبي: نعمل ليكون القطاع أحد روافد الاقتصاد الوطني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة