تشهد دول الخليج في عام 2019 تنوعاً في مشروعاتها وخططها على المستويات السياسية والاقتصادية، وكذلك التنمية المعرفية والثقافية، ولعل البارز أن الدول كافة تسير في خططها للإصلاح والتنمية الفاعلة، وسيكون العام المقبل للبحرين فرصة إثبات تجاوز الأزمة المالية.
الإمارات ستفتتح عامها بالرياضة وكأس آسيا في تجمع هو الأكبر، وسيكون لمعرض «إكسبو2020» فرصة الاستطلاع قبل أن يبدأ عده التنازلي مع مرحلة للفضاء أكبر في صعيد الدولة، الكويت هي الأخرى لن يتنازعها سوى العلاقة بين المجلسين التشريعي والتنفيذي، في ظل الهواجس الدائمة بإمكانية حلّ مجلس الأمة (البرلمان)، وكذلك قدرة الدبلوماسية الكويتية للوصول إلى حلّ في قضايا عالقة، بينها الوصول إلى اتفاق بشأن المناطق المقسومة مع السعودية.
الإمارات... تسامح وفجر الفضاء
تستعد الإمارات في العام المقبل لإطلاق مبادرات متعددة حول مفهوم «التسامح»، التي ستخصص له حراكاً بهدف تعزيز قيم التسامح باعتبارها عملاً مؤسسياً مستداماً من خلال مجموعة من التشريعات والسياسات الهادفة إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبّل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة، خصوصاً لدى الأجيال الجديدة.
كما ستشهد البلاد في يناير (كانون الثاني) أيضاً إقامة بطولة كأس آسيا لكرة القدم التي ستكون بمثابة كأس آسيا السابعة عشرة، وهي بطولة كرة القدم الدولية للرجال التي ينظمها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم كل أربع سنوات، حيث ستكون لأول مرة، يلعب البطولة النهائية لكأس آسيا 24 فريقاً، بعد أن تم توسيعها من 16 فريقاً الذي تم استخدامه من عام 2004 إلى عام 2015.
تترقب البلاد دخولها في قائمة الدول المهتمة بالفضاء عندما ينطلق أول رائد فضاء إماراتي في شهر أبريل (نيسان) إلى الفضاء في مهمة مدتها عشرة أيام، ضمن بعثة فضاء روسية إلى محطة الفضاء الدولية على متن مركبة «سويوز إم إس – 12» الفضائية.
وتم اختيار رائدي فضاء إماراتيين، هما هزاع المنصوري وسلطان سيف النيادي، بالتعاون مع وكالة الفضاء الروسية «روسكوسموس»، وذلك من بين 4000 شاب وشابة إماراتيين تقدموا للاختبارات، ضمن برنامج الإمارات لرواد الفضاء، الهادف إلى تأهيل وإرسال رواد فضاء إماراتيين إلى الفضاء الخارجي لتنفيذ مهام علمية.
كما يشهد شهر أبريل المقبل العد التنازلي لانطلاق المعرض الدولي «إكسبو2020»، الذي سينطلق في العاشر من شهر أبريل 2020، حيث تعمل دبي على بناء مدينة متكاملة لاستضافة الحدث، الذي يتوقع أن يكون أفضل نسخة، والتي تشير التوقعات إلى استقطابه نحو 25 مليون زائر يتوافد 70 في المائة منهم من خارج الدولة، ويقام على مساحة 438 هكتاراً في «مركز دبي التجاري - جبل علي» في الطرف الجنوبي الغربي لإمارة دبي.
البحرين... الاقتصاد هرم أكبر
ستشهد البحرين في عام 2019 تحولات سياسية واقتصادية عدة، أبرزها في الجانب السياسي وصول أول سيدة بحرينية إلى رئاسة البرلمان البحريني، حيث نجحت النائبة فوزية زينل في الوصول إلى رئاسة مجلس النواب، الغرفة الأولى للبرلمان.
في الجانب الاقتصادي، يتوقع أن يواصل الاقتصاد البحريني معدلات النمو التي تتصاعد منذ سنوات عدة؛ فالحكومة البحرينية نجحت في تجاوز أزمة مالية خانقة خلال النصف الثاني من العام الحالي بمساعدة كل من السعودية، والإمارات، والكويت.
لذلك؛ سيجنب برنامج التوازن المالي في 2019، المنامة حالة عدم التوزان بين الموارد والمصروفات، ويستمر البرنامج الذي خصصت له الدول الثلاث 10 مليارات دولار حتى نهاية عام 2022، كذلك ستبدأ البحرين في تطبيق نظام الضريبة المضافة من بداية العام.
وتشهد شركة ألمنيوم البحرين (ألبا)، التي ستصبح قريباً أكبر مصهر للألمنيوم في العالم في موقع واحد، مختلف الأنشطة والأعمال التي تمهد الطريق لإنتاج أول معدن منصهر بتاريخ 1 يناير 2019 في خط الإنتاج السادس قبل الموعد المخطط له بستة أشهر وبتكلفة تبلغ 3 مليارات دولار أميركي. وسيعزز خط الإنتاج السادس لشركة «ألبا» الطاقة الإنتاجية السنوية بإضافة 540 ألف طن متري؛ مما سيرفع إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركة إلى 1.5 مليون طن متري سنوياً.
وفي قطاع النفط، يتم العمل على عدد من المشروعات المهمة، وعلى رأسها اكتشاف حقل خليج البحرين الغني بالنفط الصخري الخفيف والغاز الذي تم الإعلان عنه في أبريل من 2018، والذي يعد أكبر اكتشاف في تاريخ البحرين، كذلك مشروع تحديث مصفاة شركة نفط البحرين (بابكو) بقيمة تبلغ 4.2 مليار دولار، التي ستزيد من الطاقة الإنتاجية من 267 ألف برميل يومياً على 380 ألف برميل يومياً، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من المشروع خلال أربع سنوات.
الكويت... حكايا بين السلطات
مع تراجع التهديدات الأمنية والإقليمية، تبرز في الكويت ثمة تحديات رئيسية لعام 2019، أولى تلك التحديات هي مواجهة الفساد الذي تعهدت الحكومة بمكافحته، وفي ملف المنطقة المقسومة، استبق وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، تباشير العام الجديد (2019) بالإعلان في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018، أن بلاده والسعودية ستتوصلان في القريب العاجل إلى اتفاق بشأن موضوع المنطقة المقسومة.
وتراجعت التحديات الأمنية، وبخاصة بعد هزيمة تنظيم داعش في العراق، الذي شكّل مصدر تهديد مستمراً لدولة الكويت المجاورة، ونجحت السلطات في الحد من تنامي التأثير المتطرف للجماعات المتشددة، بما في ذلك حرمانها من مصادر الدعاية والتنظيم وفرض رقابة على تدفق الأموال.
لكن التحديات الأشد ستكون على ما يبدو خلال العام المقبل داخلية، تتعلق أولاً بالمشكلات الاقتصادية، الناجمة عن تراجع أسعار النفط، يذكر أن الكويت أعلنت نهاية يوليو (تموز) 2018، أن الميزانية العامة سجلت عجزاً فعلياً بلغ 3.247 مليار دينار (10.73 مليار دولار).
أما التحدي الآخر، فهو ملف الفساد، ففي أواخر فبراير (شباط) 2018، وضع تقرير منظمة الشفافية الدولية بعنوان: «مؤشر مدركات الفساد لعام 2017»، الكويت في المرتبة الـ85 من أصل 180 دولة في المؤشر، حيث تراجع ترتيبها من المرتبة الـ75 دولياً في 2016، كما تراجع موقع الكويت عربياً من المرتبة الـ7 عام 2016 إلى المرتبة الـ8 عام 2017.
العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تبقى مصدراً للتوتر الداخلي، وسط توقعات بإمكانية اللجوء إلى حل مجلس الأمة إذا ساءت العلاقة بين السلطتين.
ورغم تحذير أمير الكويت أعضاء المجلس من الذهاب إلى توتير العلاقة مع الحكومة، منتقداً نواباً بـ«تجاوز الدستور»، والسعي للتكسب الانتخابي وتحقيق مصالح شخصية.