وزير الداخلية المغربي: بلدنا في مواجهة دائمة مع الإرهاب وما كنا نخشاه وقع

قال إن مرتكبي جريمة إمليل «ذئاب منفردة»

وقفة تضامنية أمام سفارتي الدنمارك والنرويج في الرباط تضامناً مع الضحيتين وتعبيراً عن رفض المغاربة المطلق للإرهاب (أ.ف.ب)
وقفة تضامنية أمام سفارتي الدنمارك والنرويج في الرباط تضامناً مع الضحيتين وتعبيراً عن رفض المغاربة المطلق للإرهاب (أ.ف.ب)
TT

وزير الداخلية المغربي: بلدنا في مواجهة دائمة مع الإرهاب وما كنا نخشاه وقع

وقفة تضامنية أمام سفارتي الدنمارك والنرويج في الرباط تضامناً مع الضحيتين وتعبيراً عن رفض المغاربة المطلق للإرهاب (أ.ف.ب)
وقفة تضامنية أمام سفارتي الدنمارك والنرويج في الرباط تضامناً مع الضحيتين وتعبيراً عن رفض المغاربة المطلق للإرهاب (أ.ف.ب)

قال عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية المغربي، إن الجريمة الإرهابية التي شهدتها منطقة إمليل بداية الأسبوع الماضي، أثبتت جدية وصوابية بلاده أنها في مواجهة دائمة مع التهديدات الإرهابية، مؤكداً أن ما كان يقلق المغرب «وقع بالفعل بوسائل بدائية بسيطة ومن مصادر غير متوقعة». وأضاف لفتيت في الجلسة الأسبوعية لمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، أمس (الاثنين)، أن الحادثة «برهنت مرة أخرى على أن الإرهاب لا وطن له، وقد يضرب في أي لحظة وحين».
وأفاد لفتيت بأن تبني العناصر الإرهابية لهذه الأساليب الجديدة عكْس القضايا السابقة التي عرفتها بلادنا «جاء نتيجة لنجاح السلطات الأمنية في تضييق الخناق على المجموعات الإرهابية، مما حد من قدراتها الإجرامية ودفعها إلى البحث عن وسائل أخرى لتنفيذ أهدافها الخبيثة».
ومضى موضحاً أمام نواب البرلمان أن لجوء المتطرفين إلى أسلوب «الذئاب المنفردة يكتسي خطورة بالغة تنبع من كون العناصر الإرهابية تتحرك في الظل وتتصرف وفق طبيعة المعطيات المحلية الخاصة بكل دولة وتتسلح بعامل يشكل أسوأ السيناريوهات المحتملة، وهو عنصر المباغتة والمفاجأة»، مبرزاً أن هذا الوضع يجعل الإرهاب «أكثر فعالية أحياناً من التنظيمات ذات الوسائل اللوجيستية والبشرية الكبيرة».
وشدد لفتيت على أن الحديث «لا يستقيم بأي شكل من الأشكال عن كون درجة المخاطر منعدمة مهما بلغ مستوى وعي الدولة والمجتمع بطبيعة الأخطار المحدقة بهما»، مجدداً التعبير عن إدانة بلاده بجميع شرائحها واستنكارها للفعل «الهمجي الوحشي الذي لا ينسجم وتقاليد المغاربة وبالأخص سكان المناطق التي وقعت فيها الجريمة».
واعتبر لفتيت أن الجريمة تؤكد أن التحديات الإرهابية بالبلاد خطر دائم ومستمر ما دام هناك «خطاب متطرف يَلقى له صدى ويتقاطع مع ما يتبناه بعض المتطرفين المحليين، وجماعة إرهابية تعمل جاهدة بشتى الوسائل على المس بأمننا الداخلي».
وزاد مبيناً أنه مهما بلغت درجة فعالية المقاربة المعتمدة من طرف الدولة لمحاربة الإرهاب فإنها تظل «دائماً معرضة للتشويش الدائم من إصرار البعض على تبني مقاربة انتهازية يجسدها سلوك بعض التيارات داخل الوطن وخارجه والتي تحرص على ترويج خطابات عدمية تزرع الإحباط وتنشر ثقافة التيئيس».
وشدد لفتيت على أن أول خطوة للقضاء على الإرهاب هي «وقاية مجتمعنا من المخاطر الناجمة عن استغلال الدين لتحقيق أغراض دنيئة بعيدة عن قيمه السمحة التي تعد أحد الروافد الأساسية للمثل الإنسانية السامية».
ودعا وزير الداخلية المغربي الأفراد والجماعات إلى «وجوب التحلي بخطاب واضح والالتزام بالثبات في المواقف بعيداً عن المتاجرة في القيم الأخلاقية، فلا وجود لمنزلة وسطى في حب الوطن. فحب الوطن لا يمكن اعتباره تنميقاً بلاغياً نلجأ إليه في المناسبات، والانتماء هو تجسيد للانتماء الحقيقي إلى بلد كامل لشعب بماضيه وحاضره ومستقبله وآفاقه».
ولم يقف وزير الداخلية عند هذا الحد، في إشارة إلى الجماعات الإسلامية والدعوية بالبلاد، دون أن يسميها، مؤكداً أن «غموض الخطاب المعتمد من طرف جهات معينة والتباسه حسب المصالح والمواقف، والسعي الدائم لبخس مجهودات الدولة يؤدي حتماً إلى فقدان الثقة بما يجمعنا وبنموذجنا المغربي المتميز المتشبع بفضائل الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والظلامية»، وأضاف أن هذا الخطاب «يدفع البعض إلى البحث عن ولاءات بديلة تقوم على الانغلاق والتعصب كمنهج، والعنف كممارسة».
وحذّر وزير الداخلية من صعوبة الوضع، حيث قال إن الالتحاق بـ«محور الشر والكراهية أصبح معبّداً أكثر من أي وقت مضى بسبب مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت كبدائل عن الاستقطاب المباشر في تجنيد الشباب ونشر الأفكار المتطرفة».
وشدد لفتيت على حاجة بلاده الملحة إلى «خطاب معتدل متوازن يزرع الأمل والتفاؤل في المجتمع خصوصاً فئة الشباب، ونشر قيم المواطنة وبناء شخصية المواطن الفاعل والواعي بدوره داخل المجتمع والنهج القويم»، لإزالة «كل أسباب الكراهية واليأس التي تتحول من خلال العنف والإرهاب إلى الكراهية والحقد والإضرار بالغير».
وكشف وزير الداخلية أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (مخابرات داخلية)، تمكن من توقيف جميع المتورطين في الحادث والبالغ عددهم 17 و«وضع حداً نهائياً للمشروع الإرهابي الذي كان المشبه بهم بصدد التخطيط لتنفيذه»، ونوه وزير الداخلية بجهود مختلف وسائل الأمن وتفاعلها مع الجريمة وما يقومون به من أجل الحفاظ على أمن المواطنين، في مواجهة التحديات.
وأوضح لفتيت أن الخلاصات الأولية من الجريمة «تبين أن الأمر لا يتعلق بتنظيم إرهابي كبير بل فقط بأفراد متشبعين بالفكر المتطرف قرروا ارتكاب هذه الجريمة فيما بينهم بوسائل بسيطة مستوحاة من الممارسات البشعة للتنظيمات الإرهابية»، مبرزاً أن المستوى التعليمي والثقافي البسيط لعب دوراً أساسياً في استقطاب هؤلاء الشباب نحو الإرهاب والتطرف.
وأبرز المسؤول الحكومي أن محاربة الإرهاب «ليست مسؤولية مقتصرة على مؤسسات الدولة فقط، بل هي مسؤولية مشتركة تدعونا جميعاً إلى تكثيف الجهود من أجل مواكبة التحديات التي تواجهها البلاد»، وحث لفتيت الساكنة المحلية على لعب «دور أساسي في محاربة هذه الظاهرة من خلال تكثيف التعاون مع السلطات المكلفة الأمن العام والتبليغ عن جميع الحالات المريبة والمثيرة للشك»، كما عبّر عن إشادته بدور المواطنين في إفشال العديد من المخططات الإرهابية، حسب تعبيره.
ودعا ممثلو الأمة وزارتي التعليم والأوقاف والشؤون الإسلامية إلى بذل المزيد من الجهود لحماية الشباب من براثن التطرف والإرهاب، ومنع غسل أدمغة الشباب كما طالبوا بمحاربة الهشاشة والفقر الذي اعتبروه من الأسباب التي تؤدي إلى التفكير في التطرف والمخدرات.
من جهته، قال العميد أبو بكر سبيك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني، إن هؤلاء الأربعة يمكن إدراجهم في إطار الإرهاب الفردي الذي أصبح قادة التنظيمات الإرهابية ينظرون إليه من خلال مجموعة من الفتاوى التي تبيح القيام بالعمليات الإرهابية دون ترخيص من القيادات، وجواز عدم اقتسام الغنائم المتحصلة من عملياتها مع المنظمات الإرهابية الأم.
ووصف سبيك المشتبه فيهم الأربعة بأنهم «ذئاب متفردة».
وأشار سبيك، الذي كان يتحدث في برنامج بثته القناة الثانية المغربية، الليلة قبل الماضية، إلى أن أبرز التحديات التي يواجهها الأمن في الآونة الأخيرة أصبحت تتمثل في مخاطر عودة المقاتلين من سوريا، بالإضافة إلى تنامي المحتوى الإرهابي على شبكات التواصل الاجتماعي، والرهان على العمليات المباشرة التي تؤدي إلى التجنيد السريع وتفريخ خلايا صغيرة من الذئاب المنفردة يمكنها القيام بعمليات من دون الرجوع إلى القيادات.
وقال سبيك: «هناك تحول في جغرافية الإرهاب وتحول في الأساليب المعتمدة»، مشيراً إلى أن المديرية العامة للأمن الوطني بالمغرب كانت سباقة إلى التحذير من هذا التحول، والذي جاء نتيجة تشديد الخناق على تنظيم داعش في معاقله التقليدية نتيجة الحرب عليه، وتقلص هامش الإمداد والاستقطاب لديه، الشيء الذي دفعه إلى البحث عن ملاذات أخرى.
وذكر سبيك أن تنظيم داعش يحاول التفرع عبر إرساء أقطاب إقليمية، كما هو الشأن في ليبيا أو في الساحل، حيث تسعى «إمارة الصحراء الكبرى» التي تضم نحو 360 مقاتلاً إلى نسج تحالفات مع القبائل وخلايا القاعدة.
وأضاف: «أصبحنا أمام تحدي مواجهة واستباق خطر غير متوقع، والمتمثل في شخص يمكن أن يخضع للاستقطاب السريع، ويمكن أن يرتكب عملية إرهابية بالإمكانيات والوسائل المتاحة، كما حدث في إمليل».
وبخصوص الخطر الذي يمثله المقاتلون العائدون من سوريا بالنسبة إلى المغرب، أشار سبيك إلى أن عدد هؤلاء يقدر بنحو 1669 مقاتلاً، تمكنت السلطات المغربية حتى الآن من توقيف 242 عائداً من بينهم. وأضاف أن المغرب عزز مراقبته للحدود، مشيراً إلى أن هؤلاء يأتون أحياناً عن طريق الجو باستعمال جوازات سفر مزورة، لكنهم أيضاً يحاولون التسلل عبر الحدود البرية الطويلة والتي تصعب مراقبتها. وأضاف أن السلطات الأمنية المغربية عممت قاعدة بيانات تضم صور وبصمات كل المقاتلين المغاربة بالخارج على المنافذ البرية والجوية للمغرب، وعددها 50 منفذاً. كما اعتمدت نظاماً معلوماتياً لتدبير شرطة الحدود والذي يتضمن القراءة الرقمية لوثائق السفر.
أما بخصوص المعتقلين السابقين في المغرب المحكومين في ملفات إرهابية، فأشار سبيك إلى أن عدد الذين قضوا عقوبتهم الحبسية من بين هؤلاء يصل إلى 2900 شخص. وقال: «عدد منهم خضعوا لعملية المصالحة وتراجعوا عن الأفكار المتطرفة، وهم الآن يساعدون في محاربة هذه الأفكار. بينما هناك آخرون لا نعرف شيئاً عن نياتهم، وبالتالي نعتبر أن منسوب الخطر لديهم مرتفع، لذلك هناك متابعة وعمل استعلاماتي دائم لتفادي أي مفاجأة».
وأكد سبيك أن المشاركين الفعليين في عملية إمليل هم أربعة عناصر، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية من التحقيق، والتي أدت إلى توقيف أشخاص آخرين، كانت في إطار بحث شمل ارتباطاتهم المفترضة والأشخاص الذين تقاسموا معهم جلسات الاستقطاب والتشبع بالفكر الإرهابي. كما أوضح أن الشخصين المعتقلين في بلدة شتوكة إيت بها (قرب أغادير) وفي ميدلت (وسط البلاد)، جرى توقيفهم بسبب الإشادة بالعملية الإرهابية. وأضاف: «هناك إجماع في المغرب على إدانة هذه العملية والتنديد بها، لكن للأسف هناك استثناءات أشادت بالعملية أو وصفت الضحايا بنعوت شنيعة في شبكات التواصل الاجتماعية، هؤلاء تقوم المديرية العامة للأمن الوطني بتعقبهم وتحديد هوياتهم».
وحول السهولة التي جرى بها اعتقال المشتبه به الأول في جريمة إمليل، أوضح سبيك أن دراسة مسرح الجريمة والتحريات الأولية لدى أصحاب سيارات الأجرة والسكان القريبين من موقع الحادث، بالإضافة إلى صور التقطتها كاميرات مأوى سياحي قريب، مكّنت رجال الأمن من تحديد هوية المشتبه الأول، والذي قاد التحقيق معه إلى الوصول إلى باقي المشتبه فيهم الثلاثة، واعتقالهم على متن حافلة لنقل المسافرين بالمحطة الطرقية لمدينة مراكش.



الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)

ندّد الأردن، اليوم (الأحد)، بقرار إسرائيل تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، معتبراً أنه «انتهاك فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار»، يهدد «بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع» الفلسطيني.

ونقل بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية عن الناطق باسمها، سفيان القضاة، قوله إن «قرار الحكومة الإسرائيلية يُعد انتهاكاً فاضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يهدد بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع»، مشدداً على «ضرورة أن توقف إسرائيل استخدام التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين والأبرياء من خلال فرض الحصار عليهم، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك».

من جانبها، عدّت قطر التي ساهمت في جهود الوساطة لإبرام الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، أن تعليق الدولة العبرية إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر هو «انتهاك صارخ» للاتفاق. وندّدت وزارة الخارجية القطرية في بيان بالقرار الإسرائيلي، مؤكدة أنها «تعدّه انتهاكاً صارخاً لاتفاق الهدنة والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وكافة الشرائع الدينية». وشدّدت على رفض الدوحة «القاطع استخدام الغذاء كسلاح حرب، وتجويع المدنيين»، داعية «المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى كافة مناطق القطاع».

وسلمت حركة «حماس» 33 رهينة لإسرائيل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي فلسطيني وانسحبت من بعض المواقع في قطاع غزة. وكان من المقرر أن تشهد المرحلة الثانية بدء مفاوضات الإفراج عن الرهائن المتبقين، وعددهم 59، بالإضافة إلى انسحاب إسرائيل تماماً من القطاع وإنهاء الحرب، بموجب الاتفاق الأصلي الذي تم التوصل إليه في يناير (كانون الثاني). وصمد الاتفاق على مدى الأسابيع الستة الماضية، على الرغم من اتهام كل طرف للآخر بانتهاك الاتفاق. وأدّت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني وتشريد كل سكان القطاع تقريباً وتحويل معظمه إلى أنقاض. واندلعت الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد هجوم شنّته «حماس» على إسرائيل، أسفر عن مقتل 1200، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.