مدنيون فروا من بلدة هجين: «داعش» استخدمنا دروعاً بشرية

20 ألفاً تمكنوا من مغادرتها في الشهور الأخيرة

لقطة عامة لمخيم الهول بالحسكة (الشرق الأوسط)
لقطة عامة لمخيم الهول بالحسكة (الشرق الأوسط)
TT

مدنيون فروا من بلدة هجين: «داعش» استخدمنا دروعاً بشرية

لقطة عامة لمخيم الهول بالحسكة (الشرق الأوسط)
لقطة عامة لمخيم الهول بالحسكة (الشرق الأوسط)

يروي سعدون، الرجل الخمسيني المتحدر من بلدة هجين بريف البوكمال الواقعة أقصى شرق دير الزور، كيف فرَ مع عائلته بعدما استخدمهم عناصر تنظيم داعش المتشدّد دروعاً بشرية، خلال معركة طرده من الجيب الأخير الخاضع لسيطرته في سوريا. رحلة الهروب استغرقت 10 أيام سلكتها العائلة كحال غالبية الذين يفرون من مناطق سيطرة التنظيم، مشياً على الأقدام وسط الصحراء وبين الألغام لتكون وجهتهم «مخيم الهول».
بكلماتٍ مبعثرة وصوتٍ مبحوح بدا عليه التعب وإصابة بنزلة برد جراء قضاء ليالٍ في العراء، طلب سعدون في بداية حديثه ذكر اسمه الأول، فقط، خوفاً على من تبقى من أهله في مسقط رأسه، وأكد أنه لا يعلم شيئاً عن مصيرهم. وأضاف: «قبل نحو شهر عندما وصلت المعركة لأطراف هجين، أجبرنا مسلحو داعش تحت تهديد السلاح، على الخروج منها، ليأخذونا عبر سيارات كبيرة إلى بلدة السوسة المجاورة».
وعندما أدرك هو وبقية عائلته أن نيران المعارك ستطالهم، اتخذوا قراراً بالفرار. يستذكر تلك اللحظات التي كادت أن تودي بحياته ومن معه ويقول: «كّنا نشاهد كيف يقوم طيران التحالف بقصف مواقع التنظيم، وتصلنا أخبار انهيارات في صفوف (داعش)، على إثرها قررنا الهرب والخلاص بأرواحنا، صراحة كان قراراً جريئاً».
تحت صيوان كبير ضم مئات النازحين الجدد في مخيم الهول الواقع على بعد 40 كيلومتراً شرقي مدينة الحسكة، جلس سعدون وزوجته وأبناؤه ينتظرون إدارة المخيم تخصيص خيمة للأسرة الوافدة حديثاً. كانت العائلة على يقين أن الرحلة ستكون محفوفة بالمخاطر. تقول زوجته أسماء (41 سنة): «عندما هربنا كنا نقفز فوق الجثث، لم نصدق أننا سنفلت من موت محقق».
وبلدة هجين كان يسكنها قبل 2011 قرابة 38 ألف نسمة، إلا أن معظمهم هربوا منها جراء الأعمال القتالية المحتدمة منذ أشهر. ويقدر سكان البلدة عدد المدنيين الذين استخدمهم عناصر تنظيم (دعش) كـ«دروع بشرية»، أكثر من 10 آلاف شخص. من هؤلاء منال (35) عاماً، التي تحدثت عن عشرات الكيلومترات قطعوها وسط الصحراء بمساعدة مهربين محليين تقاضوا أجوراً عالية، لكن قبل ذلك، تقول منال: «كنا في المنزل وجاء عناصر (داعش) في ساعة متأخرة من الليل، طلبوا منا الرحيل على الفور بحجة أن الكفار، على حد تعبيرهم، يهاجمون البلدة، وإنهم سيأخذوننا لمكان آمن». وأجبرت منال وزوجها وأطفالها الثلاثة أصغرهم أحمد ويبلغ من العمر 10 أشهر، على الذهاب إلى بلدة الشعفة المجاورة كحال بقية الذين أخرجوا من منازلهم تحت سطوة السلاح والتهديد.
منال وقبل خروجها من بلدتها اضطرت لبيع أثاث منزلها، وطناجر المطبخ التي كانت تحمل علامة «تيفال» الفرنسية، لإكمال المبلغ الذي طلبه المهرب بعدما ارتفعت أجور النقل ونفقات التهريب. وبعد وصولهم إلى مخيم الهول بداية الشهر الحالي، سكنت أسرة منال في خيمة تبلغ مساحتها عشرين متراً مقسمة إلى نصفين، مكان للنوم والجلوس والقسم الثاني تحول إلى مطبخ صغير، وأشارت إلى مطبخها الجديد مبتسمة: «اليوم لا أمتلك حتى طنجرة للطبخ. كان عندي مطبخ كبير وغرفة سفرة، أما اليوم نأكل بنفس المكان الذي ننام فيه. رغم ذلك نحمد الله وأشكره أننا نجونا».
وبحسب إدارة مخيم الهول، تمكن نحو 20 ألف من المدنيين في الشهور الماضية من الهروب من الجيب الأخير الذي يسيطر عليه عناصر (داعش) بريف دير الزور الشرقي. وتخوض «قوات سوريا الديمقراطية» تحالف فصائل كردية وعربية، بدعم من التحالف الدولي، منذ 10 سبتمبر (أيلول) الماضي عملية عسكرية لطرد التنظيم. وأعلنت سيطرتها على هجين منتصف الشهر الحالي، وفتحت ممرات آمنة لخروج المدنيين. والعملية العسكرية مستمرة على الرغم من إعلان الرئيس الأميركي بسحب قوات بلاده من سوريا.
وأعلنت ميشيل باشليه مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في الخامس من الشهر الحالي، أن الأمم المتحدة قلقة على مصير 7 آلاف من المدنيين الذين يحتجزهم مسلحو تنظيم (داعش) في محافظة دير الزور السورية.
ونقل عليان (62 سنة) المتحدر من قرية غرانيج بريف هجين، أن التنظيم استخدم كل من تبقى من مدنيين في مناطق سيطرته، دروعاً بشرية، وقال: «أمام عيني رأيت عنصراً داعشياً قتل شخصاً رمياً بالرصاص فقط لأنه طلب البقاء ليحمي منزله وممتلكاته، الداعشي اتهمه بالتعامل مع الكفار على حد وصفهم». عليان فقد خلال المعركة الأخيرة 7 أشخاص من أفراد عائلته: «لا أصدق أنني نجوت أنا ومن تبقى من أهلي... حمداً لله على نعمته».
مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، كانت قد أشارت إلى أنه تتوفر لدى المفوضية معلومات مفادها أن: مقاتلي (داعش) يقومون بإعدام أشخاص يشتبه بصلتهم بوحدات قوات سوريا الديمقراطية أو بالأطراف الأخرى المشاركة في النزاع.
وبحسب روايات سكان هجين ممن وصلوا إلى مخيم الهول، لا يزال عناصر التنظيم يسيطرون على بلدة الشعفة وتبعد نحو 8 كيلومترات شمال غربي البوكمال، بالإضافة إلى بلدة السوسة الواقعة على بعد 3 كيلومترات شمال غربي البوكمال، وشريط حدودي محاذٍ للحدود مع العراق وهي عبارة عن منطقة صحراوية لا يتجاوز مساحتها أكثر من 10 كيلومترات.
وقررت ماجدة (55 سنة) المتحدرة من بلدة السوسة الهروب برفقة أسرتها. اغرورقت عيناها بالدموع وهي تقول: «على الرغم من أنني أسكن تحت هذه الخيمة، لكنها أرحم من حكم (الدواعش)».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.