فصائل معارضة في السويداء تتوحد رداً على مطالب دمشق

TT

فصائل معارضة في السويداء تتوحد رداً على مطالب دمشق

أظهر شريط مصور بثه ناشطون في السويداء جنوب سوريا الثلاثاء اندماج 10 فصائل محلية في السويداء ضمن تشكيل واحد، خلال اجتماعها في بلدة المزرعة بريف السويداء الغربي في منزل مؤسس حركة «رجال الكرامة» الشيخ وحيد البلعوس.
وقالت مصادر محلية في السويداء إن الفصائل هي فصائل محلية منتشرة في أرياف مدينة السويداء ومركز المدينة وتضم العشرات من أبناء السويداء، وهي مجموعات (المقرن الشرقي، ونشامى الجبل، وقوات المقرن الغربي، وسرايا الكرامة، وفدائيي السويداء، ودرع الجبل، ومغاوير الكرامة، وقوات الفهد، وقوات شيخ الكرامة، وقوات شهبا، ومجموعة السلمان، ومجموعة المقرن القبلي، ومجموعة أحرار القريا، ومجموعات المدينة).
وأكدت الفصائل «رفع جاهزيتها، ورفض وصفها بالفصائل الإرهابية والمتعصبة، ورفض المساومة على السلاح الذي يحملونه على اعتبار أن فيه أمنهم». كما أعلنت وقوفها «ضد حملات الدهم والاعتقال بحق أبناء السويداء، وسوق شباب المحافظة على الرغم عنهم للخدمة في الجيش السوري، والدفاع عن كرامة أهالي الجبل بمختلف طوائفهم».
الناشط نور رضوان مسؤول «شبكة السويداء 24» المعنية بنقل أخبار السويداء المحلية أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن بيان الفصائل المحلية في السويداء جاء بعد توتر يسود الآونة الأخيرة في المحافظة، واجتماع شخصيات دينية ومدنية من السويداء مع اللجنة الأمنية في دمشق، وظهور إجراءات أمنية جديدة داخل المحافظة تقوم بها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، وسط معلومات متضاربة عن أهدافها، على أنها لضبط الوضع الأمني المنفلت في المحافظة، أو لتسهيل القبض على جميع المطلوبين بقضايا مختلفة، من ضمنهم المتخلفين عن الخدمة في الجيش السوري، إضافة إلى طلب النظام السوري في نزع السلاح من الفصائل المحلية في السويداء الممثلة بقوات شيخ الكرامة والفصائل الأخرى، واعتبارها فصائل طائفية، وإرسال قوائم جديدة شملت أسماء آلاف المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية من أبناء المحافظة، الذين رفضوا الالتحاق بالجيش السوري طيلة السنوات السابقة.
وأضاف الرضوان أن السويداء «باتت على طاولة المباحثات مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام التي يشرف عليها جهاز الأمن الوطني برئاسة علي مملوك، حيث دعت الأخيرة شخصيات من السويداء خلال الأيام الماضية، لبحث مشكلات المنطقة للبدء بإيجاد حلول في المحافظة، وكان سلاح الفصائل المحلية، والانفلات الأمني، وقضية المتخلفين عن الخدمة في الجيش أبرز المشكلات التي طرحتها اللجنة الأمنية التابعة للنظام لوجهاء السويداء الذين حضروا المباحثات مع اللجنة».
وأشار إلى أن اللجنة الأمنية ترى أن قضية نزع سلاح الفصائل المحلية العائق الأول للحلول الممكنة، وأن وجود السلاح وانتشاره ساعد على انتشار الانفلات الأمني في المحافظة. وطالبت بضرورة سحب السلاح من هذه الفصائل في إشارة للفصائل المحلية في السويداء، كما طرحت اللجنة على الممثلين عن السويداء إمكانية تسوية أوضاع الفصائل المحلية وعناصرها وضمان عدم ملاحقتهم أمنياً، أو انضمامهم إلى تشكيلات يشرف عليها الجيش السوري.
تابع أن بيان الفصائل وانتشار العبارات والشعارات المناهضة للنظام في ريف المحافظة الجنوبي «جاءت كردة فعل على مطالب اللجنة الأمنية بنزع السلاح من الفصائل المحلية التي - لم تحارب ضد النظام - واعتبارها فصائل طائفية، والخوف من الاحتمالات المفتوحة على السويداء والخزان البشري الذي تحويه من آلاف المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية، والمطلوبين بسبب مواقفهم السياسية، وخصوصاً بعد الهجمات الأخيرة لتنظيم داعش على المحافظة بعد نقلهم من جنوب دمشق».
ولم تقم الفصائل المحلية بأي عمل مضاد للنظام وأجهزته الأمنية منذ تشكيلها، وهي فصائل تم تشكيلها من أبناء المحافظة ذات الغالبية الدرزية، وتنتشر في مناطق متفرقة في المحافظة. وبدأ تشكيل هذه الفصائل منذ عام 2011 مع اندلاع الحرب في سوريا، وبقيت هذه الفصائل محافظة على اتخاذ موقف محايد من الأزمة السورية رافضة الانحياز لأي طرف. كما رفضت منذ بدايتها التجنيد الإجباري لشباب المحافظة في جيش النظام السوري، واعتقال شباب السويداء في أفرع النظام، ولم تقف ضد الملتحقين طوعاً بقوات النظام والجيش، وهي تشكيلات غير مسجلة لدى صفوف قوات النظام السوري وغير موجهة من قبله، ولا تتفق مع حالة تشكيلات النظام كاللجان الشعبية والدفاع الوطني وغيرها بالقتال معه في الجبهات على كل الأرض السورية، ويقتصر نشاطها في محافظة السويداء ضد أي تهديد يحيط بها وبأبنائها حتى من النظام نفسه، ولم يسجل لها الخروج خارج المحافظة في عملها العسكري، بل فقط عملت تحت شعار (حماية الأرض والعرض)، وحماية شباب المحافظة من الملاحقات الأمنية والعسكرية.
ويرى مراقبون أن النظام السوري يسعى لتشكيل حالة جديدة في السويداء لجعلها داخل إرادته وسيطرته الفعلية، كحال باقي محافظات سوريا التي يسيطر عليها، وإنهاء حالة النأي بالنفس والعودة إلى حال ما قبل اندلاع الحرب، وأنها بدأت تعيش هذه المرحلة الجديدة في أمورها الأمنية والمدنية والعسكرية، منذ هجمات تنظيم داعش على المحافظة، والتفكير خلافاً لما تسير عليه سابقاً، حيث أكد ذلك المطالب الأخيرة للجنة الأمنية التابعة للنظام لإيجاد حلٍّ لسحب السلاح من أبناء السويداء، وسوق الشباب للخدمة العسكرية، ومطالب الوفد الروسي الذي زار السويداء أواخر يونيو (حزيران) الماضي من هذا العام 2018. لإقناع وجهاء المحافظة الدرزية، بتفعيل دور النظام في السويداء، وإنهاء الحالة العشوائية والانفلات الأمني الذي تعيش به، واعتبر الوفد الروسي حينها الفصائل المحلية في السويداء «تشكيلات إرهابية» ويجب حلها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.