الجنرال الهولندي يتجول «متفائلاً» في الحديدة ومينائها

هدوء في محيط المدينة غداة زيارة رئيس «إعادة الانتشار»

الجنرال الهولندي يتجول «متفائلاً» في الحديدة ومينائها
TT

الجنرال الهولندي يتجول «متفائلاً» في الحديدة ومينائها

الجنرال الهولندي يتجول «متفائلاً» في الحديدة ومينائها

بدأ رئيس اللجنة الأممية المكلفة الإشراف على وقف النار في محافظة الحديدة اليمنية وإعادة نشر القوات الحكومية والحوثية، الجنرال الهولندي باتريك كومارت، مهامه الميدانية في مدينة الحديدة، أمس، بالتجول في الميناء وزيارة عدد من أحياء المدينة، وسط تصريحات أممية بأنه متفائل بنجاح مساعيه الرامية إلى الإشراف على تنفيذ اتفاق السويد المعزز بقرار مجلس الأمن 2451. وتزامنت أول جولة للجنرال كومارت رئيس لجنة إعادة الانتشار «آر سي سي» مع حالة من الهدوء الميداني في محيط مدينة الحديدة، ومع تصاعد للخروق الحوثية في الأنحاء الجنوبية من المحافظة، على وجه الخصوص في محيط مركز مديرية التحيتا (نحو 100 كلم جنوب الحديدة)، وذلك حسب ما أفادت به مصادر ميدانية يمنية لـ«الشرق الأوسط».
وفي الوقت الذي زعمت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها الرسمية، أن القيادات الأمنية التابعين للسلطة المحلية في الحديدة رافقوا الجنرال الهولندي خلال زيارته للميناء وبعض أحياء المدينة الشرقية بالقرب من خطوط التماس بين ميليشياتها والقوات الحكومية، أكدت مصادر محلية أن عناصر الجماعة هم من رافقوه بعد أن لبسوا زي القوات الأمنية المحلية.
وعلى الرغم من عدم إدلاء الجنرال الهولندي بأي تصريح رسمي منذ وصوله عدن ومنها إلى صنعاء يومي السبت والأحد، قبل أن يباشر مهمته الميدانية في الحديدة، أمس، إلا أن موقع الأمم المتحدة ذكر أن كومارات «يشعر بالتفاؤل إزاء الحماس العام من قبل الطرفين للعمل على الفور في تنفيذ اتفاق استوكهولم».
ونقل موقع الأمم المتحدة عن متحدث باسم المنظمة قوله إن «الأولويات خلال الأيام المقبلة ستتمثل في تنظيم أول اجتماع للجنة تنسيق إعادة الانتشار، والمتوقع أن يعقد في السادس والعشرين من الشهر الحالي».
وفي الوقت الذي يسود الكثير من الغموض حول آلية عمل اللجنة التي يترأسها الجنرال الأممي بحضور ممثلين عن الحوثيين والحكومة الشرعية (ثلاثة أعضاء من كل طرف)، إلا أن مراقبين محليين يرجحون أن تتوافق اللجنة في أول اجتماع لها على الطريقة التي سوف يتم بها تنفيذ الاتفاق خلال المدة المحددة، إضافة إلى التوافق على تفسير ما يعده الطرفان بنوداً غامضة في الاتفاق.
ويتصدر عمل اللجنة الأممية، حسب الاتفاق، الإشراف على وقف إطلاق النار الذي كان دخل حيز التنفيذ الثلاثاء الماضي، إضافة إلى انتشار القوات في المرحلة الأولى على جانبي الطريق المؤدية إلى صنعاء، من ناحيتها الجنوبية للقوات الحكومية ومن ناحيتها الشمالية للعناصر الحوثية، وهي عملياً تقع في الأطراف الشرقية للمدينة، كما تشمل الإشراف على انسحاب العناصر الحوثية من المدينة ومينائها ومينائي الصليف ورأس عيسى، وتطبيع الأوضاع في المدينة من خلال إزالة المظاهر المسلحة وفتح الطرقات، وقبل ذلك نزع حقول الألغام التي زرعها الحوثيون في المدينة والموانئ الثلاثة.
وفي المرحلة الثانية من الاتفاق، يفترض أن تحدد اللجنة الأممية أماكن أخرى لانتشار القوات الحكومية والميليشيات الحوثية، على أن تتبنى الأمم المتحدة وفريقها أدواراً رئيسية في عملية الإشراف على المدينة والميناء، وتسليمها إلى السلطات المحلية لتولي أعمال الإدارة والأمن وتوريد الأموال المحصلة إلى فرع البنك المركزي في الحديدة.
وبينما تبدو مهمة وقف خروق وقف إطلاق النار في المحافظة الساحلية المترامية الأطراف هي المهمة الأولى للفريق الأممي، بخاصة في المدينة ومينائها ومحيطها، تبقى المهمة الأكثر صعوبة في تثبيت وقف إطلاق النار في نواحي المحافظة الجنوبية، حيث تمتد جبهات المواجهة طولياً على مسافة تزيد عن 100 كلم ابتداءً من مدينة الحديدة شمالاً ووصولاً إلى مناطق مديرية التحيتا جنوباً.
وأمس ذكرت مصادر ميدانية في القوات الحكومية وشهود محليون لـ«الشرق الأوسط»، أن معارك عنيفة اندلعت في محيط مركز مديرية التحيتا، حيث تحاول الجماعة الحوثية استعادة المركز ومهاجمة الأحياء السكنية بقذائف المدفعية والصواريخ.
وهاجمت الميليشيات - بحسب المصادر - مواقع القوات الحكومية، بمختلف أنواع الأسلحة من محاور متعددة بغية التسلل إلى مركز مديرية التحيتا، قبل أن تتصدى القوات الحكومية للهجوم وترد عليه في سياق سعيها لردع عناصر الجماعة من التقدم إلى مواقعها عند أطراف البلدة الصغيرة.
وأفاد الشهود بأن الجماعة بدأت حشد قواتها في المنطقة، خصوصاً في مناطق السويق والفلاح والريمية، في محاولة لإعادة ترتيب صفوفها لشن هجوم جديد بالتوازي مع شن حملات تفتيش في أوساط السكان، وتنفيذ حملات اعتقال في حق من تعتقد الجماعة أنهم على صلة بالقوات الحكومية والتحالف الداعم لها.
ويفترض الاتفاق إعادة انتشار الحوثيين والقوات الحكومية من المدينة والميناء خلال أسبوعين من وقف إطلاق النار، على أن يكتمل انسحاب عناصرها من محيط المدينة خلال 21 يوماً من سريان وقف إطلاق النار.
وكان شهود في المدينة أكدوا تجدد الاشتباكات، الأحد، بين قوات الجيش اليمني وعناصر الجماعة الحوثية بالقرب من سوق الحلقة ومبنى سوق «سيتي ماكس» قبيل وصول رئيس الفريق الأممي إلى المدينة لمباشرة مهمته الميدانية.
ومن المقرر أن يعد الجنرال كومارت تقارير أسبوعية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن حول تطورات الأوضاع ومدى التقدم المحرز في تنفيذ الاتفاق، الذي رعته الأمم المتحدة بين الطرفين في مشاورات السويد مطلع الشهر الحالي، بشأن الحديدة وموانئها، وهو الاتفاق الذي رافقه اتفاق آخر على تبادل الأسرى والمفقودين في غضون 40 يوماً، إلى جانب اتفاق ثالث يتضمن تفاهماً حول فتح المعابر في تعز ووقف إطلاق النار.
ومن المرتقب أن يعقد كوملرت وفريقه مع ممثلي الطرفين الحكومي والحوثي أول اجتماع لهم غداً - بحسب المصادر الأممية - دون تحديد المكان الذي يمكن أن يشهد أول اجتماع.
ويزعم الحوثيون أن الاتفاق يمنح السلطات المحلية الحالية الموالية للجماعة الحق في إدارة المدينة والميناء إدارياً وأممياً، وهو ما ينفيه الجانب الحكومي الذي يرى أن المدينة والميناء ستصبح خاضعة للسلطات المحلية الموالية للشرعية، التي كانت قائمة قبيل الانقلاب في 2014، مع تبعية هذه السلطة الأمنية والإدارية للحكومة الشرعية في ظل الإشراف الأممي.
في غضون ذلك أطلق الناشطون اليمنيون في محافظة الحديدة مطالبات على مواقع التواصل الاجتماعي لرئيس الفريق الأممي من أجل الضغط على السلطات الحوثية لإعادة خدمات الإنترنت إلى المدينة وبقية مناطق المحافظة، التي كانت الجماعة منذ أسابيع أقدمت على فصلها مركزياً من صنعاء لعزل السكان عن العالم الخارجي، ومنعهم من رصد ما تقوم به من تحركات عسكرية وانتهاكات بحق المدنيين.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.