واصلت الكوريتان اتخاذ خطوات ملموسة للتقارب، رغم الجمود الذي تشهده المفاوضات المتعلقة بنزع السلاح النووي منذ قمة دونالد ترمب وكيم جونغ أون، وقمَّتي الأخير مع مون جاي إن. ونظّمتا أمس احتفالاً رمزياً لتدشين أشغال ربط وإصلاح شبكتي السكك الحديدية والطرق في شبه الجزيرة المقسومة، بينما تمارس بيونغ يانغ ضغوطاً على سيول لتنفيذ المزيد من المشاريع المشتركة رغم العقوبات المفروضة على الشمال، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وكان الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون اتفقا على تنظيم هذا الاحتفال قبل نهاية العام الحالي، خلال القمة الثالثة التي عُقِدت بينهما في سبتمبر (أيلول) الماضي. وحرصت سيول على تأكيد أن هذه المراسم لا تشكّل بدء الأشغال فعلياً لإعادة ربط الشبكتين وتحديثهما.
وصرَّح متحدث باسم وزارة التوحيد الكورية الجنوبية بأن هذه الخطوة تشكل «دليلاً» على «التزام البلدين» بالمشروع، مؤكداً أن الأشغال ستكون مرتبطة «بتحقيق تقدُّم في نزع السلاح النووي للشمال والظروف المتعلقة بالعقوبات».
لكن كيم يون هيوك، المسؤول الكبير في هيئة السكك الحديدية بكوريا الشمالية، أكد مجدداً موقف بيونغ يانغ التي تطلب من سيول التوقف عن انتهاج سياسة واشنطن، بمواصلة فرض العقوبات على بلاده حتى التخلي عن أسلحتها النووية.
وقال كيم يون هيوك في الاحتفال الذي عُقِد بمحطة قطار بانوم في مدينة كايسونغ الحدودية في كوريا الشمالية: «إذا واصل (الجنوب) متابعة مزاج طرف آخر وواصل التردد، فلن يتحقق التوحيد أبداً».
بعدها بدقائق معدودة، اصطف عشرة مسؤولين من البلدين على شريط السكة الحديد، وسحبوا رافعات صفراء لربط مسارات السكة الحديد، في إجراء رمزي. وعبّر البعض عن تخوفهم من أن يشكل القطار والبضائع التي قد ينقلها انتهاكاً للعقوبات المفروضة على الشمال بسبب برامجه النووية الباليستية. لكن الصحف المحلية ذكرت أن مجلس الأمن الدولي منح استثناء للحدث.
وبهذا الإجراء الرمزي، توّج الجانبان مفاوضاتهما هذا الشهر بخصوص ربط السكك الحديدية والطرق بين البلدين. وخصصت كوريا الجنوبية نحو 620 ألف دولار لهذا الأمر.
وفي ساعات الصباح الأولى، غادر قطار خاص يتألف من تسع عربات ويقل نحو مائة كوري جنوبي، بينهم مسؤولون كبار وخمسة أشخاص مولودون في الشمال، محطة القطارات في سيول متوجهاً إلى مدينة كايسونغ الحدودية في كوريا الشمالية.
وكُتب على القطار الأحمر والأبيض والأزرق شعار «لندشن معاً عصر سلام ورخاء بربط السكك الحديدية والطرق بين الجنوب والشمال». وتظاهر نحو عشرة أشخاص رافعين لافتات كُتِبت عليها عبارات تصف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بـ«الديكتاتور القاتل»، وتدين ربط شبكتي السكك الحديدية، الذي يشكل، برأيهم، مؤشراً إلى تحول شبه الجزيرة برمتها إلى نظام شيوعي. وبعد ساعتين، بث التلفزيون الكوري الجنوبي صورة يظهر فيها القطار عند وصوله إلى كايسونغ حيث جرى الاحتفال. وجاء الاحتفال بينما تسارع واشنطن من جهودها لإقناع بيونغ يانغ بالتخلي عن أسلحتها النووية.
وبعد تقارب سريع، العام الماضي، بلغ ذروته بعقد قمة سنغافورة التاريخية، لم يتم إحراز تقدم إضافي مع اتهام كل طرف للآخر بالتراجع والتصرف بسوء نية.
ويقول معارضون إنّ بيونغ يانغ لم تقدم التزامات قوية بالتخلي عن أسلحتها النووية، ومن غير المرجح أن تفعل ذلك، في حين تثير سياسة واشنطن بمواصلة الضغط عبر العزل والعقوبات غضب بيونغ يانغ. وأعلن الرئيس ترمب، الاثنين الماضي، أنه «يتطلع» إلى عقد قمة ثانية مع كيم تقول واشنطن إنها قد تُعقد «بعد رأس السنة». وجاءت تصريحات ترمب على «تويتر» إثر لقائه ممثل الولايات المتحدة الخاص لدى كوريا الشمالية، ستيفن بيجان، الذي اختتم، السبت، زيارة استمرت ثلاثة أيام لسيول.
وقالت سيول إنها تتوقع حضور ممثلين عن قطاعات النقل روسيين وصينيين ومنغوليين وعدد من السفراء الأجانب، على أمل أن يتم ربط شبه الجزيرة الكورية يوما ما مع أوروبا عبر سكك حديد سيبيريا وعبر الصين ومنغوليا. لكن خبراء قالوا إنّ البنى التحتية للسكك الحديد في كوريا الشمالية متهالكة، وقد يستغرق الأمر عقوداً طويلة ويكلّف مليارات الدولارات لتحديث وربط شبكتي السكك الحديدية بين البلدين.
خطوات رمزية لتعزيز التقارب الكوري ـ الكوري رغم جمود المفاوضات
احتفال رمزي قبل تدشين أشغال شبكتي السكك الحديدية المشتركة
خطوات رمزية لتعزيز التقارب الكوري ـ الكوري رغم جمود المفاوضات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة